بينما كان رئيس حكومة «التوافق»، رامي الحمدالله، يقدر الدور الأميركي في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، سارعت حكومته إلى إعلان خطتها «الوطنية للإنعاش المبكر وإعادة إعمار غزة» مقدّرة أن تكلفة إعادة الإعمار قد تقفز عن حاجز أربعة مليارات دولار (حددت سابقا بـ7.8 مليارات)، وذلك «لحل الأزمة الإنسانية الراهنة هناك وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في القطاع».
وأكد الحمدالله ضرورة بذل المزيد من الجهود لدعم حكومته ومساعدتها على تلبية احتياجات المواطنين خاصة في غزة، وهذه هي الرسالة التي نقلها إلى القنصل الأميركي العام في القدس المحتلة، مايكل راتني، خلال لقائهما أمس. وشدد رئيس الوزراء الفلسطيني على أن مؤتمر إعادة الإعمار هذا الشهر «سيبحث سبل حشد الأموال"، لأن الحكومة «لن تستطيع إعادة الإعمار دون المساعدات اللازمة من المجتمع الدولي».
وعن الخطة، قالت الحكومة إنه جرى إعدادها عبر اللجنة الوزارية العليا للإنعاش وإعادة الإعمار ويترأسها نائب رئيس الوزراء محمد مصطفى، على أن التقويمات أخذت الوضع السائد (الحصار) قبل العدوان نقطة انطلاق لها. وتشمل الخطة أربعة محاور هي القطاع الاجتماعي، وقطاع البنية التحتية، والقطاع الاقتصادي، وقطاع الحوكمة.
ماليا، خصصت الخطة نحو 414 مليون دولار لسد الاحتياجات العاجلة في غزة، فيما خصص 1.2 مليار لجهود الإنعاش المبكر، «فيما ستحتاج إعادة الإعمار على المدى الطويل إلى حوالي 2.4 مليار دولار، إلى جانب 1.9 مليار لإصلاح البنية التحتية». كما أكدت أن عملية الإنعاش الاقتصادي تتطلب حوالي 1.2 مليار دولار، مشيرة إلى أن الحكومة ستخصص من الفور 700 مليون دولار لتوفير شبكات أمان اجتماعي أوسع وخدمات صحية وتعليمية. وفي سبيل إنهاء الانقسام السياسي جرى تخصيص 183 مليون دولار لدعم إعادة إدماج المؤسسات.
تحرك حكومي كبير قبل مؤتمر الإعمار يجري فيما يسعى رئيس السلطة، محمود عباس، إلى تثبيت خطته السياسية الجديدة التي عرضها، أول من أمس، على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قائلا إن «مسودة قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية قدمت إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة». وأضاف عباس: «هذا المشروع بدأت المشاورات حوله منذ أيام قليلة وسيستمر لمدة ثلاثة أسابيع أو أكثر حتى نحصل على قرار».
بالتزامن مع ذلك، فإن مجلس الأمن لا يزال يناقش منذ بضعة أسابيع مشروع قرار صاغه الأردن استنادا إلى اتفاق وقف النار الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية في أواخر آب الماضي لإنهاء الحرب الأخيرة. كما اقترحت بريطانيا وفرنسا وألمانيا أن يضاف إلى مشروع القرار إنشاء آلية دولية لمراقبة وقف النار والتحقق منه.
وكان وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، قد أعلن أن المجموعة العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنت مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء الاحتلال. وقال المالكي، خلال مؤتمر صحفي في رام الله، إن «الأردن بصفته يمثل المجموعة العربية في المجلس سيتقدم بالمشروع خلال ثلاثة أسابيع». وأضاف، أن «تعديلات طفيفة أدخلها الأشقاء العرب، والمشرع قدم إلى المجموعات الأوروبية والافريقية والأميركية اللاتينية ودول عدم الانحياز قبل تقديم الطلب رسميا» إلى مجلس الأمن. ورأى الوزير أن «أي دولة لا تصوّت لمصلحة مشروع القرار لا تدعم حل الدولتين بل تدعم استمرار الاحتلال».
على صعيد متصل، أعلن جهاز الارتباط الإسرائيلي مواعيد خروج مواطني غزة الذين سيسمح لهم بمغادرة القطاع للصلاة في القدس بموجب سلسلة من «التسهيلات» أعلن عنها الاحتلال قبل يومين. وقال مسؤول الارتباط الإسرائيلي في غزة، فارس عطيلة، إنه لأول مرة منذ عام 2007 ستسمح إسرائيل لـ1500 مواطن فوق سن الستين بزيارة المسجد الأقصى عبر ثلاث دفعات: 500 شخص يوم الأحد المقبل، و500 الإثنين، و500 الثلاثاء. كما بين عطيلة أنه سمح لـ500 من سكان الضفة بزيارة أقربائهم في غزة، وهم أيضا جرى لهم فحص أمني وأعمارهم فوق الستين.
واللافت أن الاحتلال قدم هذه التسهيلات في الوقت الذي أعلن فيه بدءا من الأمس إغلاقا تاما للحواجز وعزل مدن الضفة عن بعضها بعضا بمناسبة الأعياد العبرية.
وفي محاولة لتوفير شريان حياة لعشرات الآلاف من النازحين في غزة، قدمت جمعية بريطانية نحو مئة سيارة مجهزة للسكن في مدينة خان يونس جنوبي القطاع. وقالت الجمعية إن كل سيارة مجهزة للسكن تكلفتها ستة آلاف دولار، فيما لا يزال مصير كثيرين بانتظار بدء الإعمار.

(الأخبار، رويترز، أ ف ب)