سبع مقابلات مع وسائل إعلامية عبرية أجراها رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال بني غانتس. هي أشبه بمقابلات وداعية، قبل مغادرته منصبه في شباط المقبل، خُصّص الجزء الأكبر منها للحديث عن التهديد الذي يشكله حزب الله على كيان العدو.شدد غانتس، في مقابلاته، على أن الأمور في مواجهة حزب الله لا تدار، بالضرورة، من خلال الحروب والمواجهات العسكرية. مع حزب الله، يجب أن «تدار المخاطر بحكمة»، رغم أن تهديده من النوع الذي يعني أن نبادر سريعاً، إلى «حرب وقائية» ضده.
هي سبع مقابلات، في سبع وسائل إعلامية. صحف ومجلات ومواقع إخبارية عبرية على الإنترنت، عرض فيها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي التهديدات الماثلة أمام إسرائيل.

في المقابلة مع «معاريف – الأسبوع»، استفز سؤال الصحيفة غانتس، عن قدرات حزب الله والخسائر الإسرائيلية المرتقبة. سأل المحاور «عن قدرات حزب الله وتهديده، وعن سيناريوات الخسائر جراء الآلاف من الصواريخ الدقيقة والثقيلة، التي ستجبي من إسرائيل أعداداً كبيرة من القتلى؟».
الرد من غانتس كان تأكيداً لما ورد في السؤال، لكنه طلب في المقابل الحديث عما يمكن إسرائيل أن تقوم به، إذ قال: «يوجد في هذه المسألة أيضاً جانب إسرائيلي، إذ إننا سنمسك بلبنان ونرميه بما فيه سبعين إلى ثمانين عاماً إلى الوراء، وسنرى حينها ما سيحدث. ولن أكون متفاجئاً إذا تطلب من الأمر القيام باحتلال مناطق من لبنان، فهذه الأمور نتدرب عليها عاماً بعد عام وفصلاً بعد فصل».
وعندما طلبت الصحيفة ذاتها من غانتس أن يحدثها «عن قدرات حزب الله، وماذا عن الطائرات من دون طيار؟»، أجاب: «في حوزة حزب الله، وبتزويد من ايران، اعداد كبيرة جداً من الطائرات غير المأهولة، ومن بينها طائرات هجومية، الا اننا نعرف كيف نسقط هذه الطائرات، ونعرف كيف نجمع المعلومات الاستخبارية، كما نعلم كيف نعمل على الارض».
مع ذلك، اضاف غانتس: «هنا، نحن لا نواجه جيوشاً نظامية، وحربنا المقبلة ليست شبيهة بحروبنا الماضية، وهذا ما تحدثت عنه في مناسبات سابقة، اذ اننا نواجه كمية هائلة من الصواريخ ومن الطائرات غير المأهولة، وكنت في السابق قد وصفت هذا السيناريو جيداً، وانا اتحدث عنه طوال الوقت امام المسؤولين السياسيين. وفي أحاديثي لا اقصد ان أبث الرعب وسيناريوات الرعب، لكني اتحدث عن واقع ووقائع».
تابع غانتس رده على السؤال نفسه، وأضاف: «الجبهة الشمالية مع لبنان هي التحدي الاساسي من ناحية اسرائيل، لكن لدينا جواب على ذلك. لكن اذا اندلعت الحرب شمالاً، فستكون طويلة وقاسية وتتطلب جبهة داخلية صلبة وقتالاً وتماسكاً وطنياً، تماماً كما جرى في عملية الجرف الصامد في قطاع غزة»، مؤكداً الرسالة: «نحن سننتصر».
الجبهة مع لبنان هي التحدي الاساسي من ناحية اسرائيل، لكن لدينا جواب على ذلك


