«واشنطن وحلفاؤها في خندق واحد مع الجيش السوري لمكافحة الإرهاب»: عنوان على ثمانية أعمدة في صحيفة «الوطن» السورية (24 أيلول 2014).يبدو هذا الترحيب مبالغاً به، ولكنه يعبّر عن مضمون الموقف السوري الأخير إزاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» و«النصرة» في سوريا. موقف يتعارض مع مواقف حلفاء دمشق: روسيا، وإيران ـ الأكثر تشدداً ـ
وحزب الله الذي شدّد أمينه العام حسن نصرالله على أن الأميركيين لا يملكون الحصانة الأخلاقية لمحاربة إرهاب هم ـــ وحلفاؤهم ـــ صانعوه، وأن الحزب الذي قاتل الإرهاب التكفيري مبكراً، سيستمر في مقاتلته، ولكن ليس تحت الراية الأميركية الملطّخة بالدماء والعار.
هناك، إذاً، تفاوت جلي في مواقف حلف الممانعة الدولي ـ الإقليمي من الحرب الأميركية ـ
العربية على «داعش»؛ وسنبدأ بالقيادة السورية التي تبدو مطمئنة إلى رسائل واشنطن الإيجابية التي حملها العراقيون إلى دمشق، وتعهداتها لإيران بعدم ضرب مواقع عسكرية سورية، كما جراء التنسيق الميداني السوري ـــ الأميركي، الذي لا غنىً عنه، عملياً، لكلا الجانبين.
أستطيع أن أتفهم دوافع الموقف السوري، كالتالي:
أولاً، سوريا وشعبها هما اللذان يدفعان، في النهاية، الثمن الباهظ لاستمرار الحرب الإرهابية ضدهما. وهي حرب تبدو بلا نهاية مع استمرار تدفّق المقاتلين الأجانب إلى البلاد، وما يرافقهم من تسليح وتمويل ودعم استخباري، خصوصا أن تركيا اردوغان انتقلت من «الدعم» اللوجستي إلى المشاركة الميدانية في عمليات «داعش»، وتحديداً ضد كرد سوريا؛ غارات التحالف، ومع شمولها «النصرة» ومجموعات أخرى، على الرغم من فعاليتها المحدودة، تُربك الإرهابيين وتحدّ من قدراتهم على الحركة، وتشل آمالهم السياسية، ما يحسّن ظروف القتال للجيش السوري، ويساعد على عقد المزيد من المصالحات المحلية.
يخشى السوريون، أيضا، من الجيب العازل الذي أقامه التحالف الإسرائيلي ـــ الإرهابي في المنطقة العازلة في الجولان المحتل؛ وهو ما يفرض سيناريوهين، أولهما المقاومة التي كان الرئيس بشار الأسد قد وعد بإطلاقها في الجولان، وتحظى بتشجيع حزب الله، وثانيهما امكانية التعاون مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لإنهاء ذلك الجيب.
ولا يخفى أن هناك وجهات نظر داخل النظام السوري تفضّل السيناريو الثاني.
في الخلفية، تتبلور رؤية سياسية عن امكانية التواصل ـــ والتوصل ـــ مع الولايات المتحدة وحلفائها إلى صيغة سياسية واقعية تنهي الحرب الإرهابية الدائرة ضد السوريين؛ الصيغة، بصراحة، لا تتعلق بـ «حل سياسي» أو بالعودة إلى «جنيف 2» المنتهي الصلاحية بالافتراق الروسي ـــ الأميركي؛ يتعلق الأمر، في رأينا، بآليات ومضامين إعادة الإعمار: هل ستسير وفقا لسيطرة الدولة والقطاع العام وبالتعاون مع الروس والصينيين والإيرانيين، أم أنه سيكون للشركات الأميركية والخليجية حصة وازنة في هذه العملية التي تتكلف مئات المليارات، وقد ينشأ عنها إما اتجاه الاقتصاد السوري نحو مزيد من التوجه نحو الداخل ولصالح الفئات الشعبية أم نحو المزيد من العولمة النيوليبرالية.
