حصيلة جديدة من القتلى السوريين سُجلت أمس، على وقع دعوة الرئيس بشار الأسد إلى «الاطلاع المباشر على حقيقة الأوضاع»، بينما انطلقت جلسات الحوار على مستوى المحافظات، بانتظار زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية لسوريا غداً

دمشق تفتح سجنها المركزي للصليب الأحمر



شدد الرئيس السوري، بشار الأسد، أمس، على «أهمية الاطلاع المباشر على حقيقة الأوضاع في سوريا، وخصوصاً في ظل التشويه الإعلامي الكبير لهذه الحقائق»، فيما يرتقب وصول الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، غداً إلى دمشق. كذلك رحّب الأسد، خلال لقائه برئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كلينبرغر والوفد المرافق له، بعمل اللجنة الدولية، «ما دامت مستقلة وتعمل بموضوعية بعيداً عن التسييس». أما أولى نتائج لقاء اللجنة بالأسد، فكانت فتح السلطات السورية سجن دمشق المركزي أمام مندوبين من اللجنة للمرة الأولى منذ اندلاع حركة الاحتجاجات.
وتزامن السماح للجنة بالدخول إلى سجن دمشق مع مواصلة الأجهزة الأمنية السورية عملياتها العسكرية، ما أدى إلى مقتل 13 شخصاً على الأقل بحسب مصادر المعارضة. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الناطق باسم «لجان التنسيق المحلية في سوريا» عمر إدلبي، قوله إن تسعة أشخاص قُتلوا، بينهم سبعة في حمص وريفها، فضلاً عن انتشار الحواجز الأمنية في معظم أحياء المدينة، بينما أكّد «المرصد السوري لحقوق الانسان» أن عدد القتلى وصل إلى 13.
كذلك، تحدثت وكالة «يونايتد برس إنترناشونال» عن مقتل 3 عمال وجرح 28 آخرين على الأقل، حالة بعضهم خطرة، في إطلاق نار استهدف حافلة تقل عمالاً في شركة النفظ السورية في حمص، فيما أشار موقع «شام برس» إلى أن إطلاق النار تزامن مع الزيارة التي كان يقوم بها حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض للمدينة في إطار جولة تستمر لثلاثة أيام، وتخللها لقاء مع رئيس مجلس الشعب محمود الأبرش، أكد خلاله «أن عملية الإصلاح انطلقت، وهي مستمرة لبناء سوريا الحديثة». من جهته، أشار «المرصد السوري» إلى قيام تعزيزات عسكرية بالدخول إلى حي الخالدية واعتقال ما لا يقل عن 80 شخصاً، فضلاً عن اقتحام المدرعات حي باب الدريب.
وفي محافظة إدلب، أشار المرصد إلى اقتحام قوات عسكرية قرية خان السبل وتنفيذ حملة دهم واعتقالات أدت إلى اعتقال نحو 70 شخصاً، وجرح ثلاثة. بدورها، أفادت لجان التنسيق المحلية بأن «قوات الأمن اقتحمت بلدة السبيل في معرة النعمان الواقعة في ريف إدلب، وتحدثت عن «اكتشاف مقبرة جماعية تحوي سبع جثث متفسخة على الأقل قرب قرية الرامي الواقعة في جبل الزاوية»، لافتةً إلى أن «الأهالي حاولوا انتشالها، إلا أن قوات الجيش طاردتهم وانتشرت بكثافة في المنطقة»، فيما نقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصدر أمني قوله إن خاطفي المدعي العام لمدينة حماه، عدنان البكور، الذي تحدثت قناة «العربية» عن فراره إلى قبرص، نقلوه إلى منطقة جبل الزاوية في محافظة إدلب للتضليل والتمويه، مشيرةً إلى أن الجهات الأمنية المختصة تتعقب كافة التحركات للوصول إليه. وفي السياق، نفى المكتب الإعلامي في محافظة حماه لموقع «شام برس» «ما تتناقله بعض القنوات الفضائية المغرضة عن اقتحام المدينة من قبل عناصر الجيش والأمن»، وذلك بعدما تحدثت وكالات الأنباء العالمية عن أنّ «قوات من الجيش والأمن عاودت اقتحام المدينة وأطلقت النيران بكثافة من الأسلحة الثقيلة».
وعلى الحدود التركية ـــــ السورية، أوردت قناة «تي تي في» ومصدر محلي تركي أن الجيش السوري هاجم قريتي عين البيضا وخربة الجوز، ما أدى إلى إصابة العديد من المدنيين، وأجبر ما يقارب 700 شخص على الفرار إلى تركيا. في المقابل، نقلت وكالة «فرانس برس» عن سكان ونشطاء قولهم إن القوات السورية قتلت مدنياً واحداً في أثناء عبوره إلى الأراضي التركية. أما وكالة الأنباء الرسمية «سانا»، فذكرت أنه جرى تشييع «جثامين 11 شهيداً من الجيش والقوى الأمنية والمدنيين الذين قضوا برصاص المجموعات الإرهابية المسلحة في إدلب وحمص».
في موازاة العمليات الميدانية، شهدت المحافظات السورية أمس انطلاق جلسات الحوار الوطني على مستوى المحافظات، وتحديداً في دمشق والقنيطرة، على وقع تشكيك المعارضين بجدوى الخطوة، بعدما رأوا أن المشاركين «ليسوا مؤهلين لبحث الأزمة الأساسية القائمة في سوريا». ووصفت أوساط في المعارضة السورية في حديث لوكالة «آكي» الإيطالية، المحادثات المقرر أن تستمر لغاية العشرين من الشهر الجاري، بأنها «تشويه للحوار»، لافتين إلى أن ما ستقوم به الحكومة السورية ليس حواراً مركزياً على قضايا أساسية تتعلق ببنية النظام وبنية الدولة، «بل هو حوار مع ممثلي المجتمع الأهلي في المحافظات يدور حول قضايا مطلبية في معظم الأحوال». وشددوا على أن من سيشارك في الحوار «ليسوا مؤهلين لبحث الأزمة الأساسية القائمة في سوريا، وخصوصاً ما يتعلق منها بتغيير الدستور وتغيير الأنظمة العامة والقوانين وتحويل النظام». ووفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام السورية، تتألف اللجان التحضيرية للحوار في كل محافظة وجامعة من ممثلين عن الأحزاب والحكومة والمستقلين والمعارضة، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع الاهلي. وتتركز جلسات الحوار الوطني في ثلاثة محاور رئيسية تشمل محور الحياة السياسية والإصلاح السياسي المنشود، والمحور الاقتصادي الاجتماعي، ومحور احتياجات المحافظة والرؤية المحلية لتطويرها.
في غضون ذلك، كان لافتاً خلال الساعات القليلة الماضية، تواتر الإطلالات الإعلامية لنائب الرئيس السوري السابق، عبد الحليم خدام، لدعوة المجتمع الدولي إلى التدخل العسكري في سوريا. ووجه خدام رسالة إلى «الأبناء الأشاوس المكافحين من أجل حرية الوطن وكرامته» في سوريا، انتقد فيها «بعض الأصوات المطالبة بإرسال مراقبين دوليين عوضاً عن التدخل العسكري»، مشيراً إلى أن «التدخل العسكري لا يعني الاحتلال... بل يعني مساعدة الشعوب في التخلص من أنظمتها القمعية والفاسدة». كذلك شن خدام في حديث لـ«راديو سوا» الأميركي، هجوماً شرساً على أطراف المعارضة السورية، وقال إنها لا تمثل الشعب، وأضاف: «هناك سؤال أوجهه إلى المعارضين الذين يعترضون على التدخل العسكري، وهذا السؤال هو: بقيتم في المعارضة 40 عاماً تحاربون هذا النظام، فهل غيرتم حالة من أحواله؟».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز، الأخبار)

