■ لماذا لم يصبح التيار الوطني الحر مؤسسة بعد عشر سنوات على عودتك؟ــــ في لبنان من الصعب أن تؤسس حزباً. التجربة الحزبية غير مشجعة. أحزاب كثيرة فرطت مع مؤسسها لأنها لم تتأسس على أساس بنيوي قوي. أخذت معنا وقتاً. اللبناني يتحدث دائماً في السياسة برغم أن ثقافته محدودة بالمفهوم العام. انجزنا النظام الداخلي. حددنا الانتخابات في 24 ايار. أرجئت مرتين. لماذا؟ لأنهم لم ينجزوا كل الأعمال المطلوبة منهم في الوقت المحدد، ولم يكن هناك التزام.

عندما كنت في فرنسا، كنت أوجه رسائل متلفزة إلى مناصري التيار. في أي مرة لم يكن أحد يأتي على الموعد، ومن كانت بيوتهم قريبة كانوا يتأخرون أكثر من غيرهم. عندما كنت في المدرسة تأخرت يوماً، فناداني أستاذ فرنسي وقال لي: «الدقة من تهذيب الملوك». وفي رأيي، منذ اصبحت الساعة سواراً في كل معصم، يجب ان يقال: الدقة من تهذيب الشعوب. حالياً، حللنا كل الهيئات القائمة قبل 3 اشهر من الانتخابات. ليس هناك إرجاء جديد.

■ كم تيارا الآن في التيار؟
ــــ هناك تيار واحد، ولكن هناك تعدّد في الآراء داخله. المشكلة أنهم يصرحون في الخارج عن الخلافات ولا يتقيدون بالنظام الحزبي. المجتمع عندما يكون غير مجهز للعقل الديموقراطي، لا يتقبل الرأي الآخر. بعد تجربتي، اكتشفت أن الضباط هم الأكثر ديموقراطية في لبنان. عندما كنت قائد كتيبة في صيدا، كنت مسؤولاً عن 35 ضابطاً. كانوا يناقشون كما يريدون في الاجتماعات، لكن خارج الباب عليهم التقيد بالقرار وإلا فسينالون العقوبة. وخلال الاجتماعات، كنت أجلس الضباط الكبار إلى يميني والصغار إلى يساري. عند إبداء الرأي، أعطي الكلام بداية للضباط الأقل رتبة حتى لا يتأثروا بعد إدلاء الكبار بآرائهم.

■ ألم تحوّل التيار إلى مؤسسة عائلية لبناتك وأصهرتك والمقربين؟
ــــ هل المطلوب مني أن أطلّق زوجتي وأنفي أولادي. بناتي شو إلهن؟ ماذا أفعل إذا كان شامل روكز صهري؟ هل أنا «عملتو»؟

■ لكنك تريد أن «تعمله» قائد جيش...
ــــ دائماً أُحارب على ما يفترض أنها نوايا وأفكار في رأسي، لا على فعل عملته. لم أقل يوماً إنني أريده قائداً للجيش. الصحافيون قالوا ذلك. أنا اقترحت طرح خمسة أسماء. قلت فلنأت بكل العمداء ولندقّق في ملفاتهم ولنقارن بينهم.

هل مطلوب أن أطلّق
زوجتي وأنفي بناتي؟ وهل تسقط حقوق جبران المدنية لأنه صاهرني؟



■ وبقية الأصهرة وأفراد العائلة؟
ــــ جبران باسيل دخل السجن. بقي أمين سر لجنة التيار عشر سنوات قبل ان يتزوج ابنتي. هو من البترون وليست هناك اي صلة قرابة بيني وبينه. هل تسقط حقوقه المدنية لأنه صاهرني؟ «ما تواخذوني كمان بيبيّض الوجه شوي والواحد ما بيستحي فيه». روي الهاشم، ترك عمله في الخارج في أكبر شركة في المعلوماتية، وحيث يملك مشاريع كبيرة. بناتي لديهن أعمالهن. ما هي الفضيحة التي ارتبطت ببناتي. فليسمّ أحد أمراً واحداً استفدن منه في الدولة أو في أي مؤسسة. عندما يخرجن يتحركن كأناس عاديين. أما بالنسبة إلى ابن أختي آلان عون. فماذا أفعل إذا أحبه الناس؟ كان يحوز أعلى الأصوات في الانتخابات الداخلية الممهدة للانتخابات النيابية. وفي كل مرة كان يحوز أعلى نسبة من الأصوات.

