يتوجه اليوم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى العاصمة الإيطالية روما للقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إضافة إلى لقاء رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتزي، بهدف مناقشة محاولات السلطة الفلسطينية والدول الأوروبية الدفع باقتراح قرار دولي يدعو إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقبيل بدء زيارته، أوضح نتنياهو، خلال جلسة حكومته أمس، أن المنطق الذي سيستند إليه يتمثل في تأكيد أن إسرائيل تقف إلى حدّ كبير منفردة في مواجهة «موجة الإسلام المتطرف التي تجتاج الشرق الأوسط بأسره». وأضاف أن «إسرائيل تصدّت حتى الآن لهذه الهجمات»، لكن «نقف اليوم أمام احتمال شن هجمة سياسية علينا لمحاولة إجبارنا على الانسحاب إلى خطوط عام 1967 خلال سنتين، وذلك عبر قرارات في الأمم المتحدة».
ورأى نتنياهو أن فعل إسرائيل ذلك (الانسحاب)، سيؤدي إلى «وصول الإسلام المتطرف إلى ضواحي تل أبيب وقلب القدس»، مستدركاً: «لن نسمح بذلك... سنتصدى لهذا الحراك بمسؤولية وحزم». وأوضح، في الوقت نفسه، موقفه حيال هذه الاقتراحات بالقول: «لن يكون هناك أي شك حول هذا الموضوع... سيتم رفض هذا الحراك».
ووصل جون كيري إلى روما أمس لإجراء مجموعة من اللقاءات حول مواجهة وشيكة في الأمم المتحدة، وسط المساعي التي يقودها الاتحاد الأوروبي اتجاه الاعتراف بدولة فلسطينية. وصرّح مسؤولون أميركيون للصحافيين المرافقين لكيري بأن واشنطن ترغب في معرفة المزيد عن الموقف الأوروبي، قائلين إن الإدارة الأميركية لم تقرر بعد هل ستؤيد أو ستعترض على قرار للأمم المتحدة حول المسألة.
وفي جولة دبلوماسية مكوكية، رتّبت على عجل قبل أعياد الميلاد، سيلتقي كيري لساعات (اليوم)، بعد لقاء نتنياهو، نظراءه الفرنسي والألماني والبريطاني، وأيضاً وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي الجديدة فيديريكا موغيريني، ثم سيتوجه إلى لندن للقاء كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، يوم غد (الثلاثاء).
وخلال الشهر الماضي، طرح الأردن مسودة قرار يحدد شهر تشرين الثاني 2016 موعداً نهائياً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. لكن واشنطن عارضت المسودة لأنها تحدد موعد عامين لانسحاب الجيش الإسرائيلي من الضفة المحتلة. وصرّح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية بأن «تحديد مهلة عامين ليست الطريقة، في رأيي، التي ننظر فيها إلى التعامل مع مفاوضات أمنية معقدة للغاية». أما فرنسا، فتدخلت الشهر الماضي لمحاولة العمل مع بريطانيا وألمانيا على وضع قرار يمكن أن يحظى بإجماع في مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً.
وبانتظار نتائج الاجتماعات في روما، قال وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، يوفال شتاينيتز، للصحافيين: «أفترض أن أي اقتراح مناهض لإسرائيل سيتسبب في فيتو أميركي. هذا ما كان يحدث دائماً، وهذا ما نأمل أن يحدث». لكن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «يبدو أن الولايات المتحدة ليست حريصة على استخدام حق النقض» في ما يتعلق بمسألة الدولة الفلسطينية، لكنها ستسعى إلى «أقصى درجات التنسيق» مع نتنياهو.
من جهة أخرى، تناولت صحيفة «يديعوت أحرونوت» القضية بالإشارة إلى أنهم، في الولايات المتحدة، «يتخبّطون» بشأن الموقف النهائي من استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن. ووفقاً للصحيفة، فمن جهة يهتم الأميركيون بـ«تصفية حساب» مع نتنياهو على خلفية التوتر في العلاقات بين الطرفين، فيما يخشون، من جهة أخرى، أن يكون لعدم استخدام الفيتو تداعيات على العملية الانتخابية في إسرائيل، أي أن يستخدم نتنياهو ذلك الأمر للقول: «كل العالم ضدنا».
