مع قرب انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وغموض مصير الاستحقاق الرئاسي، تناقل سياسيون من مختلف الانتماءات السياسية امس معلومات صادرة من القصر الجمهوري، تفيد بأن وزير الخارجية جبران باسيل قدم إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان عرضاً يقضي بقبول تكتل التغيير والإصلاح تمديد ولاية سليمان عاما واحدا، في مقابل أن يعيّن مجلس الوزراء قائداً جديداً للجيش، هو العميد شامل روكز. وبحسب مقربين من سليمان، فإنه رفض هذا العرض، قبل أن يبعث برسالة إلى قائد الجيش العماد جان قهوجي وإلى سياسيين من فريقي 8 و14 آذار، يقول فيها إنه رفض «صفقة التمديد مقابل قهوجي». واكّد مقربون من سليمان، ومصادر في التيار الوطني الحر هذا العرض، لكن التدقيق فيها الذي أجرته القوى المعنية بالانتخابات، سواء في 8 آذار او في 14 آذار او من «الوسطيين»، أظهر «حقيقة ما جرى»، وهو ان باسيل حمل إلى سليمان احتجاجاً عونياً على اقتراح تعيين ثلاثة اعضاء جدد في المجلس العسكري للجيش.
وقال باسيل لسليمان إن تكتل التغيير والإصلاح يرفض اقتصار التعيين على اعضاء المجلس العسكري، وانه يريد تعيين قائد جديد للجيش بدلاً من قهوجي «الذي جرى التمديد له خلافاً للقانون»، لكن سليمان رفض العرض العوني، فانتهت القصة بسحب بند تعيين اعضاء المجلس العسكري من جلسة مجلس الوزراء امس.
في الاثناء، بدأت قوى 14 آذار حراكاً مستجدا إلى الخارج، بسفر الرئيس فؤاد السنيورة الى الرياض، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى باريس، أشيع أن هذه الزيارة تأتي ضمن جولة تشمل دولاً غربية وعربية، إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ «الأخبار» ان زيارة جعجع إلى باريس جرت باستدعاء فرنسي، للبحث في موضوع الاستحقاق الرئاسي، وفي رؤيته لكثير من المسائل السياسية والاقتصادية، ولا سيما موضوع النفط في لبنان، ونظرته إلى الأوضاع والمشاكل الإقليمية. وقد سبقه إلى العاصمة الفرنسية للغاية نفسها والاستدعاء ذاته مرشحان رئاسيان آخران. وأشارت المصادر إلى أن السلطات الفرنسية تنظم للمرشح لقاءات بمستشارين في الرئاسة الفرنسية، وفي وزارة الخارجية، وفي جهاز الاستخبارات الفرنسية الخارجية.
ومحلياً، أطل الرئيس سليمان على الاستحقاق الرئاسي من خلال توجيهه رسالة الى المجلس النيابي، بواسطة رئيس المجلس نبيه بري، يطلب بموجبها، واستنادا الى الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور، العمل بما يفرضه الدستور، وما توجبه القوانين لاستكمال الاستحقاق الدستوري «تفاديا للمحاذير والمخاطر التي قد تنشأ جراء عدم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قبل الخامس والعشرين من شهر ايار الجاري». إلا أنه ليس للرسالة سوى قيمة معنوية، ولا تلزم المجلس النيابي والنواب بشيء.

فلتشر في السعودية

من جهة أخرى، زار السفير البريطاني في لبنان طوم فلتشر ـــ بعد السفير الاميركي ديفيد هيل ـــ السعودية، وعقد اجتماعات تناولت في جانب منها ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان. ونقل عن فلتشر قوله إن المسؤولين السعوديين لا يزالون يرفضون اعطاء موقف حاسم من المرشحين، أو من صيغة للتسوية، ويكررون القول إن حلفاءهم في لبنان هم من سوف يقرر النتيجة. فاذا ارادوا السير في تسوية او دعم مرشح من فريق آخر، آو التخلي عن مرشحهم الحالي، او البحث عن مرشح وسطي، فهذا امر متروك لهم، ونحن سوف ندعمهم.

