أصبح للقضية الفلسطينية موطئ قدم في الأشرفية، وتحديداً في شقة الأمانة العامة لقوى 14 آذار. إثر العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة عام 2012، زارت أربع عشرة شخصية آذارية القطاع لتشد على يد حركة المقاومة الفلسطينية (حماس). يومها كان مشروع «الاخوان المسلمين» في مصر والمنطقة في أوجه، وكانت «حماس» قد خرجت من تحت جناحي محور المقاومة.
غزة نفسها كانت قبل ذلك، في 2008، عرضة لعدوان «عملية الرصاص المسكوب»، لكن زيارتها والتضامن معها لم يكونا «واجباً قومياً» على جدول أعمال الأمانة العامة. انتظرت هذه الأخيرة أربع سنوات، عندما بدأت حركة «حماس» استدارتها السياسية، فأصبح ضرورياً مد اليد الآذارية اليها.
لكن الحق يقال إن عدداً منهم عارض هذه الزيارة في حينه. عضو الامانة العامة نوفل ضو أخذ على عاتقه الاستهزاء بالرفاق وانتقادهم: «كيف يعارضون مقاومة حزب الله ويتضامنون مع حماس؟». الوزير سجعان القزي، من جهته، رأى أن خلع الآذاريين أحذيتهم قبل الجلوس مع رئيس حكومة حماس اسماعيل هنية «عيب». الزيارة التضامنية تحولت الى «نكتة» لا يزال بعض سياسيي 14 آذار «ينقّرون» بها على بعضهم بعضاً. مع بدء العدوان الاسرائيلي الأخير، اتصل ضو بأحد أعضاء الأمانة سائلاً، بسخرية، عما اذا كان «الزملاء» في لبنان أم في غزة! الجواب أتاه سريعاً: منسق الأمانة العامة فارس سعيد وأعضاؤها في بيروت. حالياً، لا زيارة مرتقبة، لكن ثمة وثيقة سياسية يعمل عليها ـــ كالعادة ـــ كل من النائب السابق سمير فرنجية والصحافي محمد شمس الدين، «وتدخل في اطار الورشة السياسية التي ستشهدها الامانة»، استناداً الى أحد أعضائها. يقول المصدر لـ «الأخبار» إن الوثيقة «ستتوجه الى كل عربي بهدف لفت الأنظار الى الأخطار التي تهدد مجتمعاتنا نتيجة التمذهب الحاصل»، وتسعى الى ترجيح كفة «الخيارات المدنية»، اضافة الى «اطلاق نوع من التحالف مع القوى المدنية في العالم العربي». البحث لا يزال في نطاق ضيق، «ولم ننتقل بعد من التفكير العملي الى التنفيذ، ولم ندعُ الى أي اجتماع»، لكن من المؤكد أن الورقة «لن تكون بالتنسيق مع الأحزاب، بل تعني فقط مستقلي الأمانة». تريد شخصيات الامانة أن تكون هي راعية هذه الوثيقة، لا لقاء سيدة الجبل الذي أصدر ورقة دعم زيارة الكاردينال بشارة الراعي الى الأراضي المحتلة. ولا يخفي المصدر أن نائب جبيل السابق فارس سعيد كان يرمي الى «حصر الملف في نطاق ضيق، لكن هذا الملف لا يخص المسيحيين وحدهم، لذلك لا بدّ من طرحه على المستوى الوطني».
هي، إذاً، وثيقة جديدة في سياق «هوس» أعضاء الأمانة العامة بالوثائق، منذ عام 2012. «ديو» فرنجية ـــ شمس الدين حاضر من حينه، إذ عملا على اقرار وثيقة تحارب «التوريث السياسي وإدانة النظام الطائفي والتحاصصي والقضاء عليه». كانت هذه ضالتهم، بعد محاولات «قمع مستقلي 14 آذار» من قبل الأحزاب الآذارية. يريد «المستقلون» التأكيد دائما أنهم، خلافا لما يظن معظم الناس، غير عاطلين من العمل، فلم يجدوا إلا تجميع الوثائق لإثبات «حيويتهم». لكن هل من يذكر وثيقة واحدة لم تكن نهايتها في الأدراج؟