وبخصوص اجتماعات نتنياهو في روما اليوم، ترى الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيؤكد أن الاقتراحين الفرنسي والفلسطيني (الأردني) سيؤديان، فقط، إلى «إبعاد السلام»، وأن تمرير أي قرار في مجلس الأمن سيوجه رسالة إلى الفلسطينيين تفيد بأن من غير المجدي لهم التوصل إلى «الحلول الوسطى» والبحث عن «اتفاق مع اسرائيل».
ورأت الصحيفة، أيضاً، أن كيري، سيحاول فعل كل شيء لإبعاد توقيت الطروحات إلى ما بعد الانتخابات في إسرائيل، المقامة في شهر آذار المقبل. ورأت «يديعوت» أن وزير الخارجية الأميركي «سيطلب من نتنياهو الموافقة على الدخول في مفاوضات وفق صيغة اقتراح بديل يقدمه الأميركيون خلال الشهر الحالي... يدعو الى استئناف فوري للمفاوضات بين إسرائيل والسلطة». ويبدو أن كيري يأمل أن يساعده «النص الليّن»، الذي سيقدمه في مجلس الأمن، على حشد أغلبية ضد المقترح الفلسطيني ـ الأردني. كذلك لفتت الصحيفة إلى إمكانية أخرى، هي أن يطلب كيري من نتنياهو ضوءاً أخضر للدخول في مفاوضات وفق صيغة الاقتراح الفرنسي وتليينه.
وفي نقطة مهمة، لفتت «يديعوت» إلى التغيير الذي سيطرأ على تركيبة مجلس الأمن الدولي في مطلع العام المقبل، إثر انضمام ماليزيا وفنزويلا، سيؤدي إلى حصول المقترح الفلسطيني على الأغلبية المطلوبة: 9 أصوات من أصل 15، لذا رأت أن هذا الواقع «لا بد أن يعزز الضغط على واشنطن من أجل ممارسة الفيتو».
في الموضوع نفسه، تناول موقع «واللا» العبري القضية بالقول إن الإدارة الأميركية تتجه نحو بلورة اقتراح بديل، لا يقل إشكالية بالنسبة إلى نتنياهو، لجهة أنه يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، لكنه في الوقت نفسه يتضمن «صيغاً لينة وودية تجاه إسرائيل».
وافترض الموقع العبري، في قراءته، أن مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية يرون أن فرض «الفيتو الأميركي» على أي اقتراح يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 سيمس التعاون القائم بين الولايات المتحدة ودول عربية «معتدلة» في مسألة مواجهة «داعش». ورأى «واللا»، أيضاً، أن هؤلاء المسؤولين يرون أن استخدام «الفيتو» لا بد أن ينتج أزمة علنية بين واشنطن وتل أبيب.
بناءً على ذلك، فإن تلك الأطراف في الخارجية الأميركية تدعو، وفقاً للموقع العبري، إلى طرح حل وسط، يقوم على الدمج بين متناقضين: التطرق إلى مسألة حدود الـ67 مع الإشارة إلى ما يسمى تبادل المناطق، فيما يشدد الحل، من ناحية أخرى، على المطالب الأمنية الإسرائيلية، ويشتمل على طرح فكرة «يهودية الدولة»، ويتجنّب، كذلك، وضع جدول زمني صارم لانسحاب إسرائيل من المناطق الفلسطينية المحتلة. أيضاً، تحدث الموقع عن خيار آخر، يتمثل في تبنّي الولايات المتحدة للاقتراح الفرنسي بعد إدخال بعض الليونة على مضمونه، حتى يصبح أكثر ملاءمة مع الموقف الأميركي.
ويستخلص «واللا» أن واشنطن ستعمل، في كلا الحالتين، على عرض مبادرة بديلة عوضاً عن استخدام «الفيتو»، الأمر الذي من شأنه ألا يغضب فقط نتنياهو، بل السلطة الفلسطينية أيضاً، لأن الولايات المتحدة ستدخل على نص الاقتراح مركبات مقبولة إسرائيلياً، فقط، مثل مصطلح «الدولة اليهودية».
عموماً، لفت الموقع إلى مجموعة من التحديات التي تواجهها واشنطن، تتمثل في مواجهة «داعش»، والرغبة في تعزيز مكانة رئيس السلطة محمود عباس في مقابل «حماس»، إضافة إلى خشيتها من تقويض مصداقية واشنطن الدولية. لذلك، أشار إلى أن مسألة جديدة أضيفت راهناً: التعامل مع أزمة اللجوء إلى مجلس من دون أن يكون للحراك الأميركي تداعيات، سلبية أو إيجابية، على الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.