إسطنبول | بعد ساعاتٍ من تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، صباح أول من أمس، التي وصف فيها حزب «الاتحاد الديموقراطي» السوري بـ«التنظيم الإرهابي»، وقال فيها إن أنقرة «لن تسمح بمرور المساعدات العسكرية إلى عين العرب»، تحدّثت وسائل الإعلام التركية عن اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما بأردوغان، تناولا فيه آخر التطورات في المنطقة.
وقالت مصادر إعلامية معارضة إن أوباما طلب بلهجة حازمة، السماح بإيصال المساعدات العاجلة إلى المقاتلين في عين العرب. وحاولت وسائل الإعلام الموالية للحكومة تبرير هذا الاتصال المفاجئ بموقف أردوغان العنيد، حيث شدّد أول من أمس على ضرورة إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد كشرط أساسي لأي مشاركة تركية في «التحالف الدولي» ضد «داعش». وجاءت المفاجأة الكبرى عندما خرج وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو صباح أمس، ليعلن موافقة أنقرة على مرور المساعدات العسكرية وعناصر البشمركة الكردية العراقية إلى عين العرب المحاصرة. وكان من الصعب على جاويش أوغلو أن يفسر للإعلاميين أسباب ومبررات هذا التغيير المفاجئ في الموقف التركي الخاص بعين العرب، خصوصاً أن المساعدات تذهب إلى تنظيم «إرهابي» وفق تصنيف الرئيس أردوغان الذي سبق أن قال إن هذا التنظيم من صناعة الرئيس السوري بشار الأسد. وكانت أنقرة قد عبّرت عن عدم ارتياحها للحوار المباشر بين قيادة «الاتحاد الديموقراطي» وواشنطن التي أوصلت مساعداتها العسكرية لمقاتلي الحزب في عين العرب جواً أو برّاً وعبر الأراضي التركية. ويفسر ذلك العجز الكلّي في السياسة التركية التي حاولت منذ البداية إقناع واشنطن بضرورة إقامة المنطقة العازلة والحظر الجوّي في شمالي سوريا. ولم تخفِ أنقرة عدم ارتياحها من احتمالات انتصار «الديموقراطي» في عين العرب، ومن بعدها تل أبيض، ما سيعني سيطرة الأكراد على الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا اعتباراً من جرابلس إلى القامشلي، أي بطول ٤٥٠ كلم تقريباً.
وسبق للمسؤولين الأتراك أن عبّروا عن قلقهم من تجربة الحكم الذاتي لأكراد سوريا واحتمالات أن ينعكس ذلك على أكراد تركيا، خصوصاً أن «الاتحاد الديموقراطي» هو امتداد لحزب «العمال الكردستاني» بزعامة عبد الله أوجلان. وبدأ الحديث اعتباراً من يوم أمس في الأوساط الحكومية عن احتمالات إخلاء سبيله من سجنه في جزيرة ايمرالي ووضعه تحت الإقامة الجبرية في فيلا خاصة قرب إسطنبول، حتى تبقى الورقة الكردية تركياً وإقليمياً بيد أنقرة. وكان رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو قد قال إنهم لن يسمحوا بسايكس ـ بيكو جديدة في المنطقة وعلى حساب الأمن الاستراتيجي لتركيا.