لا يجد فريق 14 آذار حرجاً في الحديث عن رفض الهبة الإيرانية للجيش اللبناني، مع ترداد معزوفة العقوبات الدولية على إيران كحجّة يتيمة لهذا الرفض. ومع أن وزير الدفاع سمير مقبل، لم يزر طهران بعد، ومن المقرّر أن يتوجّه إليها بعد غد لبحث الهبة رسمّياً مع الجانب الإيراني، إلّا أن قرار تيار المستقبل رفض الهبة اتخذ مسبقاً. ولم يكن ينقص سوى زيارة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي لرئيس الحكومة تمام سلام ومقبل، لضمان تناغم الرجلين مع قرار الرفض، بحجّة القرار الدولي 1747 الصادر عام 2007.في عام 2009، قدّمت إيران عرضاً مشابهاً لمساعدة الجيش اللبناني في مواجهة جيش العدو الإسرائيلي.
قامت الدنيا ولم تقعد يومها، وأتى السفير الأميركي الحالي ومساعد وزير الخارجية السابق للشرق الأوسط ديفيد هيل، لضمان عدم «انزلاق» لبنان في وحول قبول هبة من إيران، في الوقت الذي كانت فيه مخازن الجيش قد غزتها المساعدات الأميركية على شكل عربات «هامر» غير مدرعة، لا تصلح حتى لأعمال الأمن الداخلي مع ارتفاع خطر التهديدات الإرهابية.

واليوم، لم يحتج الأميركيون إلى الكثير من الضغوط لإقناع فريق 14 آذار برفض الهبة وعرقلتها. من يسمع الوزير نهاد المشنوق وبعض رموز فريقه السياسي يرفضون الهبة الإيرانية رفضاً قاطعاً، يظنّ أن الجيش اللبناني قد أتخمه السلاح الأميركي والفرنسي والسعودي، وبات بحوزته ما يكفي لهزيمة الإرهابيين ويزيد، أو يظنّ الجيش جيشاً لفريق واحد، بمعزلٍ عن رأي مجلس الوزراء ومواقفه.
هو موقف سياسي إذاً، يستبق زيارة مقبل لطهران، ولا يقيم وزناً لحاجة الجيش الفعلية للسلاح الذي تنوي إيران تقديمه مجاناً، وهو، على عكس السلاح الأميركي،
8 آذار: رفض
الهبة تماهٍ واشنطن
ولا يراعي حاجة
الجيش إلى السلاح

سلاح مناسب للمعارك التي يخوضها الجيش في جرود عرسال، بناءً على تجارب قتال التكفيريين خلال السنوات الماضية في سوريا والعراق واليمن.
مصادر فريق 8 آذار الوزارية لا تريد استباق نتائج زيارة مقبل لطهران، مع أن موقف 14 آذار بات واضحاً بالنسبة إليها بالرفض القاطع. يقول أكثر من مصدر وزاري إن «رفض فريق 14 آذار للهبة الإيرانية هو تماهٍ مع الموقف الأميركي، ولا يراعي المصالح الوطنية والفعلية بحاجة الجيش إلى السلاح». وتضيف أن «حجّة العقوبات على إيران ساقطة، لأن إيران لا تريد مالاً مقابل السلاح، وهي لا تتاجر، بل تقدم هبة». وحول ما إذا كان فريق 8 آذار سيطرح الموضوع على مجلس الوزراء، تقول المصادر إنها «تنتظر عودة وزير الدفاع، الذي من المفترض أن يطرح الهبة بطريقة رسمية، ليتم نقاشها في جلسة الحكومة». هل سيطرح مقبل الهبة؟ لا تملك المصادر إجابة عن هذا السؤال وتفضّل انتظار عودة الوزير لتبني على الشيء مقتضاه. لكن هل يعقل أن تكون زيارة بلامبلي لمقبل هباءً؟ وإن كانت، فهل يمكن أن يسير سلام في طريق معاكسٍ لتوجهات تيار المستقبل؟
من جهته، قال السفير الإيراني محمد فتحعلي، بعد زيارته وزير الخارجية جبران باسيل إن باسيل «أبلغنا أن موضوع الهبة سيُطرح على بساط البحث داخل مجلس الوزراء في لبنان، وينبغي أن يعبر الطرق القانونية الخاصة». وأضاف: «نحن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية نتمتع بخبرة عريقة وكبيرة في مجال مكافحة الإرهاب، وعلى أتم الاستعداد لأن نضع هذه التجربة والإمكانات المتطورة على طبق من ذهب».
وفي السياق، عاد الوفد العسكري الذي زار موسكو قبل أيام برئاسة رئيس أركان الجيش وليد سلمان عاد إلى لبنان. وعلمت «الأخبار» أن الوفد ركّز على ضرورة حصول لبنان على طائرات روسية، وفي مرحلة لاحقة عدد من الدبابات تتوزّع بين هبة من روسيا وجزء من موازنة تسليح الجيش، والجانب اللبناني الآن في انتظار الإجراءات الروسية.