«ماذا يفعل قائد عسكري إيراني مع عناصر من حزب الله في الداخل السوري؟»، سأل صحافيون إسرائيليون متعمّدين الغباء في استفهامهم، الأمر الذي ردده الإعلام الأميركي في الأيام الماضية. وجود قادة عسكريين إيرانيين وعناصر من حزب الله في الميدان السوري لم يكن يخفى على الصحافيين الإسرائيليين ولا الأميركيين، وقد نُشرت عشرات التقارير عنه في الإعلام الأميركي منذ سنوات.
لكن، بعد هجوم القنيطرة، ردّد بعض الأميركيين ما يريد الإسرائيليون إسماعه للعالم (نظرية أن المستهدفين كانوا يُعدّون لبناء قاعدة عسكرية في سوريا لإطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلّة). كذلك شارك بعض الإعلام الأميركي، كالعادة، في إيصال الرسالة الإسرائيلية إلى واشنطن، ومفادها أن «تل أبيب تستطيع أن تلعب منفردة في الميدان السوري».
منذ الهجوم الإسرائيلي على موكب حزب الله في القنيطرة الأحد الماضي، اكتفت أبرز المؤسسات الإعلامية الأميركية بنشر تقارير خبرية وتغطيات للحدث، خصوصاً أن «خطاب حال الاتحاد» استقطب معظم التحليلات حتى يوم أمس. لكن بعض المقالات، على قلّتها، انقسمت بين مردد للتعليمات الإسرائيلية وأخرى مترقّبة لـ»مزاج حزب الله».
مَن أرادوا، في الإعلام الأميركي، إيصال رسائل الحكومة الإسرائيلية والدفاع عن موقفها، أشاروا إلى «فشل إدارة باراك أوباما في اكتشاف مدى تنامي دور إيران وحزب الله في سوريا»، وشرحوا أن هذا «الفشل» يعود إلى «تركيز واشنطن على محاربة الدولة الإسلامية عوضاً عن (رصد نفوذ حزب الله ــــ إيران)». لوم إسرائيلي مباشر (وغير جديد) لإدارة أوباما على أدائها في سوريا، نقله بعض الإعلام الأميركي. «الولايات المتحدة لم تواجه الإيرانيين وعناصر حزب الله مباشرة في الميدان السوري، بل عبّرت واشنطن أحياناً عن دعمها لما تقوم به إيران في التصدّي للدولة الإسلامية»، ذكّرت بعض تلك المقالات.
وبعد توجيه اللوم إلى إدارة أوباما، انتقل الصحافيون إلى تعظيم ما قامت به إسرائيل وتجسيدها بدور البطل الواعي والحريص. وهنا قال البعض إن «المراقبين للأزمة السورية كانوا قد حذّروا واشنطن من تجاهلها لتعاظم الدور الإيراني في المنطقة وما لذلك من تداعيات سلبية على الاستقرار هناك». وتابعوا: «لكن الضربة الإسرائيلية الأخيرة تظهر أن تل أبيب قلقة بما فيه الكفاية من حجم التأثير الإيراني، وهي مستعدة لتنفيذ عملياتها الخاصة بنفسها بغض النظر عن تقاطع المصالح الهشّ بين الأميركيين والإيرانيين أخيراً».
ومَن لم يوجّه رسائل إسرائيلية إلى إدارة أوباما من الصحافيين، ركّزوا على السؤال عن ردّ فعل حزب الله المنتظر. دانيال بايمن وبلال صعب كتبا في مجلة «فورين أفيرز» عن حزب الله الـ»survivor» الذي تخطى أزمات سياسية عدّة وحروباً كثيرة مع إسرائيل منذ نشأته. الكاتبان عرضا أسباب تدخل حزب الله في سوريا من وجهة نظره، وشرحا أن «المتطرفين الذين يأمل حزب الله مواجهتهم خارج الأراضي اللبنانية قد يحوّلون لبنان إلى عراق آخر، وأي حرب أهلية لبنانية أخرى ستشكّل إلهاءً عن النضال العسكري ضد إسرائيل». المقال الذي شدد على الخبرة النوعية التي اكتسبها الحزب من القتال في سوريا وعن خبرته الطويلة في الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية، سأل إذا كان الحزب «متردداً» في ردّه هذه المرّة، خصوصاً أنه «ليس في مزاج خوض حرب طويلة مع إسرائيل»، وأنه مرتبط بنحو وثيق بإيران وبحساسية ملف برنامجها النووي.
لذا، خلص الكاتبان إلى أنه، رغم «قساوة الخسارة» التي لحقت بالحزب أخيراً، إلا أن «عدم شنّ حزب الله هجوماً مضاداً على إسرائيل أو تنفيذه رداً محدوداً، لن يكون أمراً صادماً». فحزب الله، حسب المقال، «منهك عسكرياً وعلى خطّ دفاعي سياسياً».




حزب الله: لا «مصادر مقربة»

ذكّر مكتب العلاقات الإعلامية في حزب الله بـ «السياسة الإعلامية الثابتة المتبعة من حزب الله، التي تقوم على عدم استخدام صيغة المصادر لإعلان المواقف أو التعليق على الأحداث»، نافياً ما نقلته وكالة رويترز أمس عن «مصدر مقرب من حزب الله»، من أن «قواعد اللعبة حتى الآن هي للرد خارج لبنان» على اعتداء القنيطرة.