لم تكن تمارا حريصي، أمس، تلك الفتاة التي كانت قبل 3 أسابيع. كانت فرحة، برغم الندوب التي لم تنطفئ بعد في وجهها الملائكي، والتي كانت قد مكثت بسببها أياماً في مستشفى الزهراء. فرحة «ما بتعطيها لحدا»، تقول شقيقتها حنان. تمارا، الشابة التي عانت عاماً ونصف عام بسبب عنف زوجها حسين ف. تفرح اليوم بتسعة أشهر «أهداها إياها القضاء في مجتمع ذكوري لم تكن تمارا لتحصّل فيه شيئاً»، تتابع حنان.

فهي اليوم حرّة، وإن مؤقتاً، بعد صدور الحكم القضائي بحق زوجها، معنّفها، من الجلسة الأولى. فأمس، وبعد أقل من ساعة من استجواب المتهم بتعنيف تمارا، حسين ف. أصدر القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا حسن حمدان الحكم القاضي برد طلب إخلاء السبيل الذي كان قد تقدم به محامي المدعى عليه «بسجنه لمدة تسعة أشهر وتدريكه غرامة مالية بقيمة عشرين مليون ليرة لبنانية عقوبةً على اقترافه جرم الضرب والإيذاء».
حكم كهذا يريح تمارا. فهي لم تكن تحلم بذلك الترف: 9 أشهرٍ بلا خوف. 9 أشهر مع ابنتها تستطيع أن تعيش فيها بحرية وأن تسعى خلالها إلى الحصول على الطلاق. لكن الخوف لم يسقط بعد. في قلب تمارا الذي عانى عاماً ونصف عام ذكريات مؤلمة عن زوجٍ رمى بزوجته وابنته التي لم تكن قد بلغت بعد شهرها الرابع تحت المطر في ليل قارس. كلها تحسب لها حسابات تمارا. فبعد تسعة أشهر ما الذي يمكن أن يحصل؟ ولم صدر الحكم بجرم ضرب وإيذاء وليس بجرم محاولة القتل، والكل يعرف كيف هربت تمارا من الموت قبل ثلاثة أسابيع؟ ما الذي حصل أمس في الجلسة؟
تقول ليلى عواضة، المحامية في جمعية «كفى عنف واستغلال»، إن «تمارا في أول إفادة لها تحدثت عن الاعتداء بالضرب، ربما لم تستطع التعبير كفاية عن محاولة القتل، علماً أنها أمام وسائل الإعلام قالت إنه حاول قتلها، وعلى هذا الأساس رفع المحضر إلى النيابة العامة بحسب الإفادة الأولية لتمارا، ومن النيابة العامة تحولت الشكوى إلى القاضي المنفرد الجزائي بجرم الضرب والإيذاء، استناداً إلى المادة 555 عقوبات»، وهي التي تنص على أنه «إذا نجم عن الأذى الحاصل مرض أو تعطيل شخص عن العمل مدة تزيد على عشرة أيام، عوقب المجرم بالحبس مدة لا تتجاوز السنة، وبغرامة مئة ألف ليرة على الأكثر أو بإحدى هاتين العقوبتين». وعلى هذا الأساس، تقدمت جمعية كفى، بوكالتها، عن تمارا، بشكوى «محاولة قتل» أمام القاضي المنفرد الجزائي، على أن يعيد الملف إلى النيابة العامة، إلا أن القاضي ضم الطلب إلى الأساس.
وفي هذا الإطار، ترى عواضة أنه إذا نُظر إلى الحكم من منظور المادة 555 عقوبات، فهو «كتير منيح». أما إذا نُظر إليه من منظور شكوى محاولة القتل، «فبدنا نروح على محل تاني». إلا أن هذا «المحل التاني» لا يكون إلا بالتشاور مع تمارا حريصي. فوحدها صاحبة القرار، فإما الاكتفاء بهذا الحكم والسعي إلى الطلاق وإقفال القضية، أو طلب الاستئناف لتحصيل حقوق أخرى. وفي هذا الإطار، تشير حنان إلى أنه «إذا كان هناك شيء لمصلحة تمارا، فنحن نستأنف، ولكن لم نأخذ قراراً بعد».