يصعب على المستمع إلى تصريحات وزراء تيار المستقبل داخل الحكومة معرفة من هو الناطق الرسمي باسم التيار في السرايا الحكومية، أو الممثل الشرعي له. هل هو وزير الداخلية نهاد المشنوق أم وزير العدل أشرف ريفي؟ وهل من الممكن ألّا يكون أي منهما «الممثل الشرعي والوحيد» للتيار، وأن يكون حامل ملفات «المستقبل» في الظل دائماً؟
من يرَ صورة مجلس الوزراء مجتمعاً، يعرف أن الوزير جبران باسيل يمثل العماد ميشال عون، والوزير علي حسن خليل يمثل الرئيس نبيه بري، والوزير محمد فنيش يمثل حزب الله، والوزير وائل أبو فاعور يمثل الحزب التقدمي، والوزير سجعان قزي يمثل حزب الكتائب. أما تيار المستقبل، فيتجاذب تمثيله كل من صقرَيه، المشنوق وريفي. وحين يدقّق الباحث أكثر، سيجد ميشال فرعون أزرق اللون، «وبعضَ» رشيد درباس.
المشنوق هو
السياسي. ريفي هو الساكت. ولميشال فرعون السياحة


لا أحد يذكر أو يتذكر الوزير نبيل دو فريج. تسأل وزير التربية الياس بو صعب لمعرفة من يمثل تيار المستقبل في مجلس الوزراء فيجيب: دو فريج. ولدى سؤال وزير الثقافة روني عريجي يردّ بالجواب نفسه. حتى وزراء المستقبل يؤكّدون أن دو فريج يمسك بأجندة المستقبل في المجلس.
شخصية دو فريج الهادئة وغير الصدامية، وعدم إمساكه بملفات سياسية وأمنية، على عكس زميليه ريفي والمشنوق، لا توحي بـ»خطورته». يصف أحد الوزراء ريفي بأنه في الحكومة «غير ريفي على التلفزيون». فريفي الذي «فات غصب العَنن على الوزارة»، كما غرد على التويتر، «منضبط داخل القاعة، وقليل الكلام وغير صدامي»، كما يصفه أحد الوزراء. وهو «في الإجمال لا يتكلم كثيراً خلال الجلسات، ولا يسمع صوته إلا إذا سئل عن ملف يعني وزارته». يعزو أحد الوزراء «هذا الاختلاف بين الشخصيتين» إلى أن «ريفي لم يستطع الانفصال عن الحياة العسكرية التي عاشها. وهو لا يعرف شيئاً عن النصوص الدستورية، ولا يشارك في أي نقاش يجري داخل الجلسة». فيما يؤكّد عارفوه في الأمن الداخلي أنه يلتزم الشخصية نفسها: هادئ، يخفي كل ما يفكر فيه.
المشنوق هو الناطق السياسي باسم تيار المستقبل، وأحياناً باسم 14 آذار. أما في بنود جدول أعمال مجلس الوزراء، فلا يكاد يتدخل إلا بما يعني وزارته مباشرة. ويشير أحد الوزراء إلى أن وزير الداخلية بلغ في تمايزه عن وزير العدل حد التصادم في بعض القضايا بسبب اختلاف وجهتي نظرهما من الأحداث الأخيرة، خصوصاً في الشمال وعرسال.
المشنوق هو السياسي. ريفي هو الساكت. ولميشال فرعون السياحة. أما دو فريج، فله الإدارة وجدول الأعمال وتبادل الخدمات بين الوزارات. تقول مصادر وزارية إن وزير الأشرفية الشهير بملكيته لاسطبلات تشارك في سباق الخيل في بيروت «هو الناطق الحكومي باسم المستقبل، وعندما يتكلم نعرف أنه ينقل إلينا وجهة نظر (رئيس الحكومة الأسبق فؤاد) السنيورة». وتشير المصادر إلى أن «دو فريج هو من يتولى تنسيق جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء مع السنيورة ونادر الحريري. ويتولى نقل وجهة نظر المستقبل في كل ما يُطرَح على جدول الأعمال. وفي بعض الملفات، ينسّق مباشرة مع الرئيس سعد الحريري». قبيل بدء جلسة مجلس الوزراء، جرت العادة بأن يناقش دو فريج زملاءه من مختلف الكتل النيابية في طلبات كتلة المستقبل وفق لائحة واضحة. وبحسب المصادر، فإنه من أكثر الوزراء تنظيماً: «عند طرحه فكرة، يُخرج ورقة تلو الأخرى من ملفه ويرفقها بكل الدراسات المطلوبة». وفي بعض الأحيان، ينسحب عن الطاولة ليجري بعض الاتصالات إن كان الملف المطروح بحاجة لقرار من السنيورة أو الحريري. ويبدو أن هذا الدور راق الوزير الهادئ، فبات بعض المقربين منه يقللون من أهمية المداخلات السياسية التي يتلوها الوزراء الآخرون على طاولة مجلسهم، وبينهم زميلاه المشنوق وريفي، إذ تنقل مصادر دوفريج عنه قوله: «الجميع يعبّر عن رأيه في القاعة، لكن بصفة شخصية».