إذا اندلعت الحرب شمالاً، فستكون طويلة وقاسية وتتطلب جبهة داخلية صلبة

وسأل محاور «معاريف – الأسبوع»، هل (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله ما زال مردوعاً؟ اجاب غانتس: «نعم، وايضاً هو مشغول الى اقصى حد ممكن في ساحات اخرى، وهو يدرك جيداً ما سيحصل للبنان إن تحرش بنا».
في المقابلة مع صحيفة «إسرائيل اليوم»، التي كانت أسئلتها اكثر مباشرة ونقلت هواجس الاسرائيليين لقائد مؤسستهم العسكرية، جاءت اسئلة اكثر تواضعاً واكثر طمأنة لجمهوره. رداً على سؤال للصحيفة حول التهديدات، اجاب غانتس: «لا يوجد شك في أن الساحة الشمالية هي الاكثر تهديداً لإسرائيل».
سؤال: سوريا وحدها أم مع لبنان؟
يجيب غانتس: لا، ليس مع لبنان، بل مع حزب الله؟
«وماذا عن احتلال الجليل؟»، سألت «إسرائيل اليوم»، «وهل هم قادرون على احتلال مسكفعام او افيفم؟»، اجاب غانتس: «هذا بحسب نظريتهم القتالية. لقد سمعنا نصر الله يقول انه يريد احتلال الجليل. لكنه كان يلمّح الى اعمال هجومية، تماماً كما يفعل في سوريا. لكن هل هو قادر على فعل ذلك؟ نظرياً نعم، لكن عليه ان يواجه الجيش الاسرائيلي قبل ذلك».
وماذا عن الأنفاق؟ أكد غانتس أن «الغاية من هذه الأنفاق هو تجاوز العقبات الاسرائيلية الموجودة على الحدود، وهذا ما حصل في قطاع غزة. لكن من ناحية لبنان، فالمسألة مغايرة، اذ ان طبيعة الارض مختلفة، والطوبوغرافيا هناك تسمح لهم بعبور الحدود من فوق الارض. صحيح اننا لا نعلم عن أنفاق هجومية من لبنان، الا اننا نواصل البحث طوال الوقت».
في المقابلة مع صحيفة «يديعوت احرونوت»، وأيضاً في المقابلة الأخرى مع موقعها على الانترنت، حشر المحاورون غانتس بالأسئلة عن التهديدات، فلفت الى انه «يمكن دائماً القول إن بالإمكان المبادرة الى معركة، لكن مسألة المعارك الواسعة لا تشن الا إن حان وقتها». أضاف: «انظروا ايها الاصدقاء، بحسب اسئلتكم، اقترح ان يودع بعضنا بعضاً، وان احمل نفسي واتوجه سريعاً كي اوصي بمهاجمة لبنان. فالتهديد من جانب لبنان على مواطني اسرائيل هو اوسع بكثير من تهديد غزة. هيا بنا لنبادر الى حرب، اهذا ما تريدونه؟ لا اعتقد ذلك».
اضاف غانتس ان «مواجهة الخطر من لبنان لا تُدار بهذه الصورة، لأن علينا ان نعرف كيفية ادارة المخاطر. فنحن لا نتحدث عن عمليات بورصة تكون نتائج الخطأ في ادارتها مجرد خسائر مادية، بل عن ادارة مخاطر قد تودي بحياة الناس»، وتابع يقول: «صحيح ان التهديد موجود شمالاً، الا ان تقديري ان حزب الله لا يريد مواجهة شاملة، لانه يدرك ثمن المواجهة».
لكن هل اسرائيل جاهزة لمواجهة 1000 صاروخ يطلقه حزب الله؟ سأل محاور يديعوت احرونوت. اجابة غانتس كانت مغايرة لاجاباته في مقابلاته الاخرى، وقال: «انا قلق جداً من النقص في الموارد لدى المؤسسة الامنية. فالفجوات كبيرة جداً، واذا كان لدينا نقص في كفاءة وجاهزية جنود الاحتياط، فسنواجه اسئلة كثيرة جداً في المستقبل».
وبينت اسئلة واجوبة مقابلة يديعوت احرونوت، ان نظرية «بيت العنكبوت»، وما ورد في الخطاب الشهير للأمين العام لحزب الله، عام 2000 في بنت جبيل، ما زالت متغلغلة عميقاً في الوعي الإسرائيلي، ولدى مسؤوليها تحديداً. بعد 14 عاماً على «بيت العنكبوت» يشير غانتس للصحيفة، إلى ان «حزب الله درس بعناية وتعمق كبير ما حدث في عملية الجرف الصامد في غزة، ونصر الله فهم قوة الجيش الإسرائيلي، وتحديداً قوة صمود المجتمع الاسرائيلي. لقد فهم نصر الله ان مجتمع إسرائيل لم يتفكك، وهو مستعد للتضحية»، أضاف: «يفهم نصر الله ان ما فعلناه في غزة، قادرون على فعله في لبنان».




