قوميون سوريون موحدون، «قسم»، بادروا أمس الى تكريم القيادي السابق في الحزب السوري القومي الاجتماعي نبيل العلم في مسرح بابل ــــ الحمرا. للمنطقة حيز مهم في وجدان الأحزاب اليسارية والقوميين. تسقط على مدخلها جميع البيانات التي تطالب الدولة اللبنانية «بالتحرك لمنع السماح بتنظيم اللقاء»، كما فعلت القوات اللبنانية مثلاً.
فالحمرا ليست جبيل حتى ترضخ لضغوطات جهات سياسية وكنسية رفضت الصلاة لراحة نفس المتهم بالتخطيط لاغتيال الرئيس الأسبق للجمهورية بشير الجميل. القوميون الذين اتخذوا من الحمرا منطقة نفوذ لهم، اختفوا. القوى الأمنية التي تنزل بكل عتادها وعديدها على الارض عند كل احتفال سياسي غابت. ما من شيء يدل على التكريم، سوى تجمع بعض «الرفاق» الخارجين عن «طاعة» رئيس «القومي» أسعد حردان، على مدخل «بابل». صورة العلم وشعار «قسم» كسرا سواد المكان. أبواب المسرح فتحت عند العاشرة وعشر دقائق صباحاً، في حين أن المنظمين طلبوا فتحها عند الثامنة. امتلأت القاعة بالحضور، فيما غابت وسائل الاعلام المحلية، بما فيها القنوات المقربة من فريق الثامن من آذار، على الرغم من وجود ممثل لحزب الله هو علي ضاهر. قناة «الميادين» وحدها كسرت هذا «التوجه».


هجوم عنيف
من الخطباء على البطريرك الراعي

حضر رئيس حركة الشعب نجاح واكيم، الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة، ممثل وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر، ممثل حزب الله، الناشط في «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان» ناشر «الآداب» سماح إدريس، والمحامية بشرى الخليل. أما القيادة الرسمية للحزب، فـ«ما في حدا». مدير الدائرة الإعلامية في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية أوضح لـ«الأخبار» أن الحزب «منذ البداية وقف خلف عائلة العلم، وعلى هذا الأساس كنا سنحضر جناز الاربعين في جبيل، ولكننا لن نشارك في أي مناسبة لا تكون هي مسؤولة عنها»، خاصة «أننا لا نعرف من هي مبادرة قسم»!
تحدث أولاً واكيم الذي هنّأ نبيل «لأن دولتك لم تكرمك، والكنيسة لم تتلُ عليك صلاتها التي ذهب سيدها ليبيع صكوك الغفران لرعاياه المتهودين». ولم ينسَ أن يذكر أن «بشير الجميل يا حبيبي استثمار صهيوني». واكيم توجه الى العلم قائلاً «أنت وحبيب الشرتوني وجورج عبدالله ما بتجيبو دشداشة واحدة عا البلد».
ثم أتى دور حدادة الذي عرف «بنبيل كل مقاوم». ورأى أنه في زمن «الدواعش هناك ضرورة قصوى لأن نعيد كتابة تاريخ المقاومة، حتى نعيد صيانة الحاضر والنظرة الى المستقبل في مشروعها». ووصف ممارسة البطريرك بشارة الراعي تجاه العلم (منع عائلته من إقامة جناز لراحة نفسه في جبيل) بالـ«داعشية، وانحيازاً لمشروع فاشي. لذلك أعتقد أن العلم هو من يعطي الشهادة والقداسة لمن ينقصه ذلك».
وفي كلمته، تحدث حيدر عن أن الاحتفال هو ليس تكريماً لشخص، بل لكل الذين يعبّرون عن «المزايا النفسية السورية». وقال إن «القومية هي النهضة، والخروج من الشك الى الوضوح».
من جهته، شكر إدريس النائب نديم الجميل والراعي ومطران جبيل ميشال عون «الذين تواطأوا لمنع قداس جبيل. لأن هذا التواطؤ سمح لكم بتكريم ابن القضية وليس ابن الرعية». وتساءل عما إذا كان «بإمكاننا تجاوز التكريم ونسمو به الى مرحلة أعلى؟». وقال: «يبدو من الضروري أن نعرف نبيل ربما عبر تسجيل مسيرته النضالية بفيلم وثائقي».
كلمة أصدقاء المكرم ألقاها إميل عكرة، فوصفه «بعلم من أعلام الربع الأخير من القرن العشرين. المقاومون أصبحوا بالآلاف، لكنا نقرّ بحاجتنا الى الكثير من أمثاله».
الكاتب أسعد أبو خليل تمنى لو كان بين الحاضرين في هذا التكريم «الممنوع حتى من العائلة والحزب». في كلمته المرسلة من الولايات المتحدة، قال إنه «لو كان لبنان مستقلاً فعلاً لكانت سيرة العلم والشرتوني تدرس في المناهج». وأضاف: «من العار أن العلم مات في الغربة، فيما سيموت على ترابه أمثال سعيد عقل وأمين الجميّل وحنا عتيق». وبشّر أبو خليل بأنه «سيأتي يوم يباهي فيه اللبنانيون بعلم، ويُشار الى مسقط رأسه ويقال إن هذه التربة أنجبت هذا العظيم».
الكلمة الأخيرة كانت لمبادرة «قسم» ألقاها تموز قنيزح الذي لام الكنيسة لأنها ميّزت بين أبنائها، «فأرسلت رقيماً بطريركياً في تشييع العميل عقل الهاشم»، ومنعت الصلاة عن راحة نفس نبيل. وتوجه الى روحه قائلاً: «أنت باق في عقولنا، مقيم في قلوبنا وخالد في ذاكرتنا. نحن قوم نرفع رؤوسنا بمآثر أبطالنا».
قبل أن يغادر، قال رجل من آل علم من العقيبة «الله يرحم نبيل ما كان يحكي ولا كلمة. يقاوم في السر».