سنفترض أن التدخل الأميركي ـــ العربي سيسير حسبما تشتهي سوريا؛ أي نحو الاقتصار على ضرب المواقع الإرهابية، والضغط على تركيا وقطر لوقف دعمهما للإرهاب عبر الحدود الخ؛ هل يمكننا أن نتصور شيئا كهذا من دون قيام دمشق بتسديد الفاتورة السياسية، أقله في توجهاتها الاقتصادية ـــ الاجتماعية؟
على المستوى الميداني، ينظر السوريون، بشيء من السخرية، إلى القوات «المعتدلة» التي تدربها واشنطن للحلول محل «داعش» و«النصرة»؛ هؤلاء لن يستطيعوا شيئا؛ بينما لن يحقق القصف الجوي، المهمة؛ في النهاية، لن يكون، هناك، بديل عن التعاون الميداني مع الجيش السوري.
ثانياً، روسيا ـــ التي لا نعرف حجم اتصالاتها بالأميركيين في شأن سوريا ـــ تلحّ، كعادتها، على التزام التحالف الأميركي ضد الإرهاب، بالقانون الدولي، ولكنها لا تقف مكتوفة الأيدي؛ فهي تزيد من قدراتها البحرية الاستراتيجية في البحر المتوسط، وترفع، بصورة غير مسبوقة، كميات ونوعيات الأسلحة التي تقدمها للجيش السوري، بما يمكّنه من مواجهة المفاجآت الأميركية.
ثالثا، إيران، وعلى رغم تصريحاتها المتشددة إزاء «التحالف»، فليس هناك معطيات تدلّ على أنها تعترض على التكتيكات السورية.
وهي لعبت، في الواقع، وتلعب دوراً، على نحو ما، كقناة اتصال مع السوريين، كما أن الحاجة الأميركية الملحّة للتفاهم مع طهران في العراق، تفرض على الأميركيين، الإصغاء جيدا للنصائح الإيرانية.
رابعاً، حزب الله خارج الكواليس؛ قاتل، وسيقاتل في سياق استراتيجية الدفاع عن الحليف السوري، وعن أمن لبنان؛ وأوضح، جلياً، أنه يقبع خارج التكتيكات السياسية.
6 تعليق
التعليقات
-
لا أعرف ماذا ينتظر محورلا أعرف ماذا ينتظر محور المقاومه!! من الواضح أن هذا غزو إمبيريالي جديد تحت مسميات كاذبه. هذا لا يحتاج إلى تحليل سياسي. التروي الزائد والتأمل بأن أمريكا ستكبح جماح عدوانها من ذاتها يقودان بكل تأكيد الى آلخساره الفادحه. سقوط سوريا يعادل نكبة فلسطين وولاده جديده لإسرائيل
-
العدوان وعمليّات التجميل ...!و حتى أمريكا بجهة عدم قبولهم دخول إيران بالتحالف ونتفاجأ أن إيران هي التي رفضت !! لن نتواجد على الأرض ومن ثم اليوم يجري الحديث بقوّات بريّة !! وغيرها الكثير ولكن أمريكا لا تتخبّط في التصريحات بل هي تكذب وتعرف أنها تكذب ولكذبها هذا غاية وهدف أما ماصدر في سوريا هو أكثر من تخبّط ففي اليوم الأول و الثاني لم تصل التعليمات يبدو للصحف للكتابة عن موقف معيّن ،، انتظرنا الشجب الحكومي لقصف التحالف أراض سورية فلم يأتِ خصوصا أنه وقبل أيام فقط كنا نتحدّث وعبر الشاشات عن اعتداء سافر إن تمّ القصف بدون التعاون مع سوريا ومن خارج مجلس الأمن !!! سوريا انتشت أن العالم كلّه اليوم اقتنع بوجهة نظرها من جنيف الأول إلى ماسيتبعها من جنيڤات لاحقة ، ولكن فعلا ماذا عن قصف يطال أراض سوريا وماذا عن أن الموقف السوري كان متراجعا جدا عن الموقف الروسي والإيراني وحتى موقف حزب الله !!!! لاملامة للصحافة الحكومية فهي تكتب وجهة نظر الحكومة والتي تأخّرت بعض الشيء كما يبدو ولكن ماذا عن السياسيين أنفسهم الذين أعطونا تصاريح توحي بقبول الدولة السورية لضرب أراضيها رغم عدم التنسيق معها ومن خارج مجلس الأمن !! قصف التحالف لا تسمية له سوى عدوان مهما حاولوا تجميله في السياسة فهو تعد على السيادة الوطنية ولن ننتظر تعليمات تعلّمنا مامعنى السيادة أو العدوان . التحالف لو أراد المساعدة فعلا فهناك ألف وسيلة ووسيلة ولذلك تصديق أنه يساعدنا بقصف داعش فيه من السذاجة الكثير وأوّل الرقص حنجلة حين نقبل أن نكون منقوصين السيادة !! والجهل بزواريب السياسة لا يغيّر من مفاهيم الثوابت الوطنيّة من شيء...!
