أجمعت وسائل الإعلام العبرية، يوم أمس، على أن تل أبيب عاجزة عن إيجاد حل للعمليات الفلسطينية في القدس المحتلة. إجماع عبرت عنه كتابات أهم المعلقين والخبراء الإسرائيليين الذين طالبوا بضرورة معالجة الأزمة بحكمة ودراية، وفي مقدمتها استئناف العملية السياسية مع الجانب الفلسطيني.
في السياق، حذرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، ذات الاتجاه اليميني، من خطورة ردود الفعل الإسرائيلية على عملية الكنيس في القدس، ومن مجمل الإجراءات والسلوك الاستفزازي الذي يقدم عليه السياسيون في القدس والحرم، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى اندلاع انتفاضة ثالثة. وكتب معلق الشؤون العسكرية في الصحيفة، يؤاف ليمور، أنه يجب على صاحب القرار في تل أبيب أن يتخذ قراراته من رأسه و«ليس من بطنه»، إذ الهدف النهائي الملقى على عاتقه «ليس الانتقام»، بل هو «عودة الهدوء والأمن إلى الشوارع في المدينة».
كذلك قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن سمة القدس في هذه أنها مدينة لا تعرف الهدوء أو الاستقرار الأمني، وهذا «أحد إخفاقات حكومة بنيامين نتنياهو الذي فقد ثقة الجمهور به، وبات ملزماً بالانتخابات المبكرة للكنيست»، مضيفة أن الحكومة تنتقل من إخفاق إلى آخر، ومن بينها «تأكيد نتنياهو أن حركة حماس منيت بضربة شديدة خلال عملية الجرف الصامد، فيما الواقع يشير إلى أنها تستعد للجولة المقبلة من القتال».
أما عن سبل معالجة الوضع الأمني في القدس ومواجهة العمليات الفردية، فتؤكد الصحيفة إخفاق كل الخيارات الموضوعة على طاولة القرار، مشيرة إلى أنه سبق لمتخذي القرارات أن جربوا تلك الخيارات من دون أي نتيجة، ومن دون التوصل إلى الهدوء. وكذلك لن يجدي نفعاً، وفق «يديعوت»، أن يسارع نتنياهو ووزراؤه إلى تحميل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، المسؤولية عن العمليات.
على النسق نفسه، شنت افتتاحية صحيفة «هآرتس» هجوماً على نتنياهو، ورأت أنه يستغل عملية الكنيس في القدس لإثارة الرأي العام الإسرائيلي ضد المسؤولين الفلسطينيين، وخاصة عباس، لافتة إلى أن أبو مازن يجب أن يكون شريكاً في أي اتفاق سلام بين الجانبين، «وليس شخصاً يوجه نتنياهو مساعيه إليه لتشويه صورته».
ورأت الصحيفة أن تصريحات رئيس وزراء العدو، وأيضاً تصريحات وزير خارجيته، افيغدور ليبرمان، تهدف إلى تعميق الخلاف مع الفلسطينيين، «والعمل على إفشال أي إمكانية للتوصل إلى تسوية في المستقبل»، مثنية على تصريحات رئيس جهاز الأمن العام «الشاباك»، يورام كوهين، الذي كان «أكثر اعتدالاً من وزراء الحكومة»، ونفى أمام لجنة الخارجية والأمن تورط عباس في التحريض على «العنف» داخل الأراضي الفلسطينية.
وكتب نير حسون في «هآرتس» تحت عنوان «الواقع في القدس يرفض أوامر نتنياهو»، قائلا إن «الإحباط هو سيد الموقف، وهناك إحساس بعجز الدولة عن توفير الحماية لليهود في القدس». وأضاف حسون: «بعد أيام معدودة على التفاخر بأن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية استطاعت إعادة الهدوء إلى المدينة، ها هي عملية أخرى ينفذها الفلسطينيون، وتودي بحياة خمسة إسرائيليين وإصابة آخرين».
على النسق نفسه، كتب آفي يسساخروف في «تايمز أوف إسرائيل»، تحت عنوان «ارجعوا إلى طاولة المفاوضات قبل فوات الأوان». وأكد أنه لا حل تقليدياً ناجعاً لمواجهة العمليات في القدس، وخاصة تلك الفردية التي لا تتبع أي فصيل فلسطيني، «إذ جرى العمل على الكثير من الاقتراحات، ولكن من جدوى... كهدم بيوت منفذي الهجمات، أو طرد العائلات وغيرها، كذلك إن إقامة الحواجز في مداخل الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية يضرب معنى مقولة القدس الموحدة».
والحل الوحيد الذي لم يطرح، وفق يسساخروف، هو «إحياء مفاوضات السلام، أي التفاوض مع الفلسطينيين»،، فيضيف: «كل الخيارات الأخرى طرحت ونفذت في الأسابيع الأخيرة، وكلها منيت بالفشل الذريع ولم تمنع التصعيد الأمني، ومن بينها أيضاً إيقاف العملية السياسية وضرب الحلول الدبلوماسية... أما رفض عباس كشريك في السلام، فمن الواضح أنه طرح غير ناجح، ولن يمنع العنف». وأخيراً أشار الكاتب إلى أن إسرائيل موجودة حالياً في اللحظات الأخيرة قبل اندلاع الانتفاضة الثالثة بكامل قوتها، وربما «هناك شخص ما في القيادة السياسية الإسرائيلية قد يعيد النظر في فكرة التفاوض مع عباس، لأنه إذا لم يحدث ذلك، فهجوم الثلاثاء الفظيع في هار نوف، سيكون بداية لموجة عنف خطيرة أكثر بكثير».