التهديد الإسرائيلي في معرض الخشية من حزب الله


لم يسبق لرئيس أركان اسرائيلي ان «تكرم» على وسائل الإعلام بسبع مقابلات دفعة واحدة. مقابلات بني غانتس بدت وكأنها رسالة موجّهة تحديداً الى حزب الله، وخصوصاً أمينه العام: على (السيد حسن) نصر الله «ان يفهم»، و«ان يدرك»، و«ان يخشى» و«ان يهلع». لكن الرسالة المقابلة كانت: نعم نصر الله قادر على احتلال مستوطنات، وقادر على ضرب الجبهة الداخلية، وقادر على خوض الحرب في وجه اسرائيل.
في الوقت نفسه، كان واضحاً ان اسرائيل خاضت عدوانها الأخير في غزة، وعينها تنظر شمالاً: ماذا فهم نصر الله من هذه المواجهة؟ شمالاً، كما اكد أخيراً قائد المنطقة الجنوبية ايال ايزنبرغ، الحرب الحقيقية التي لا يمكن قياس عدوان غزة عليها، و«على الاسرائيليين ان يتواضعوا في توقعاتهم».
حجم التهديدات التي اطلقها غانتس كانت كافية لتأكيد ما تحفره قدرات حزب الله من قلق في الوعي الاسرائيلي. تأكيدات رئيس المؤسسة العسكرية بأن جيشه اقوى من الحزب، دليل اضافي على حجم التحدي. تهديدات غانتس، غير المسبوقة، تعكس ضمناً قدرة ردع حزب الله، وتبين تقديراته لنتائج المواجهة في حال اندلاعها، والتي شدّد على ان تدار بحكمة وعقلانية، وإلا فسيكون الثمن كبيراً جداً.






غانتس: السؤال عمّن نفضله في سوريا غير مفيد

بحسب تقديرات رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي بني غانتس، فإن الرئيس السوري بشار الأسد سيصمد في العام المقبل أيضاً، كما فعل في الاعوام الماضية، لكنه لن يعيد سيطرته على سوريا، لافتاً الى ضرورة الابتعاد عن إطلاق المواقف تجاه الازمة السورية، «إذ إن السؤال عن الجهة التي تفضّلها إسرائيل في الحرب هناك غير مفيد وغير واقعي».
وحول سيطرة «المتمردين» على حدود منطقة الجولان المحتلة، أشار غانتس الى أن «الحدود باتت تحوي جهات قد تتحول لاحقاً الى جهات إشكالية، لكنهم الآن مشغولون بأمور أكثر إلحاحاً بالنسبة إليهم من إسرائيل».
ورأى غانتس أن «مساعدة إسرائيل للمعارضة السورية وتقديم العلاج الطبي لجرحاها لن يجرّا خسارة لإسرائيل، ففي الجانب الثاني من الحدود سيعرفون تقدير إسرائيل».
ورداً على سؤال صحيفة معاريف عن إمكان دخول إسرائيل على خط المواجهات الدائرة في سوريا والتوغل براً للسيطرة على مناطق سورية، لم ينف غانتس احتمالاً كهذا، وأكد «أن ذلك يأتي ضمن سيناريوات أخرى، إذ إننا نعد للبدائل، وسنختار الأنسب منها بحسب الحاجة والظروف».
وتناولت أسئلة المقابلات تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، الذي أكد غانتس رداً عليها أن إسرائيل قادرة على مواجهة هذا التنظيم، وهي قادرة على إفشاله. و«لو كنت أواجههم، لمُني تنظيم «داعش» بالفشل»، مشيراً الى أن «هناك الكثير من الخطوات التي يمكن تنفيذها في وجه هذا التنظيم، لكن يجب عليهم القيام بعملية برية، الى جانب الضربات الجوية».