نيويورك | نعت الكنيسة الأرثوذكسية، أمس، مطران أميركا الشمالية المتروبوليت فيليب صليبا. وعرف المطران صليبا بأنه من أكثر الشخصيات المسيحية تمسكاً بانتمائه العروبي، رغم أنه أمضى معظم سنيّ عمره متنقلاً في بلاد الاغتراب، بين أوروبا وأميركا الشمالية، منذ خمسينيات القرن الماضي. وهو بنى جسوراً متينة بين الطائفة الأرثوذكسية والطوائف المسيحية والإسلامية على أسس تكامل الأديان السماوية وإجماعها على العدالة والتسامح.
وهو أسف، في مقابلة مع «الأخبار» أخيراً، «لأن هناك مسيحية ولكن ليس هناك مسيحيون، وهناك إسلام وليس هناك مسلمون». وقال: «لو قرأ المسلمون قرآنهم، خصوصاً سور آل عمران والمائدة ومريم، لما أقدموا على أعمال الخطف والقتل والأمور المشينة الأخرى».
كان قلق صليبا كبيراً على المشرق. ووصف «الربيع العربي» بأنه «خريف غضب أصفر». كره الاقتتال بالسلاح والشعارات أو حتى بحرق الإطارات وإقفال الشوارع، كما كره العتمة الفكرية، عشق هواء التسامح والمحبة والحوار، والحرية والديموقراطية التي رأى أن الشرق لم يتمرس عليها بعد.
قلق على مستقبل المسيحيين في العالم العربي من نهوض تيارات إسلامية متعصبة في سوريا ولبنان والعراق وغيرها من الدول. وقال لـ«الأخبار»: «سنتشبث، نحن المسيحيين، بالشرق وسنناضل حتى النهاية لكي يبقى المسيحيون شهوداً على حضارتهم وتراثهم العظيم، على الحضارة التي أسهموا في بنائها قبل مجيء الإسلام، ولا يمكن أحداً أن يقتلعنا من هذه المنطقة».
خلال السنوات الثلاث من عمر الأزمة السورية، كانت للمطران صليبا وقفاته واتصالاته من أجل وقف التدخل الأجنبي، ولا سيما الأميركي، لتأجيج الصراع. وبعد خطف مطراني حلب يوحنا إبراهيم وبولس اليازجي، كان له لقاء بسفير الولايات المتحدة السابق في دمشق روبرت فورد، وسأله «أين المطرانان يا سعادة السفير؟»، فأجابه الأخير: «آسف. ليست لدي أنباء طيبة عنهما. لا أعلم شيئاً عنهما». وقال صليبا لـ«الأخبار»:«لقد كان يكذب. أعتقد أنه يدري وأن الـ سي آي إيه تدري وكذلك المجتمع الدولي، لكنهم لا يأبهون. والمسيحية الغربية وغير المسيحية الغربية والمجتمع الدولي لا يأبهون بما نعاني منه في سوريا خصوصاً». واتهم الولايات المتحدة بالوقوف وراء تدمير سوريا، مشيراً إلى أن «حكومتنا (الولايات المتحدة) هي التي تمدّ المتمردين في سوريا بالأسلحة من أجل أن تمتد هذه الحرب العبثية السخيفة العديمة المعنى». ورأى أن هناك مؤامرة كونية ضد سوريا لأنها متفقة مع إيران ومع حزب الله.
كان المطران صليبا معجباً بالمقاومة في لبنان، وبانتصارها في تموز 2006، وشدد على أنه يريد أن يكون هناك المزيد من انتصارات تموز على العدو. كتب شعراً في المقاومة، وكانت له قصيدة عن الشهيدة سناء محيدلي يحفظها ويرددها كلما تحدث عن البطولات في الشرق.
ولد المطران فيليب صليبا في بلدة أبو ميزان اللبنانية في 10 حزيران 1931، وكان الرابع بين خمسة أبناء. درس الابتدائية في مدرسة الشوير وأكمل تعليمه في أبرشية البلمند الأرثوذكسية قرب طرابلس، من ثم أنهى دراسته الثانوية في مدرسة حمص الأرثوذكسية.