لم تنته مفاعيل إمرار قانون «القومية اليهودية» عند الجدال الحاد الذي ساد أوساط حكومة العدو الإسرائيلي، بل تفاقم حتى الحديث عن إمكانية تفكيك الحكومة، وخاصة في أعقاب التباينات بين المؤيدين والمعارضين، وإصرار كل من الطرفين على موقفه ثم نقله إلى الكنيست.
ومما أسهم في تأزيم الموقف وحشر جميع الأطراف، أن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، شدد على فرض انضباط ائتلافي خلال التصويت على مشروع القانون في الكنيست بالقراءة التمهيدية يوم غد، كذلك رفض طلب وزير المالية، يائير لابيد، منح أعضاء الائتلاف حرية التصويت. ويعني موقف نتنياهو أن أي وزير يعارضه سيضطر إلى الاستقالة من منصبه. لكن حزبي «يوجد مستقبل» و«الحركة» أعلنا، حتى الآن، نيتهما الاعتراض على مشروع القانون.
ولإنقاذ الموقف، أتى تأجيل التصويت على القانون حتى الأسبوع المقبل بناءً على اقتراح تقدم به وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، كما نقل موقع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، ولقي الاقتراح قبولاً لدى جميع مركبات الائتلاف الحكومي.
في المقابل، رأى مسؤولون في الحكومة أن موافقة نتنياهو على تأجيل التصويت يهدف إلى كسب الوقت لإجراء المزيد من المشاورات التي تسمح له بتشكيل ائتلاف حكومي بديل قبل فضّ الشراكة مع «يوجد مستقبل» و«الحركة»، فيما يعزز إصراره على إمرار القانون في هذه المرحلة انطباعاً يقول إن هدفه تعزيز مكانته داخل حزب «الليكود» ومعسكر اليمين.
نتنياهو وصف القانون، خلال جلسة كتلة «الليكود»، بأنه «مهم جداً لضمان مستقبل إسرائيل في أرض إسرائيل»، وتابع قائلاً: «عليّ أن أقول إن القانون والمبادئ التي أدفعها ستحافظ على إسرائيل دولة للشعب اليهودي، وفقط له، إلى جانب الحفاظ على حقوق الأقليات». مع ذلك، أعرب عن استعداده لمنح فرصة للحوار والتوصل إلى اتفاق، «وهذا الخيار المفضل لدي، لكني عازم على إمرار القانون، مع أو من دون اتفاق».
في هذه الأجواء، حرص وزير الاقتصاد الإسرائيلي ورئيس حزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، على أن يعزو إلى نفسه «إنجاز» إمرار القانون في الحكومة عبر تأكيد أن حزبه طالب بسنّ قانون «القومية اليهودية» عندما تفاوض مع رئيس الحكومة حول انضمامه إلى الائتلاف الحكومي.
وكانت وزيرة القضاء، تسيبي ليفني، قد توقعت، أول من أمس، أن يقيلها نتنياهو في حال طرح مشروع القانون للتصويت يوم غد، (كما كان مقرراً قبل التأجيل إلى الأسبوع المقبل). وأكدت ليفني أنها اعترضت في جلسة الحكومة على مشروع القانون الذي «يمسّ النظام السياسي الإسرائيلي ومبادئ الديموقراطية»، وأنها ستعترض عليه في الكنيست.
أما لابيد، فقال إنه لا يسعى إلى تبكير موعد الانتخابات، لكنه سيعترض على القانون، وأضاف: «إذا أراد نتنياهو تفكيك الائتلاف بسبب هذا الموقف، فإن ذلك ينطوي على عدم مسؤولية».
مع ذلك، ينبغي الإشارة إلى أن استطلاعات الرأي تتوقع لحزب «الحركة» الذي تترأسه ليفني أنه سيختفي عن الخريطة السياسية، فيما يتوقع تراجع شعبية وتمثيل حزب «يوجد مستقبل». أيضاً من المتوقع أن يؤدي الدفع نحو انتخابات مبكرة إلى بقاء «الدولة» من دون ميزانية، وهو ما سيحرم لابيد تحقيق «الإنجاز» الأساسي، أي «قانون صفر على الضريبة المضافة»، الذي يراهن به على تعزيز شعبيته. ولا يبعد أن يكون نتنياهو يراهن على إدراك ليفني ولابيد لمفاعيل الانتخابات على حزبيهما في هذه المرحلة، من أجل تليين مواقفهما وتوفير حلول تسمح بإمرار القانون في الكنيست، وبما يحافظ على استمرار الحكومة.
على هذه الخلفية، يتوقع المراقبون في إسرائيل أن يؤدي طرح مشروع القانون على الكنيست للتصويت عليه بالقراءة التمهيدية إلى تفجير الأزمة مجدداً، ولا سيما في ظل العلاقات المشحونة بين الشركاء في الائتلاف. وما يعزز هذا الانطباع أن العلاقة بين ليفني ولابيد ونتنياهو وصلت إلى الحضيض، وخرج الخلاف إلى العلن وتفجرت الشحنات السلبية وانزلقت إلى تبادل اتهامات وإهانات شخصية، كما يصف مراقبون إسرائيليون.
كذلك يبدو أن كل الأطراف تدرك أن الانتخابات قريبة، الأمر الذي من شأنه أن يجعل كلاً منها يتمسك بمواقفه، لذا اعتبر رئيس حزب «العمل»، يتسحاق هرتسوغ، أن انشغال الحكومة بقانون الدولة القومية اليهودية في هذه المرحلة الحساسة أمنياً وسياسياً يشكل «خطوة عديمة المسؤولية» من شأنها أن تؤدي إلى «التهاب ألسنة النار المشتعلة في المنطقة».