ليس جديداً ما تفوه به النواب الثلاثة معين المرعبي، خالد الضاهر، محمد كبارة من تحريض على المؤسسة العسكرية تزامناً مع سيل دماء العسكريين في عرسال الأسبوع الماضي. تصريح أتحفنا به النائب الشمالي مطعّماً بعبارات مذهبية قميئة كقوله «ما يجري في عرسال السنية ليس الا حلقة من مسلسل ايراني سوري لإخضاع أهل السنة». لطالما دأب كبارة على بث سمومه الطائفية والتحريضية على الجيش منذ زمن وتحديداً في أهم المواقف والمعارك المفصلية ضد التكفيريين.
وفتحت له آنذاك المنابر الإعلامية ليدلو بدلوه مع زملائه النواب. لكن في معركة عرسال ضد الإرهاب هذه المرة، كانت لهجة الإعتراض عليه وعلى تصريحاته مرتفعة، لا سيما على مواقع التواصل الإجتماعي التي تفاعلت بشكل ملحوظ طيلة المعركة المذكورة وعلى وتيرة متصاعدة. انتشرت صور هؤلاء النواب المحرّضين ومعهم مطالبة برفع الحصانة عنهم. وقبل يومين، اعتصم عدد من الطلاب تضامناً مع الجيش على ضريح الجندي المجهول في منطقة المتحف وقاموا بتعليق مشانق هؤلاء النواب رمزياً وحملوا لافتة مكتوب عليها «عقوبة الخيانة العظمى الإعدام». وكان لافتاً سلسلة الدعاوى القضائية التي رفعها اعلاميون ومحامون ضد هؤلاء النواب في خطوة قد توحي بشيء من المحاسبة وبملامح لدولة تحترم نفسها. وبسحر ساحر، وتحديداً يوم الجمعة الماضي وعلى الطريقة الجنبلاطية، استدار كبارة وغيّر خطابه بشكل كامل. غسل يديه ولسانه من أقواله المحرّضة، ولبس ثوباً عفيفاً عنوانه «خيارنا الوحيد الجيش اللبناني». غاب عن المسرحية معين المرعبي وخالد الضاهر وتركت الساحة لكبارة. «الجديد» التي قطعت البث الأحد الماضي يوم المؤتمر الصحافي للنواب المذكورين، أطل كبارة مجدداً على شاشتها يوم الخميس الماضي ضمن مداخلة في برنامج «الحدث» (11 دقيقة). عاد كبارة ليتقمص دور العفيف ويتنصل من أقواله النارية المحرّضة. قال إنّه «طيلة مسيرته السياسية منذ 20 عاماً، لم يتعرض للجيش». أبو العبد كبارة فتح له الهواء من جديد، لكن هذه المرة ليقلب منهجه المحرّض الموثّق في وسائل الإعلام، بقي مالك الشريف طيلة الوقت يهز برأسه ويبتسم من دون أن يقاطعه أو يستخدم لهجة عالية تحرج كبارة ولا تكمل استغباء الناس، ما خلا مرة واحدة سأله فيها عن موقف أهالي عرسال المناهضة للجماعات التكفيرية التي تستخدمهم دروعاً بشرية، وعن تصريح النائب سعد الحريري الذي جزم بأنّ «حزب الله» لا يقصف عرسال. هذا التدّخل كان الوحيد للشريف الذي أربك كبارة فعلاً. الإرتباك تحول الى تناقض واضح في أقواله، إذ تنصل من كلامه السابق بحق الجيش واضعاً المسؤولية على «اللقاء الوطني الإسلامي» ليعود بعد ذلك ويؤكد أنّ لهذا اللقاء «موقفاً موحداً مع الجيش»! هكذا مضى كبارة في تلميع صورته من دون محاسبة أقله من وسائل الإعلام. ولعلّ تدخل الصحافي يونس عودة ضيف البرنامج أعاد الأمور الى نصابها عندما توجه الى النائب الشمالي وقال له «لا تضحك على عقول الناس».