-
شوية منطق((يخشى السوريون، أيضا، من الجيب العازل الذي أقامه التحالف الإسرائيلي ـــ الإرهابي في المنطقة العازلة في الجولان المحتل؛ وهو ما يفرض سيناريوهين، أولهما المقاومة التي كان الرئيس بشار الأسد قد وعد بإطلاقها في الجولان، وتحظى بتشجيع حزب الله، وثانيهما امكانية التعاون مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لإنهاء ذلك الجيب. ولا يخفى أن هناك وجهات نظر داخل النظام السوري تفضّل السيناريو الثاني)) يا سيد حتر : كيف سيساهم الاميركيون في خدمة و نجاح مشروع "المقاومة في الجولان" الذي هو مشروع الاسد-نصرالله ؟؟؟؟ في حين ان اسرائيل هي صانعة ذلك الجيب الذي تحدثت عنه بالمشاركة مع الارهابيين ؟؟؟؟!!!! هل اعترف الاسد يوما انه غير قادر على السيطرة على البلد حتى نبرر له التحاقه بتحالف اتخذ القرار بالعمل العسكري على الارض السورية دون استشارة الاسد نفسه - حتى ولو أعلمه بذلك لاحقا-؟؟؟
-
التكتيكات السياسيةماذا عن التفاوت في مواقف حلف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي
-
تحية لك أستاذ ناهضان كل ماتحية لك أستاذ ناهض ان كل ما يحدث يناهض كل توقعاتك السابقة ليس لعدم مقدرتك على تحليل الأحداث بل لعدم مقدرة احد على تقدير حجم المخطط الشرير والمتدحرج بالوصف الصهيوني والمتبع من قبل الصهاينة أنفسهم لخطط اي هجوم. ان يستطيع التحالف ان يقنع الأسد بالتمسك بحبلهم بعدما لم يفد الاعتصام بحبل الله وإصراره ليفترق عن حلفائه بعدما دعم ذاك الحلف فرادً ومجتمع قوى الإرهاب لثلاث سنين خلت. من المؤكد انهم قرأو للأسد السيناريو البديل فآثر الذهاب معهم ونحن نلومه اذا كان تصورنا صحيح. اما لبنان الذي لم تذكره في مقالك فسيتم إسقاطه بالنقاط ومن دون غارات في المرحلة الاولى. فبعد إغراقه باللاجئين مع وعود لبعض قصيري النظر بأموال سخية لم ولن تأتي ، سيتم إغراقه الان بالمسلحين الفارين من جحيم الغارات وبوعود لنفس الجهة بلبنان بأن ذالك سيغير موازين القوى لصالحها ومن ثم سيتم إنهاء المقاومة من ناحيتين تتولى اسرائيل من الجنوب والتكفيريون من الشمال والتحالف من الجو. وسوف يُهدم لبنان بشر وحجر كما سوريا. هذا هو المخطط ولكن لن ينجح وسيبقى لبنان هو الصخرة التى تتحطم عليها كل مخططات وطموحات أمريكا وإن لم تصدقو إسألوا قدامى المارينز.