■ لماذا أبعدت بناتك عن المناصب القيادية؟ هل لأنهن غير مؤهلات؟
ــــ بناتي مؤهّلات، «بيطلع»، منهن، لكنهن لا يرغبن. وأنا أيضاً فضّلت إبعادهن عن السياسة.
■ ما سبب «زعل» بعض الناشطين في التيار إذاً؟
ــــ راجع التوراة، سفر التكوين، تعرف لماذا. لماذا قتل قابيل أخاه هابيل؟ إنها الغيرة. البشر مجبولون بالغيرة والحسد. عندما ينجح أحدهم يغار منه الآخرون. هذه نزعات فردية. وهذا جزء من المجتمع اللبناني. نحاول أن نعوّدهم أن المواقع قليلة في الحزب مقارنة بعدد المحازبين، وأنه مهما استحدثنا من مناصب، فلن تكفي الجميع. نقول لهم دائماً إن الحزب في حاجة إلى الجميع. هناك من يخدم في الموقع، وهناك من يخدم في الدور.

■ لكنك تأتي بأشخاص الى مناصب وزارية وقيادية ونيابية، في وقت تستبعد شخصيات لها تاريخها من النضال الحزبي؟
ــــ نحن حزب نشأ في الحرب والشارع في حركة اعتراضية ومواجهة مع السلطة. عندما عدت قلت لهم أكثر من مرة إننا الآن في مرحلة انتقالية من موقع المقاومة والدفاع إلى الموقع السياسي، ويجب أن تكونوا على علاقة طيبة مع كل المحيط. إذا أردنا أن نحصي المناضلين في الشارع، فقد لا يكون عددهم كافياً لانتخاب مختار.

«زعل» بعض الناشطين في التيار سببه الغيرة من الناجحين
الحالة الانتخابية اكبر بـ 14 مرة من عدد المحازبين. لذا يجب أن تغيّروا سلوككم. هناك من لم يستطع أن يغيّر سلوكه، وتجده يواجه اي منافس له بالقول: منذ متى انت في التيار؟ «حاج تستفزوا» العالم. رئيسكم ميشال عون لم تبق بحصة لم تعقر جسده على أرض لبنان. «روقوا على العالم شوي»، لكنهم لا يستطيعون. هذه المشكلة حدثت في الفئة الأولى من المناضلين، وهذا أدى إلى ابتعاد كفاءات عدة.

■ كيف يمكن تياراً يرفع شعار التغيير والإصلاح ألا يحتمل شخصاً مثل شربل نحاس؟
ـــ (يقاطع باحتجاج) شربل نحاس لا يزال من أقرب الناس إلي. وُضعنا في مجلس الوزراء في مشكلة لا يمكن أن تحل. المجلس أجمع على قرار ما، رفض هو توقيعه. رفض من دون ان يحوله الى مجلس الشورى، مع علمنا أن كل القضايا التي تحال «العوض بسلامتك»، ولكن كان يجب ان نجد مخرجاً. هو شخص يُتكل عليه، لكن أحياناً الإنسان الكثير المبدئية قد لا يستطيع أن يكمل. أنا دخلت حرباً من أجل مبدئيتي، لكن حينها كان الأمر «محرزاً» لأننا كنا سنُمحى. شربل نحاس أفضل شخص يقود طائرة في الأعالي، إنما في الهبوط قد يواجه بعض المشاكل. في الشخصي لا يزال محل احترام وتقدير.

الرئاسة والحوار
■ إلى أي حدّ أنت قريب من بعبدا؟
ــــ بقدر ما يتفق اللبنانيون.

الحالة العونية أكبر بـ 14 مرة من الحزبيين، فلماذا أستبعد المناصرين؟

■ هل أنت متفائل بالتوصل الى نتائج ايجابية في الحوار مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع؟.
ــــ أي شخص عندما يبدأ بأي خطوة، يبدأها بتفاؤل. هناك صعوبات بالطبع، وبحاجة الى الوقت للمناقشة.