■ ■ ■

وفود سوريّة رسميّة ومعارِضة إلى روسيا



زحمة لقاءات تشهدها موسكو قريباً تحت عنوان واحد: سوريا. معارضون وممثلون عن الحكم يزورون روسيا تلبيةً لدعوات رسمية، من دون أن ترشح معلومات جدية عن مضمون ما ينتظر الوفود السورية
تتجه الأنظار خلال الأيام المقبلة إلى روسيا، التي تستعد لاستقبال وفود سورية، رسمية ومعارِضة، للتباحث معهم في سبل إنهاء الأزمة في البلاد المستمرة منذ شهر آذار الماضي. وذكرت مصادر سورية أن المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان ستقوم بزيارة للعاصمة الروسية، موسكو، الأسبوع المقبل لإجراء عدة لقاءات مع المسؤولين الروس. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية «كونا» عن مصادر مطلعة، لم تحدد هويتها، قولها إن «شعبان ستصل إلى موسكو في العاشر من الشهر الجاري لإجراء سلسلة من المباحثات مع المسؤولين الروس، حيث من المقرر أن تعقد مباحثات مع مسؤولين في وزارة الخارجية الروسية ومجلس الدوما والمجلس الفدرالي»، وذلك بعد أيام فقط من إيفاد الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوجدانوف إلى دمشق نقل خلالها رسالة للرئيس السوري بشار الأسد تضمنت تأكيداً روسياً لرفض التدخل الخارجي في الشؤون السورية. في المقابل، نسبت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية إلى مصدر في المعارضة السورية قوله إن وفداً يضم عدداً من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان السوريين يستعد لزيارة موسكو بعد غد الخميس، تلبيةً لدعوة من رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الشيوخ الروسي ميخائيل مارغيلوف. ووفقاً للمصدر، سيضم الوفد ممثلين عن مختلف مكونات المجتمع السوري الإثنية والثقافية، وسيكون برئاسة رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان عمار القربي. ولفت المصدر إلى أن جدول أعمال الوفد سيتضمن بالإضافة إلى المحادثات مع مارغيلوف، عقد لقاءات مع برلمانيين ومسؤولين روس. يُذكر أن هذه الزيارة الثانية لمعارضين سوريين إلى موسكو، بعدما أجرى وفد ضم ستة أشخاص برئاسة رضوان زيادة محادثات مع مارغيلوف قبل نحو شهرين.
في غضون ذلك، أكد نائب وزير الخارجية الإيراني، حسن قشقوي، «أن إيران واثقة من أن شعب سوريا وحكومتها قادران (على التوصل إلى تسوية للأزمة) عبر الحوار وبالامتناع عن اللجوء الى العنف».
أما الصين فدعت جميع الأطراف في سوريا إلى التزام «أقصى درجات ضبط» النفس لتفادي سقوط المزيد من الضحايا، وحثت الحكومة السورية على تنفيذ تعهداتها بالإصلاح. كذلك دعت «كلّ الأطراف في سوريا إلى المشاركة في العملية السياسية بطريقة فعالة، وحلّ الخلاف الحالي من خلال الحوار والحفاظ على الاستقرار في البلاد والمنطقة».
في المقابل، رأى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أن الرئيس السوري بشار الأسد فقد كل شرعيته وعليه التنحي.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)

