أفرجت جبهة النصرة، أمس، عن اثنين من عناصر قوى الأمن الداخلي الذين اختطفتهم خلال اشتباكات عرسال مع الجيش اللبناني. مدين حسن وكمال المسلماني نقلا من جرود عرسال بمعيّة الشيخ مصطفى الحجيري (المعروف بأبو طاقية)، الذي سلمهما لاحقاً إلى الوفد المفاوض المكلف من هيئة علماء المسلمين، والذي سلمهما بدوره إلى مركز استخبارات الجيش في رأس بعلبك.
الإفراج عن العنصرين أخذ بعملية التفاوض إلى مسار آخر بعد أيام من الغموض. إفراج أثمر «انفراجاً سيستكمل في الأيام المقبلة للإفراج عن مزيد من العسكريين» كما وعد عضو الهيئة الشيخ عدنان أمامة. في اتصال مع «الأخبار»، أوضح أمامة أن الإفراج جاء نتيجة الرسائل التي نقلتها الهيئة بين رئيس الحكومة تمام سلام وقائد الجيش جان قهوجي من جهة، وبين الوسيط المكلف من قبلها للقاء الجهات الخاطفة.

إنحصرت الجهات الخاطفة للجنود الان بداعش والنصرة

وكانت الهيئة قد سلمت سلام سلة مطالب تشترط «داعش» و«جبهة النصرة» تنفيذها كبادرة حسن نية من قبل الدولة، للتصريح عن شروطها لمبادلة العسكريين. تلك المطالب شملت تحسين معاملة الجرحى الذين أوقفهم الجيش خلال الاشتباكات ونقلهم إلى مستشفى دار الأمل في بعلبك لعلاجهم، فضلاً عن تخفيف القبضة الأمنية على تجمعات النازحين السوريين داخل عرسال. بحسب أمامة، حمل وفد الهيئة في اليومين الماضيين من سلام وقهوجي، عندما زارهما، إشارات إيجابية تجاه المطالب. ولفت أمامة إلى أن التفاوض في هذه المرحلة يرتكز على «النصرة» التي تلقفت الإشارات وبادلتها بمبادرة حسن نية مقابلة تمثلت بالإفراج عن العنصرين. وعن المعيار الذي اعتمد لاختيار هذين العنصرين بالذات، أوضح أمامة أن النصرة كان «لديها 17 عنصراً من قوى الأمن وثلاثة عسكريين من الجيش. وفضلت أن تقدم في البداية من مجموعة الـ 17، بدلاً من أن تقدم عسكريين اثنين ويتبقى لها عسكري واحد في عملية التفاوض التي هي في الأساس مع الجيش». وأكد أن الجهات الخاطفة «انحصرت الآن باثنين، داعش والنصرة، بعدما أودعت مجموعة أبو حسن الفلسطيني العسكريين الأربعة الذين كانوا معها إلى داعش التي أصبح لديها 11 عسكرياً». بالنسبة إلى دور الحجيري في الإفراج أمس، وما يقوله أمنيون عن استخدامه الدركيين المخطوفين لـ«تبييض سجلّه»، لفت أمامة إلى أن الحجيري يلعب دوراً إيجابياً لكي يثبت أنه ليس إرهابياً. أما عن «الفيديو الصادم» الذي هددت «داعش» ببثه أمام الرأي العام اللبناني، فأشار أمامة إلى أن التهديد «أطلق قبل لقاء وفد الهيئة المفاوض مع الجهات الخاطفة وتم التراجع عنه، وأنه كان رد فعل على السلبية التي أبدتها الدولة تجاه القضية في الأيام الماضية».
عدد من أهالي المخطوفين أبدوا تخوفهم من طريقة الإفراج المعتمدة، واعتماد مبدأ مذهبي لإطلاق العسكريين، فضلاً عن اقتصار عمليات الإفراج على عناصر الأمن الداخلي دون الجيش. وتوجه الأهالي إلى الحكومة اللبنانية والأطراف التي تسعى «مشكورة» لإطلاق أبنائهم، داعين إياها إلى التنبه إلى هذه الخطوة، «حتى لا تنعكس سلباً في وقت لاحق على مجريات عملية التفاوض».
أهالي العسكريين المخطوفين من درك وجيش التقوا السبت الفائت رئيس الحكومة تمام سلام، الذي أكد أن قضية أبنائهم «لن تنام أو تتوقف»، طالباً منهم «الصبر والتحمل والتنبه من محاولات استغلال مأساتهم واستثمار عواطفهم». ولفت إلى أن الجهود التي تبذل للإفراج عن «الموقوفين» (المختطفين) «يجب أن تحاط بكثير من الدقة والعناية والتكتم لعدم تعريضها للخطر». أهالي العسكريين المخطوفين شددوا على موقفهم بالمطالبة بالإفراج سريعاً عن أبنائهم الذين «تعتبر كرامتهم من كرامة الوطن».