■ ورقة إعلان النوايا عند جعجع. متى سيعيدها؟
ــــ ليس مهماً أن ترجع. المهم أن تبحث الورقة الثانية. الأولى هي النوايا. أما الثانية، فهي الورقة العملية.

■ يؤخذ عليك أنك أعطيت جعجع الكثير من الهدايا المجانية في الحوار. أعطيته براءة ذمة وكرسته طرفاً في ثنائية أنت طرفها الآخر، بعدما كنت تصرّ على انك الأكثر تمثيلية للمسيحيين؟
ــــ نعم أعطيت هدايا. وهل من يعطي هدايا يشتم؟ نحن أمام مأساة وطنية. أعطي لكي نخرج من الأزمة. أما بالنسبة الى براءة الذمة، فكل الناس فعلوا ذلك في مجلس النواب، وأعطوه الموقع الثاني. المسيحيون أعطوه براءة الذمة والموقع الثاني. بالنسبة إلى التفاوض والحوار، المسيحيون أعطوه براءة ذمة للحوار. 90 في المئة من المسيحيين يريدون حواراً. أنا أعطيت كثيرين فرصة لا جعجع وحده. أعطيت فرصاً للمّ الشمل. هناك من يبقى، وهناك من لا يكمل الطريق.

■ جعجع قال ان هذه الـ 90 في المئة هي 60 في المئة له و30 في المئة لك؟
ــــ الإحصاءات تتحدث لا أنا أو هو.

■ لكنك تغريه بأن الاتفاق على مبدأ الرئيس القوي يجعله الرئيس المقبل من بعدك؟
ـــ ليست الرئاسة موجودة في جيبي. إما أنا أو هو، لكنه قد يملك حظاً لأن يصبح رئيساً.

اللبنانيون والمسيحيون
لا أنا من أعطى جعجع
براءة ذمة



■ يشاع أن حلفاءك المسيحيين، كالنائب سليمان فرنجية، لديهم عتب. هل تطلعهم على مجريات الحوار مع جعجع؟
ــــ أطلعت النائب فرنجية على حوارنا في البداية. الآن لا. لأن لا شيء جديداً للإطلاع عليه، وليس هناك أمر جذري حدث. الحوار حول النوايا يشبه بداية حوارنا مع النائب فرنجية. وعندما يمر من هنا أو نتصل، أخبره بما يجري.

■ ماذا عن العلاقة مع الرئيس سعد الحريري؟.
ــــ آخر لقاء كان جيداً. تحسنت العلاقة منذ اللقاء الأول، واكتملت الآن بالحوار مع حزب الله. حققت شيئاً مهماً. انظر الى الحالة الهادئة.



■ هل لديك شعور بأن الحريري تغير؟.
ـــ نعم لديّ شعور بذلك. بشكل إجمالي هناك تغييرات. هناك قناعات تتكوّن مع الوقت وتجارب تحدد السلوك وطريقة التفكير في السياسة. محاربة الإرهاب جمعت المتناقضين، وجعلت من بعض الأمور مقبولة. هناك تغير في المعطيات، وبالتالي غيرت في العناصر الاساسية للأزمة. في السياق ذاته، يندرج حوار الحريري معي ومع حزب الله.

النقيب عون ــ 1966 (المزيد من الصوَر)


■ هل تغيرت السعودية؟
ــــ طبعاً.

■ كان من الضروري أن تذهب شخصياً للتعزية بملك السعودية؟
ــــ طبعاً هذا ملك. وأنا ذهبت الى قصر العائلة للتعزية. وبالطبع كانت خطوة لكسر الجليد.

■ ماذا عن أوروبا والغرب. هل تغيّرا؟
ــــ هناك تقلب في المواقف. كل تغيير له تداعيات.

■ هل هناك فرصة للاتفاق في لبنان؟
في لبنان هناك فرصة للاتفاق. ما من دولة كانت تمانع انتخاب الرئيس، لكن اللبنانيين مانعوا.