اشتعلت جبهة معراب ــ الصيفي أول من أمس بالردود بين حزبي القوات اللبنانية والكتائب على خلفية التمديد للمجلس النيابي. شن رئيس القوات سمير جعجع هجوماً على العماد ميشال عون وكان أحد أهدافه انتقاد حليفه، تماماً كما مارس عون سياسة المواربة مع حلفائه. تستمر لعبة «الحشر في بيت اليك» بين القوات والكتائب، لكن هذا الاستحقاق دفعهما الى «لعب خططهما» على نحو علني.
فلم يكد منسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب سامي الجميل ينشر على صفحته على «فايسبوك» تعليقا يرى فيه أن «ما حصل اليوم ليس تفضيل الفراغ على التمديد، بل هو تمديد للفراغ»، حتى انهالت عليه ردود الفعل السلبية من مناصري القوات، الذين دعوه الى «الاستقالة وإلا فالتوقف عن هذه التمثيلية»، متهمين الكتائب بأنها «أصبحت مثل (العماد ميشال) عون. تشارك في الحكومة ولا تعمل شيئا»، سائلين اياه: «هل كنتم ستتحملون بلدا من دون مجلس نواب؟». آخر رأى أن «آخر رجل في الجمهورية اللبنانية هو الشيخ بشير (الجميل)، لو كان بيننا لكان قد استقال من هذا المجلس». هذا الهجوم «الافتراضي» على «الشيخ سامي» سبقه انتقاد «ناعم» وجهه جعجع الى الكتائب «الحليف الابدي السرمدي»، الذي تقاعس وزراؤه عن العمل داخل الحكومة من أجل تسهيل اجراء الانتخابات النيابية. موقف استلحقته الدائرة الاعلامية في القوات ببيان سألت فيه «الصديق والحليف» (وزير العمل) سجعان قزي «لماذا لم تمتنعوا ووزراء تكتل التغيير والاصلاح، ومنذ أشهر طويلة، عن توقيع أي قرار وزاري قبل ان تقوم الحكومة بكل الاجراءات اللازمة والضرورية والملزمة لإجراء الانتخابات النيابية؟».
تراهن القوات
على أن ما يقوم به الكتائبيون رد فعل سيخمد قريباً


الامر الذي دفع بـ «منافس» قزي في الكتائب، الوزير السابق سليم الصايغ، الى الرد على جعجع «لأنه مخطئ. هو لا يستطيع ان يغطي تمرير التمديد بالقاء قنابل دخانية». تبدو الكتائب منسجمة مع موقف وزيرها السابق، فهي ترى فعلا أن «القوات لا ترمي الا الى تبرير سيرها بالتمديد، ولا وسيلة لها سوى الايحاء بأن خيارات الافرقاء الآخرين هي الخاطئة»، استنادا الى مصادر الحزب، التي تؤكد أن «القوات كان لها خيار آخر، فجعجع كان قد تعهد في معظم اجتماعات فريقنا السياسي المشاركة في الجلسة النيابية والتصويت ضد التمديد، لكنه عاد وبدّل رأيه». ترفض المصادر التطرق الى أسباب «التغيير» لدى جعجع، ولكن مجرد أن يُسمح لموقع الكتائب الالكتروني بأن ينقل عن صحيفة «الجمهورية» معلومات أن جعجع عدّل موقفه من التمديد بعد زيارته للسعودية، كاف لتوضيح الصورة. تقول المصادر الكتائبية إن «المطلوب من الآخرين احترام موقفنا. نحن صوّتنا ضد التمديد، وفي المقابل لم نخوّن من صوت معه، لأننا لسنا في موقع تقويم أحد، لذلك نتمنى ألّا تقوّمنا القوات». صحيح أن التحالف بين الاثنين لن يُفض، ولكن «نشعر بأن القوات متوترة تجاهنا. ما بدها هلقد».
جرت العادة أن يكون الكتائب هو «حزب التردد» من خلال تبديل مواقفه، ولكنه منذ مشاركته في الحكومة يبدو أقرب الى الالتصاق بـ «المبادئ» ولو على حساب «الشعبية». فعلى سبيل المثال، رفض وزراؤه بت بند تعيين عمداء وتفريغ أساتذة الجامعة اللبنانية قبل الحصول على الحصة التي ترضيهم، كما أنهم عرقلوا صرف رواتب موظفي القطاع العام لشهر تشرين الثاني لانهم لا يؤمنون بأي تشريع في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية. أضف الى ذلك معارضتهم للتجديد لشركة سوكلين. وأخيرا عدم حضور جلسة التمديد للمجلس. تعيد المصادر التطور الذي يصيب الكتائب الى «النمط الجديد الذي يحاول سامي ارساءه». توضح أنه في اجتماع المكتب السياسي يوم الاثنين، «اتصلنا بالشيخ أمين وعرضنا عليه موقفنا بأن مقاطعة الجلسة لها وقع أكبر، وخاصة أنها كانت ستتحول الى جلسة تشريعية، فأبلغنا اتخاذ القرار الذي نراه مناسبا». بيد أن مسؤول أحد الأحزاب في قوى الرابع عشر من آذار يقول إن «الكتائب لم تشارك في الجلسة لأن الرئيس نبيه بري قال إن الميثاقية لا تتأمّن الا من خلال مشاركة القوات أو التيار العوني. الامر الذي خدش غرور الكتائب فقررت المقاطعة».
من جهتها، تستنفر مصادر القوات اللبنانية عند الحديث عن ملف التمديد والعلاقة مع الكتائب، مشيرة إلى أن «هناك قلة مسؤولية بالتعاطي مع موضوع التمديد. وزير واحد كان بإمكانه قلب الموازين، لماذا لم يتصرفوا؟». ترفض القوات تحميلها مسؤولية التمديد: «الكتائب والتيار الوطني الحر هما اللذان عطلا، والعونيون بنسبة أكبر، لأنهم يرفضون انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، معقبة أن «عون عطّل البلاد لشهور عديدة عند تأليف الحكومة، لماذا لم يتهمه أحد، واليوم الجميع يتهم القوات؟». لا تنكر المصادر أن خيار جعجع في البداية كان التصويت ضد التمديد، «لاننا كنا نراهن على أن هناك جهات ستكون على قدر المسؤولية المعطاة لها». تصر القوات على كونها «أكثر فريق يريد الانتخابات النيابية، لأن التمثيل النيابي مجحف بحقنا. أساس وجودنا في القوات أن يبقى البلد، لهذا سرنا في التمديد مكرهين حتى يبقى هناك حد أدنى من المؤسسات الفاعلة في البلد». أما في ما خص الكتائب، فلا تزال المصادر تحاول قدر الامكان تحييدها، «ما يقومون به مجرد رد فعل سيخمد قريبا».