«الله استجاب دعائي لأني مظلومة ومقهورة». لم تجد ليلى الخوري، والدة رلى يعقوب، غير تلك العبارة رداً على القرار الصادر ليل أول من أمس عن الهيئة الاتهامية في الشمال في قضية مقتل ابنتها. فبعد ستة أشهرٍ من الانتظار، انفرجت عيون الأم مع استجابة الهيئة لطلب الاستئناف في ملف ابنتها، متخذة قرار «التوسع في التحقيق وإعادة الاستماع إلى الشهود في الجلسة المقبلة المحددة في التاسع والعشرين من أيلول المقبل». الأم المفجوعة بابنتها، لا تملك «أكثر من الدعاء لبيّن حق بنتي»، بحسب ما قالت لـ»الاخبار» تعليقاً على قرار الهيئة.
أم سعد، كما ينادونها هناك في قريتها في حلبا العكارية، انتظرت طويلاً قبل أن يستجيب القضاء لدعائها. انتظرت عاماً، هو في حضرة الموت، «أطول من العمر كلو»، ولم تيأس، إلى أن كان أول من أمس، عندما أعاد قرار الهيئة الاتهامية بعضاً من روحها المفقودة. وهو القرار نفسه الذي أعاد فتح القضية ـ التي لم تعد قضية أم فقط وإنما قضية رأي عام ـ بعدما كادت تقفل بصدور قرار قاضي التحقيق في الشمال الظني والذي منع بموجبه المحاكمة عن «المدعى عليه زوجها كرم ب».

للهيئة الاتهامية صلاحية التوسع في التحقيق لاستيضاح بعض النقاط العالقة

لن تقفل القضية. في التاسع والعشرين من الشهر المقبل تأتي التتمة، مع الاستماع إلى شهود ارتبطوا بشكلٍ أو بآخر بذلك اليوم المشؤوم. وفي هذا الإطار، يتحفظ محامي عائلة الضحية ريمون يعقوب عن ذكر اسماء الشهود في جلسة التاسع والعشرين، لكونها لم تتبلغ بعد، إلا أنه مع ذلك يشير إلى أنهم «شهود أساسيون على ما جرى قبل عام». وهنا، نقطة انتصار. أن يعيد القضاء فلش قضية رلى، برغم من صدور قرار ظني كان أقرب إلى الحسم، فهو أمر بالغ الأهمية. أن يعيد الاستماع إلى الشهود لتأكيد وقائع فاتت الإشارة إليها سابقاً أمر مهم أيضاً. أما الأهم، فهو أن نعيد، نحن، التعويل على نزاهة القضاء في قضية امرأة أشارت دلائل سابقة إلى احتمال موتها قتلاً (قضية رلى يعقوب: وقائع تحقيق لم يكتمل ـ العدد 2219 ـ http://www.al-akhbar.com/node/200418).
مع ذلك، ثمة خوف هنا. خوف مبرر بالنسبة لعائلة «الضحية». لأم رلى تحديداً التي يؤلمها التفكير بإمكانية الوصول إلى نتائج مشابهة لما سبق. خوف من «أن يعاد الاستماع للشهود أنفسهم الذين استند إليهم قاضي التحقيق في الشمال آلاء الخطيب عندما أصدر قراره الظني، من دون الأخذ بعين الاعتبار أن هناك شهوداً آخرين وردوا في محاضر تحقيق كثيرة ولم يستجوبوا»، يقول مصدر متابع للقضية. وخوف من «بنات رلى أيضاً من أن يغيرن إفاداتهن الأولى، وهن اللواتي يعشن في منزل والدهن منذ حادثة موت والدتهن»، يتابع.
لكنه، يبقى مجرد خوف، وإن كان مبرراً. هذا ما يقوله المحامي يعقوب، آملاً أن تكون الاستجابة لطلب الاستئناف «إعادة لتصويب قضية رلى يعقوب وتبيان الحقيقة». فمجرد إعادة فتح التحقيق، يعني أن «هناك خللاً ما»، يتابع. فماذا يعني الخلل؟ فهل يعني مثلاً التشكيك بالقرار الظني الذي أصدره القاضي آلاء الخطيب، والذي بُرّئ بموجبه المدعى عليه؟ وهل يعني إعادة النظر في الادلة المذكورة في التحقيقات الأولية في القضية والتي لم يؤخذ بها أثناء إصدار القرار الظني؟ وماذا يعني التوسع بالتحقيق؟ إعادة توقيف المدعى عليه مثلاً؟
بالنسبة إلى قاضٍ متابع للقضية ينبغي أن يكون هناك فصل بين «إعادة التوسع بالتحقيق وبين التشكيك بالقرار الظني أو أي قرار سابق صادر». فليس بالضرورة أن يكون الربط هكذا، يقول. وإن «كنا نسأل الله أن لا يقدّرنا على ظلم أحد أو إهدار حق أحد». وبرأي القاضي المتابع، فإن «للهيئة الاتهامية صلاحية التوسع في التحقيق لهدف واحد هو استيضاح بعض النقاط العالقة، بمعنى آخر استجلاء بعض الأمور ليكون ضمير القضاة مرتاحاً». وعندما نقول توسّع بالتحقيق، فهذا «لا يعني التشكيك وإنما يعني أن هناك قناعة ما تولدت لدى القاضي استناداً إلى معطيات ووقائع قانونية». وعلى هذا الأساس، وفي قضية رلى يعقوب «يعاد البحث في عدد من النقاط والاستماع لشهود، فإذا تبين من خلال التحقيق الجديد أن هناك جرماً، يصار إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، كإعادة توقيف المدعى عليه مثلاً، أما إذا لم يثبت الجرم يكون القرار الظني بمحله».
وليس المطلوب هنا التسرع في الحكم، بانتظار جلسة التاسع والعشرين من أيلول المقبل التي من المفترض أن يحسم نتيجتها الشهود المفترضون وما سيقولونه. يذكر بأن عائلة يعقوب كانت قد تقدمت بطلب استئناف القضية في الرابع عشر من شباط الماضي.