تحرّكت وزارة العدل، أمس، تحت عنوان صون «كرامة العاملين في قصور العدل». فبعد أن أثارت قضية اعتداء النائب (المحامي) نقولا فتوش على موظفة تقديم الشكاوي في قصر العدل ـ بعبدا، منال ضو، غضب الرأي العام اللبناني (خصوصاً أن النيابة العامة الاستئنافية لم تتحرّك في وقتها، ورعت ما سمته «مصالحة» بين المعتدي والمعتدى عليها، ولم يجر تقديم شكوى ضد المعتدي)، طلب وزير العدل أشرف ريفي «إجراء التحقيق اللازم واتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة».
وأجرى ريفي أمس زيارة لقصر العدل في بعبدا، حيث التقى منال ضو واستمع منها إلى تفاصيل الاعتداء، بحضور النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم.
حتى الساعة، لم تتقدّم منال بشكوى، إلا أنها تؤكد لـ»الأخبار» نيتها تقديم شكوى في الأيام المقبلة. غيّرت منال رأيها لأنها حصلت على دعم من وزارة العدل، هذا ما أوحته في حديثها، مشيرة إلى انها حظيت بتجاوب كبير من المعنيين الذين وعدوها بإمكانية تحصيل حقها ومقاضاة فتوش. في هذا الإطار، يقول أحد المستشارين القانونيين إن الحصانة النيابية تسقط في حال الجرم المشهود، ذلك أن ما قام به فتوش لا يخضع للحصانة المفروضة ويستوجب الملاحقة الفورية من دون أخذ إذن المجلس النيابي. «ثمة شهود على أن فتوش تعرّض بالضرب والتحقير والإهانة لموظفة عامة أثناء تأدية مهماتها، وبالتالي يصنف ضمن الجرائم الجزائية المشهودة التي تستدعي الملاحقة فوراً». ويوضح المستشار القانوني أن جرم التحقير الذي اقترفه فتوش غير مرتبط بما تضمنته المادة 39 من الدستور النيابي التي تعطيه الحصانة «بسبب الآراء والأفكار التي يعطيها والتي يعبّر عنها أثناء ولايته النيابية»، ذلك أن «هذه الحصانة مرتبطة بالأفكار والآراء التي يبديها كمشرع، وبالتالي وجدت لحمايته أثناء ممارسته دوره التشريعي، وليس لإهانة موظفة عامة».
تفاعلت قضية منال على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشر هاشتاغ «نائب مدّد إيده» على تويتر، في إشارة إلى أن فتوش هو الذي تقدم باقتراح قانون التمديد الذي على أساسه مدّد المجلس النيابي لنفسه، وهو الذي تقدم باقتراح قانون التمديد مرة أخرى. كذلك أثارت الحادثة جملة من الاستنكارات التي عبّرت عنها منظمات مدنية ونقابية. فقد طالبت رابطة موظفي الإدارة العامة المجلس النيابي والقضاء «باتخاذ الإجراءات اللازمة في حق فتوش ومعاقبته»، داعية نقابة المحامين إلى «موقف واضح وصريح من هذا الاعتداء». ودعت الرابطة إلى اعتصام رمزي أمام قصر العدل في بيروت، استنكاراً للاعتداء على منال ضو، عند الساعة التاسعة والنصف من قبل ظهر غد الخميس، ودعت كل الموظفين والعاملين في الإدارة «إلى التوقف عن العمل من الساعة 8.30 ولغاية الساعة 10.30 من قبل ظهر اليوم نفسه». واستنكر «التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني» الحادثة، ورأى «أن هذا السلوك ليس سوى انعكاس للتعاطي الذكوري المعتاد من قبل الطبقة الحاكمة التي لطالما ضربت عرض الحائط بحقوق النساء وكرامتهن الإنسانية». كذلك دعت رابطة موظفي الإدارة العامة إلى محاسبة فتوش ومساءلته أمام مجلس النواب.