■ ■ ■

حملة ردود إعلاميّة رسميّة سوريّة على أمير قطر

لم تمرّ تصريحات أمير قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، بشأن الأحداث في سوريا وتأكيده أن حركة الاحتجاج ضد النظام لن تتراجع، من دون رد سوري، وإن اتخذ صيغة غير رسمية من خلال الوسائل الإعلامية التي عدّت خطابه تحريضياً، واتهمته «بصب الزيت على النار». وبعد أيام من تأكيده أن الحل الأمني في سوريا فشل ودعوته القيادة السورية إلى «استنتاج ضرورة التغيير بما يتلاءم مع تطلعات الشعب السوري» في أعقاب زيارة خاطفة قام بها لإيران، أشار أمير قطر في مقتطفات بثتها قناة الجزيرة من مقابلة أجرتها معه في باريس، إلى أن «الشعب السوري لن يتراجع عن مطالبه». وأضاف حمد، الذي نفت مصادر مقربة منه ما أشيع عن تعرضه لمحاولة اغتيال ومقتل 8 من مرافقيه: «نحن الآن في الشهر الخامس، والقتل شبه يومي، وهو ما يظهر أن الاحتجاجات متواصلة»، لافتاً إلى أن «السؤال المطروح الآن هو كيفية الخروج من هذا الانسداد الداخلي الحاصل في سوريا». يُذكَر أن المقابلة مع أمير قطر لم تقتصر على الشأن السوري، بل تناولت القضية الفلسطينية، حيث أكّد حمد أن بلاده تدعم الفصائل الفلسطينية، «وهو ما يزعج إسرائيل».
في غضون ذلك، سارعت وسائل إعلام سورية رسميّة إلى انتقاد تصريحات أمير قطر ووصفتها بأنّها «تحريضية» و«تشجّع على الفوضى» في سوريا، فيما لم يصدر أي موقف رسمي من الموضوع. ورأت قناة «الإخبارية» الحكومية السورية، أنّ تصريحات الشيخ حمد «تشجّع على الفوضى، وتخدم سياسات أعداء سوريا، وتستهدف الشعب السوري المسالم والأصيل». بدوره، وصف التلفزيون الرسمي السوري، هذه التصريحات بأنّها «تصب الزيت على النار»، ورأى أنّ هدفها «التحريض على سوريا، وإحداث غطاء عربي لتدخل «حلف شماليّ الأطلسي» في سوريا»، على حد وصفه. وكانت قطر أول دولة عربية اتخذت قراراً باستدعاء سفيرها من دمشق للتشاور في التاسع عشر من تموز الماضي، وعلّقت عمل سفارتها في دمشق إلى أجل غير مسمى بعد تظاهرات نظمها شبان سوريون موالون للنظام السوري أمام مقرها، احتجاجاً على موقف الدوحة من الأحداث التي تجري في البلاد، واعتراضاً على تغطية قناة «الجزيرة» للأحداث. وتتهم السلطات السورية قناة «الجزيرة» بالقيام بحملات إعلامية ضد سوريا، تتضمن «التضليل الإعلامي» والاستعانة بـ«شهود عيان الزور». ونتيجة هذا التوتر، ألغت قطر عقوداً للاستثمار في سوريا، وتحديداً في مجال توليد الكهرباء.
(أ ف ب، الأخبار)