نجحت الكتلة الشعبيّة في حشد المئات من أنصارها، أمام مكاتبها في حي سيدة النجاة، لاستقبال رئيسها النائب السابق إلياس سكاف، بعد تعافيه من الوعكة الصحية التي ألمت به، انقطع فيها عن الساحة السياسية نحو ثلاثة أشهر. فترة تخللتها شائعات تحدثت عن خطورة مرضه، وعدم تمكّنه من متابعة مسيرته السياسية.
الاحتفاء بعودة سكاف الى زحلة كان مناسبة استطاعت الكتلة الشعبية من خلالها إعادة إثبات وجودها على الساحة الزحليّة، وبمثابة استفتاء حول مدى قدرتها على تجييش مناصريها. مراقبون لما حصل، أول من أمس السبت، في ساحة كنيسة سيدة النجاة في زحلة، لفتوا الى أن الحشود التي اكتظ بها المكان تفوق بأضعاف الأعداد التي شاركت خلال إعلان لائحة مرشحي الكتلة أمام سرايا زحلة عام 2009. فيما رأى آخرون أن تبدّل المشهد بين المناسبتين، مرده الى الخيار الذي اتخذه سكاف بالانفتاح على جميع الطوائف والقوى السياسية، وإعلانه، في غير مناسبة، استقلالية قراره وإعادة النظر في تحالفاته الانتخابيّة. في المقابل، قلل خصوم الكتلة من أهمية كثافة المشاركة المقبولة نسبياً، معتبرين أن ذلك لا يتعدى حالة التعاطف الإنسانيّة مع الرجل لا أكثر ولا أقل. وكان لافتاً تعمد مناصري «القوات اللبنانيّة»، التجوال بسياراتهم في أحياء المدينة، مطلقين العنان لأصوات أغاني «المقاومة اللبنانيّة»، بالتزامن مع اقتراب موعد وصول موكب سكاف الى المدينة التي ظللت شوارعها اللافتات المرحبة بعودته.
وفي كلمة مقتضبة أمام الحضور، غمز سكاف من قناة الخصوم بالقول: «معكم سنعيد لزحلة اعتبارها، بعد ترميم خطنا السياسي، ولن نسمح بعد الآن بمصادرة قرارها»، داعياً الى تكاتف الجميع وتناسي الخلافات للخروج من الأزمة التي تتخبط فيها المنطقة بمجملها. وكان في طليعة المستقبلين المطران عصام درويش والنائبان السابقان سليم عون ويوسف المعلوف، ووجوه اجتماعية واقتصادية، من بينها فاعليات زحليّة كانت قد انقطعت علاقتها بالكتلة الشعبيّة في السنوات الأخيرة. في السياق، لم يطرأ أي تطوّر جديد حول علاقة سكاف مع القطب الزحلي الآخر النائب نقولا فتوش، الذي لم يشارك هو ولا أي من أشقائه في حفل الاستقبال، بعدما كان قد كسر الجليد بين الطرفين، من خلال الزيارة التي قاموا بها، في وقت سابق، للاطمئنان الى صحة سكاف بعد تماثله للشفاء من العملية الجراحية التي أجريت له.
في سياق منفصل، ضجّ الشارع الزحلي، مع نهاية الأسبوع المنصرم، بشائعة جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن هجوم مفاجئ سينفذه تنظيم «داعش» على المدينة ومحيطها، «انطلاقاً من منطقة الزبداني بعد اختراقه التحصينات العسكرية على مرتفعات سلسلة الجبال الشرقية». شائعة انقسمت آراء أبناء زحلة حول مدى جديّتها من عدمها، بين أقليّة أخذت هذه التهديدات على محمل الجدّ، وأكثريّة وضعت ذلك في خانة التهويل الإعلامي. وكالعادة، كان لبعض فريق 14 آذار رأي آخر، اعتبر فيه أن من يقف وراء هذه الشائعات والتهويلات، «هو حزب الله وحلفاؤه». أما السبب، بحسب هؤلاء، فهو «إقناع الرأي العام المسيحي بشكل عام، والبقاعي على نحو خاص، بأنه الحامي الوحيد لوجودهم، وأن تدخله للقتال في سوريا منع الجماعات التكفيرية من اجتياح الأراضي اللبنانيّة». وفي إطار التعامل بحذر مع أي خبر من هذا النوع، كثفت الأجهزة العسكرية والأمنية إجراءاتها على طول المنطقة المحاذية لسلسلة الجبال الشرقيّة، من تلال عنجر جنوباً، مروراً ببلدات شرق زحلة، وصولاً حتى مرتفعات رعيت شمالاً.