«أهلاً بكم في عاصمة الشتات الفلسطيني». تستقبلك هذه العبارة، المرفوعة بعد حاجز الجيش اللبناني قرب مستشفى صيدا الحكومي على باب مخيم عين الحلوة. لا تختلف الاجراءات الامنية لعناصر الجيش هنا عن نظيرتها في الضاحية الجنوبية: تفتيش للسيارات، وتدقيق في هويات المارة. في الأيام القليلة الماضية، عاد اسم المخيم الى التداول الاعلامي، وكالعادة من المنظور الامني. اذ أشارت معلومات الى ان المطلوب شادي المولوي تمكن من الوصول الى المخيم.
مسؤول امني فلسطيني أكّد أن «المولوي دخل الى المخيم مع اربعة افراد بينهم زوجته وشخص مقرب من احمد الأسير»، وهو«موجود حالياً في منطقة التعمير (الطوارىء)، في ضيافة الناشط الاسلامي هيثم الشعبي الذي استأجر منزلاً له». وتؤكد مصادر قيادية عدة في المخيم ان المهمة الآن «محاولة رصد المولوي عبر الكاميرات المنتشرة في المخيم». ولكن رغم هذه التأكيدات، أصر «الشباب المسلم» الذي يضم بقايا «جند الشام» و«فتح الاسلام»، في إجتماع عقدته قيادة منظمة التحرير مع مسؤولي الفصائل في عين الحلوة أمس، ان «المولوي ليس في المخيم، وفي حال رصد فإنهم سيطلبون منه الخروج»، كما قال احد المشاركين في الإجتماع. فيما أكد قيادي فتحاوي أن «المخيم لن يكون مقراً او ممراً للمطلوبين، كما أننا سنسعى الى إخراج فضل شاكر من المخيم».
في الطريق الى السوق الرئيسي في المخيم تنتشر صور منفذي عمليات القدس الاستشهادية. ومع الغوص اكثر في ازقة المخيم تبدأ بالظهور شعارات دينية لا تخلو من نفس مذهبي، خصوصاً في حي الصفصاف معقل الاسلاميين مرتدي الزيّ الافغاني. على مدخل الحي المؤدي الى منزل الشيخ اسامة الشهابي، شبان ذوو لحى طويلة بثياب سوداء. ينهمك بعضهم في تدعيم أحد المحال مقابل مكتب لحركة فتح. يراقب كل طرف تحركات الاخر بتوجس. طلقة نارية هنا قد تؤدي الى اندلاع اشتباك مميت.
اشتباكات طرابلس وهدوء المخيمات!
مع اندلاع مواجهات طرابلس الشهر الماضي، راقب فلسطينيو الشمال وعين الحلوة ما جرى بحذر. تخوف ابناء مخيم البداوي من دخول الـ«غربيّة» الى مخيمهم، فنشرت اللجان الامنية عناصرها على مداخل المخيم، وقدمت المستوصفات الفلسطينية في نهر البارد والبداوي الاسعافات الاولية لجرحى الجيش.
المطلوب موجود
في منطقة التعمير في ضيافة هيثم الشعبي


مصادر قيادية في الامن الوطني في البداوي تؤكّد انه «كان لدى عناصرنا امر بإلقاء القبض او اطلاق النار على من قد يخرج حاملاً سلاحه». في عين الحلوة، وبمجرد بدء المعركة في طرابلس، انتشر عناصر من الامن الوطني و«عصبة الانصار» لمنع استهداف الجيش في منطقة التعمير. وقبل تنفيذ الانتشار «ابلغ اسامة الشهابي المعنيين في المخيم انه يمكن لعناصر الكفاح المسلح القاء القبض على اي فرد من انصاره اذا حاول استهداف الجيش». يؤكّد مسؤول امني في المخيم ان «موقف الشهابي خفّف من التوتر». ويضيف: «أبلغنا الجيش انه في حال استهدف او حصل خرق امني فإننا سنرد على مصادر اطلاق النار. الاوامر كانت تقضي بقتل اي شخص يحاول استهداف الجيش».
التزم بلال بدر وعناصره «تكليف اميره اسامة الشهابي بالهدوء»، كما قال قيادي اسلامي في المخيم. اذ ان المعركة الاستباقية التي شنها الجيش فاجأت الجميع، اضافة الى ان «التكليف من قبل قيادة النصرة قضى بعدم المشاركة في المعركة لانها تعتبر نفسها في فترة التمكين والاستعداد حالياً، ولا امكانية للصمود امام الجيش». وأضاف: «لو طالت مدة العملية العسكرية، او اتسعت رقعتها، ربما كنا شهدنا تحركاً لبعض المجموعات في المخيم». لكن وبرغم من هذا التخوف «القرار كان حاسماً بمنع المواجهة مع الجيش».
ما الذي منع الانفجار في عين الحلوة؟
«لا شيء». بهذه البساطة يجيب مسؤول امني بارز في الأمن الوطني الفلسطيني. ويضيف: «قد يؤدي اي حادث امني لبناني او اندلاع اشتباكات جديدة ضد الجيش في أي منطقة لبنانية الى اندلاع مواجهات شاملة بين القوى الاسلامية المتشددة والجيش اللبناني في المخيم». الرادع الوحيد لمنع هذا السيناريو حتى الان هو «عدم رغبة اي طرف في المخيم في تكرار تجربة مخيم نهر البارد او اليرموك». ويؤكّد انه في حال «قررت المجموعات السلفية في المخيم التحرك بهدف نصرة «أهل السنة»، وتشتيت قوى الجيش فإننا سنواجهها وسنجعل الاشتباك فصائلياً داخلياً لمنع ضرب الجيش وجرّ المخيم الى مواجهة معه».