عبثاً يحاول أحمد الديراني التوقف عن التفكير في «همّه». هو والد العريف في قوى الأمن الداخلي سليمان الديراني، المخطوف لدى مسلحي جبهة النصرة في عرسال، منذ نحو 25 يوماً. كل يوم، يخرج من منزله في أعالي بلدته قصرنبا (قضاء بعلبك). يزور جيرانه وأقاربه، ولكنه سرعان ما يعود الى المنزل، «قلبي لهبان، والله رح جن. ما زلت غير قادر على تصديق ما حصل معنا، نحن لا نعرف إذا كان سليمان بخير أو لا».
العريف المخطوف يبلغ من العمر 30 عاماً، متزوج من حنين الحاج يونس وليس لديه أولاد. صباح السبت 2 آب، ودّع عائلته ليلتحق بفصيلة درك عرسال، وذلك مع بدء المعارك في تلك البلدة بين الجيش اللبناني و«داعش». حتى بعد احتجازه ونقله الى منزل الشيخ مصطفى الحجيري، بقي على اتصال مع العائلة. أما آخر تواصل مع سليمان فكان صبيحة الأحد الماضي، حيث طمأنهم إلى صحته.
كان سليمان من ضمن العسكريين الذين ظهروا في الفيديو الذي نشرته «جبهة النصرة»، بعد قرابة ثلاثة أسابيع على اختطافهم. بيد أنّ والده لم يشف غليله، يقول «طيّب لقد رأيناه، ولكن ماذا بعد ذلك؟ يومياً تصلنا مئات المعلومات، والإشاعات التي يتناقلها الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي».
دموع الوالدة ديبة الديراني لا تنقطع، لكنها تحافظ على هدوئها. علاقتها بسليمان «خاصة». تصفه بـ«الأخ أو الصديق. هو أيضاً، إذا لم يسمع صوتي كل ليلة لا يتمكن من النوم. كل نبضة قلب تنده سليمان، ورغم ذلك لا أستطيع فعل شيء من أجله». قلب الأم محروق على فلذة كبدها: «تغيب الشمس فيعتم قلبي. أشعر بأنه قد لا يكون بخير، فتنهمر دموعي بانتظار طلوع يوم جديد على أمل رؤيته».
صور سليمان أزيلت جميعها من المنزل، المطل على «جلول» قصرنبا الخضراء. أخفوها من أجل الوالدة التي ما إن تقع عيناها عليها حتى تبدأ بالبكاء، طالبةً من الله أن «يتركني أرى ولدي، وبعدها فليأخذ وديعته. من الصعب على أي أم أن تعيش مأساتي».
وضع عائلة سليمان الديراني صعب. مشاعر متضاربة تجتاحها بين القلق والحزن، والأمل بأن يعود ابنها. رغم ذلك، لا يريدون النزول إلى الشارع والاعتصام. يقول الوالد إن «ابننا ابن دولة. هي وعدتنا بأن نسمع أخباراً جيدة قريباً، انشالله». يتّكل على «رب العالمين أولاً، وعلى الحكومة اللبنانية وعلى مبادرة هيئة العلماء المسلمين. يبقى الأمل أن «لا تتأزم المفاوضات مع الجهات الخاطفة ولا تطول مدتها. لم يعد في وسع هذا القلب أن يحمل أكثر».