حملت الساحة الفلسطينية في اليومين الماضيين مجموعة مواقف سياسية متباينة، منها ما يتعلق بدرجة أولى بإعمار غزة واتفاق وقف الحرب مع الاحتلال، وخاصة مع اشتداد المنخفضات الجوية في القطاع وتأثيرها في حياة النازحين. على جانب آخر، تدير كل من حركتي «حماس» و«فتح» الظهر للآخر بعدة شروط من أجل إكمال المصالحة الداخلية.
وأعلن نائب الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، زياد النخالة، أمس، أنه إذا «استمر الحصار والتعامل مع الإعمار بهذه الطريقة التي تهدف إلى إذلال الشعب الفلسطيني، فإن المقاومة لديها من القدرة أن تبذل كل ما يمكنها من أجل إنهاء الحصار، حتى لو اضطرت إلى الذهاب نحو مواجهة جديدة». وقال في حوار صحافي محلي، إن «ما سمِّي خطة (روبرت) سيري هي في الحقيقة رؤية إسرائيل لإعادة الإعمار، ولكن بإدارة دولية، لذلك نرفض هذه الخطة من حيث المبدأ، وكل الفصائل الفلسطينية اتخذت الموقف نفسه».
ولعل حديث «الجهاد الإسلامي» أمس هو أول موقف تصرّح فيه الحركة رسمياً بأنها قد تشعل مواجهة جديدة لإنجاز ما طلب إنهاء الحرب من أجله، فيما كانت «حماس» طوال أسبوعين تلمح إلى خيارات بديلة من دون تحديدها. وتابع النخالة: «لم يحدد موعد جديد للمفاوضات غير المباشرة نتيجة لإغلاق معبر رفح بين مصر وغزة، الأمر الذي منع جزءاً كبيراً ومهماً من أعضاء الوفد من الوصول... الخلافات بين فتح وحماس بالتأكيد سيكون لها تأثير، ولكن ليس بالقدر الذي يمنع الوفد الموحد من دوره»، مستدركاً: «لا يعقل أن يبقى الوضع كما هو عليه وإسرائيل تدرك أكثر من غيرها أن استمرارها في حصار غزة لا يمكن أن يعطيها الحد الأدن من الأمن».
واستمراراً للتعامل بسياسة القطارة مع بنود اتفاق وقف الحرب (العدد ٢٤٤٥ في ١٥ تشرين الثاني)، قالت القناة العبرية السابعة، أمس، إن تل أبيب وافقت لأول مرة منذ عام 2007 على إدخال ثمانية آلاف عامل فلسطيني للعمل في الأراضي المحتلة خلال المرحلة المقبلة، بما يشمل غزة والضفة المحتلة، ولا سيما أن «هناك نقصاً حاداً في مجال البناء داخل إسرائيل».
ويتقاطع حديث النخالة مع قول نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، موسى أبو مرزوق، أول من أمس، إن حركته لديها خياراتها في حال تقاعست الجهات المعنية في دورها بشأن عملية إعمار غزة. وكان أبو مرزوق قد قال إن: «ممثل الأمم المتحدة، روبرت سيري، لم يعرض في البداية علينا أي خطة للإعمار، وحماس لم توافق على خطته شفوياً أو كتابياً»، لكنه أشار إلى أن «كل ما طلبه سيري منا هو تأمين تحركات الأمم المتحدة في غزة»، وهو البند الذي يتطابق مع محضر الاجتماع بينه وبين سيري الذي نشرته الأخبار (العدد ٢٤٥٢ في ٢٤ تشري الثاني).
في المقابل، تحدث القيادي في حركة «فتح» وعضو الوفد الفلسطيني المفاوض، عزام الأحمد، عن تأجيل المفاوضات غير المباشرة، مشيراًَ إلى أن القاهرة أبلغتهم تأجيلها حتى «النصف الثاني من الشهر الجاري» الذي يكاد ينتهي. وقال الأحمد إن العمليات العسكرية في سيناء تعيق وصول باقي أعضاء الوفد من غزة، مشدداً في الوقت نفسه على أن مصر لم تبلغ أي طرف أنها ستؤجل المفاوضات بعد.
أما عن المصالحة، فقال الأحمد، في حوار صحافي، إنهم لم يتواصلوا مع «حماس» منذ مدة، «ولا مباحثات ثنائية بيننا»، مشترطاً أن «تعلن حماس المجموعات التي تقف خلف تفجير منازل قيادات حركة فتح في غزة، ليتم بعد ذلك عقد اللقاءات وتطبيق اتفاق المصالحة».
رداً على ذلك، قال أبو مرزوق إن «العمر الافتراضي لحكومة التوافق تنتهي صلاحيته في 2-12-2014، أي بعد ستة (خمسة) أيام». وأضاف عبر «فايسبوك» مخاطباً القيادي في الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، قيس أبو ليلى، بالقول: «لفت انتباهي تصريحكم الأخير الذي تقولون فيه إن الخطوة الأولى تجاه الحوار الوطني هي مبادرة حماس بالكشف عن المجرمين الذين نفذوا تفجيرات غزة»، متسائلاً: «ما علاقة الحوار الوطني بالأعمال المدانة كالتفجيرات؟ وماذا لو أخفقت الأجهزة الأمنية في الكشف عن المتهمين؟».
في غضون ذلك، صرّح وزير الشؤون المدنية في حكومة الوفاق، حسين الشيخ، بأن الخلافا القائمة مع «حماس» لن تؤثر في إعمار غزة، متّهماً الأخيرة بعدم الجدية في إنهاء الانقسام. وقال في لقاء متلفز: «أكدنا في اجتماعاتنا مع الأمم المتحدة أن خلافاتنا مع حماس لن تؤثر في إعادة الإعمار، بدليل أننا حتى اللحظة ننسق لإدخال المواد إلى القطاع». لكنه جدد اتهامه «حماس» بالتوقيع على آلية إدخال مواد البناء.
(الأخبار)