لا يخلو بيت منها. ليس فقط في أيام الحرب، حين تصبح أهم مؤونة للملجأ، بل أيضاً في أيام السّلم. فقد باتت اللحوم الباردة عنصراً أساسياً في غذاء عائلات كثيرة وأفراد يستعيضون بها لـ«سدّ جوعهم مؤقتاً»، إذ تظلّ المرتديلا، وإن ارتفع سعرها، «محمولة» مادياً. لكن راحة الجيب لا تعني الاطمئنان من الناحية الصحية. فكيف يمكن سعر كيلو واحد من المارتديلا أن يضاهي سعر نصف الكيلو من اللحم العادي؟ ما هي الإضافات التي تجعل المرتديلا مرغوبة ومخيفة إلى هذا الحد؟ يشرح أحد المتخصصين في صناعة هذا الصنف الغذائي طريقة تصنيع المرتديلا ومحتوياتها. يؤكد أنّ مصادر اللحوم تتنوّع، وهو ما ينعكس منطقياً على الجودة والأسعار. ففيما تغشّ بعض الشركات زبائنها وتتحدّث عن لحم جيد، يكون المكوّن الأساسي لمرتديلاتها المصنّعة «بقايا اللحوم التي تبقى في المسلخ. البعض يخلط الكروش والشروش وبقايا اللحم والدهن ويقدمها للناس على أنها مرتديلا» يقول. من جهة أخرى، تستعمل بعض المعامل لحوماً أفضل في تصنيع المرتديلا «ليست ذقن اللحام بطبيعة الحال، لكنها لحوم مخصصة لتصنيع المرتديلا. هذا ما يحصل في تصنيع مرتديلا النعام مثلاً، إذ إن لحمها صاف ومخصص للمرتديلا، وبالتالي فهو صحي».وفيما يبدو تقطيع لحمها سهلاً، تبدو طريقة تصنيع المرتديلا معقدّة بعض الشيء. تحتاج إلى يومين، يتوزع العمل فيهما على أربع مراحل: فرم اللحم، عجنه بالبهارات وبالزيتون أو الفستق، تغليفه في أكياس متطورة جداً ومستوردة، ثم طبخه على البخار. يشير صانع المرتديلا إلى أن «الأكياس التي نستعملها نستوردها من ألمانيا، فهي يجب أن تتحمل ضغط عجن اللحم داخلها، ويجب كذلك أن تتحمل حرارة البخار حين يبدأ طهو اللحم داخل أفران البخار الكبيرة. بعد ذلك، تخرج المرتديلا إلى تبريد قاس، مهمته الحفاظ على اللون والنكهة. وبينما تضفي اللون صبغات مشكوك في تأثيراتها الصحية، تستمدّ النكهة مذاقها من بهارات تؤدي الدور الأبرز في تطييبها. ثمّة تياران في صناعة المرتديلا. يؤيد الأول توضيبها في التنك لقدرته على حفظها فترات أطول، أما التيار الثاني فلا يحبذ التنك «لا يمكن إخضاعه للتبريد وكمية المواد الحافظة فيه كبيرة بالنسبة إلى قطعة لحم صغيرة».
إلى جانب المرتديلا، تنتشر أصناف أخرى أكثر جودة وأفضل من الناحية الصحية. اللحوم المدخنة، كصدر الحبش مثلاً، التي يجري تدخينها عبر وضعها في غرف تُحرَق فيها أخشاب من نوع خاص لتتنشق اللحوم دخانها. رغم أن الشركات قد عمدت أخيراً إلى «تزوير» منتجاتها، إذ استبدلت التدخين على الحطب، باستخدام خلطة بهارات تعطي الطعم نفسه، مع فارق الجودة طبعاً.