باريس تستدعي
مرشحين للرئاسة للقاء مستشارين في الإليزيه والخارجية والاستخبارات

وأفادت المصادر أن السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري مكلف الاستماع الى اي وجهة نظر ترده من سياسيين ورسميين لبنانيين، لكن ليس عنده ما يقوله سوى هذا الموقف. واشارت المصادر إلى أن السفير البريطاني عبر عن تشاؤمه بامكانية التوصل الى اتفاق ينتج رئيسا في وقت قريب، مبديا خشيته من عناصر اقليمية تدفع بالاستحقاق الى شهور اضافية. وقال إن بلاده تتواصل مع الجميع بقصد المساعدة على حصول الانتخابات.
وفي هذا السياق، نقل عن مساعدين للسفير الاميركي رفضه اتهامات فريق من 14 اذار بانه يعمل على تسويق العماد عون للرئاسة الأولى. وقال هؤلاء «إن مشكلة بعض قوى 14 اذار معنا، تنطلق من كونهم تعودوا أن تكون السفارة مكتبا لهم فقط. بينما يعمل السفير هيل على اعادة التواصل مع جميع القوى اللبنانية ذات التأثير الحقيقي. وان اللقاءات مع العماد عون تندرج في هذا السياق، إضافة الى كون الاخير مرشحا جديا للرئاسة، وهو يمثل تيارا سياسيا واسعا، يتجاوز تمثيله المسيحي القوي اصلا».
ونفى مقربون من السفير ان يكون هناك « فيتو» قد صدر من اي جهة على ترشيح عون، وقال هؤلاء: «صحيح أن عون لم يحصل على وعد او دعم حاسم لترشيحه من قبل تيار المستقبل او السعودية او فرنسا، لكن هذه الاطراف لم تقل له «لا» حتى الآن».
وكان السفير عسيري قد عرض مع البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي العراقيل التي تعترض انجاز الاستحقاق. من جهته، أكد نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «اننا متمسكون بانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، ومقتنعون بأنه لا يمكن انتخاب رئيس من دون اتفاق، لان مستوى الحدة بين 8 و14 آذار كبيرة، لذلك لا بد من الاتفاق». وأوضح في مقابلة مع قناة الميادين ضمن برنامج «الجمهورية 2014»، «أننا لم نعلن حتى الآن الاسم الذي نطرحه لرئاسة الجمهورية، وذلك لإعطاء فرصة للاتفاقات العملية». وقال «إذا جرى الاتفاق مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون على اسم الرئيس، فعندها سنسير بهذا الاتفاق، وإذا لم يجرِ فعندها لكل حادث حديث»، لكنه استبعد حصول الانتخاب في المهلة الدستورية.
ورأى قاسم ان «تيار المستقبل يحتاج إلى بعض الوقت قبل إطلاق تواصل جدي مع حزب الله»، مشيرا إلى ان العلاقة بين الحزب الله والتيار ستؤدي إلى أجواء إيجابية في البلاد، وأكد انه «ما من قطيعة بين حزب الله وتيار المستقبل، لكن حتى الآن لا حوار جديا بيننا»، لافتا الى ان «موضوع سلاح حزب الله غير مطروح الآن، والحزب اليوم مرتاح وقوي ويحظى بالاحترام».
من ناحيته، أشار عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب آلان عون، إلى ان التكتل قد يشارك في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل لدفع الأمور إلى معطى جديد.

سلام إلى الرياض الاثنين

على صعيد آخر، أبلغ رئيس الحكومة تمام سلام مجلس الوزراء أنه سيرأس وفدا رسميا الاثنين الى السعودية. وأشار وزير الاعلام بالوكالة محمد المشنوق إلى أن المجلس، الذي عُقد في السرايا الحكومية برئاسة سلام، بحث موضوع اللاجئين والأساليب الأنجع لمعالجة موضوع تضخم أعدادهم، كما أقر المجلس خفض بعض تعريفات التخابر على الخطوط الخلوية، وخفض كلفة الانترنت.
وفي التعيينات، لفت المشنوق الى تمديد تعيين معين حمزة امينا عاما للمجلس الوطني للبحوث العلمية لمدة سنتين، وتعيين ياسر ذبيان رئيسا لمجلس الادارة ومديرا عاما للمؤسسة العامة للأسواق الاستهلاكية، وفيصل شاتيلا رئيسا لمجلس ادارة مستشفى بيروت الحكومي ومديرا له، ويحيى خميس مديرا عاما لتعاونية موظفي الدولة.