تونس | بانتظار تقديم الطعون وتحديد موعد الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، يعيش الشارع التونسي على إيقاع حرب مفتوحة بين الرئيس المؤقت، المنصف المرزوقي، ومرشح حركة «نداء تونس»، الباجي قائد السبسي، وذلك بعدما أسفرت معركة الدور الأول عن انحصار المنافسة بينهما من ضمن ٢٣ مرشحاً.
بعد ساعات قليلة على إعلان النتائج الأولية، انطلقت «الحرب» بين المرشحين المرزوقي والسبسي، ويبدو أن الأخير في طريق مفتوح للفوز في الانتخابات في دورتها الثانية. فقد أعلن المرشحون، منذر الزنايدي والهاشمي الحامدي وكمال مرجان وسليم الرياحي وعلي الشورابي، رسمياً، مساندتهم للسبسي، كذلك أعلن المرشحان المنسحبان، قبل بداية السباق، عبد الرحيم الزواري ومصطفى كمال النابلي، دعمهما له. ومن المتوقع أن يعلن مرشح «الجبهة الشعبية» زعيم اليسار التونسي، حمة الهمامي، دعمه ومناصرته للباجي قائد السبسي، وهو الموقف نفسه المنتظر من مرشحين آخرين، مثل نور الدين حشاد نجل الزعيم النقابي الكبير الشهيد فرحات حشاد. وكذلك القاضية كلثوم كنو وعبد القادر اللباوي.
وبناءً عليه، يحظى الباجي قائد السبسي بدعم أغلب الذين نافسوه في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، ما يظهره في وضع انتخابي مريح، رغم مخاوف المقربين منه. فحتى الأحزاب التي لم ترشح أحداً أعلنت مساندتها له، مثل حزب «آفاق تونس» الذي فاز بثمانية مقاعد، وكذلك حزب «الجبهة الوطنية» الذي فاز بمقعد في البرلمان عبر ممثله التهامي العبدولي، وأيضاً حزب «الديموقراطيين الاجتماعيين» الذي أعلن مرشحه الوحيد في البرلمان أحمد الخصوصي مساندته لـ«نداء تونس» ومرشحه الرئاسي الباجي قائد السبسي. وإضافة إلى بعض النواب المستقلين، أعلنت أحزاب ليس لديها من يمثلها في البرلمان مساندتها للسبسي، مثل حزب «المسار الديموقراطي» وحزب «العمل الوطني الديموقراطي» وحزب «المبادرة الوطنية الدستورية» الذي فشل زعيمه كمال مرجان في الحصول على نسبة محترمة في السباق الانتخابي. كذلك دعا المرشح الدستوري المستقل منذر الزنايدي، الذي كان آخر وزير للصحة في عهد بن علي، إلى التصويت للسبسي.
في المقابل، لا يجد المنصف المرزوقي مساندة كبيرة من منافسي السباق الانتخابي، باستثناء من زعيم حزب «حركة وفاء» المنشق عن حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية»، رؤوف العيّادي. ويتوقع أن يلقى دعماً من المرشح الرئاسي، عبد الرزاق الكيلاني، وكذلك محمد الفريخة وحمودة بن سلامة، وكل هؤلاء متّهمون بأنهم من المقربين لـ«النهضة»، وكذلك من «روابط حماية الثورة» والسلفيين و«حزب التحرير»، الذي أعلن مقاطعة الانتخابات.
وفي الوقت الذي يرى فيه المرزوقي أن المعركة الحقيقية هي بين المنظومة القديمة المعروفة بالاستبداد والفساد، يرى السبسي أن المعركة هي بين التقدم والتنوير والحداثة وبين الظلاميين و«أنصار الشريعة» والسلفيين، وبين تونس اليوم والغد وتونس القرن الرابع عشر. وبين هذا وذاك، ترتفع حدة الاحتقان في الشارع التونسي المشغول بتقويم أداء «حركة النهضة» ومواقفها من المرشحين الرئاسيين، خصوصاً بعدما مُنع، ظهر أمس، نائب رئيسها، المحامي عبد الفتاح مورو، عضو البرلمان الجديد، من السفر إلى الولايات المتحدة. وعبّر مورو عن استغرابه من هذا الموقف، موضحاً أنه كان سيسافر من أجل لقاء أميركيين من أصل فلسطيني، للتباحث بشأن مستقبل القضية الفلسطينية، لكنّ أوساطاً مطلعة أكدت لـ«الأخبار»، أن الهدف الأساسي لمورو من السفر هو حضور اجتماع دولي للتنظيم العالمي لـ«الإخوان المسلمين»، الذي صنفته عدة دول تنظيماً محظوراً.