لم يكن أسامة منصور («أبو عمر») الذي قتل في اشتباك مع فرع المعلومات في طرابلس، في التاسع من الشهر الجاري، مطلوباً عادياً. أكثر من مصدر «جهادي» لبناني أكد أن منصور، الذي اقترن اسمه باسم المطلوب الآخر شادي المولوي، كان «أمير طرابلس الشام» في «جبهة النصرة»، رغم أنّ مصادر «الجبهة» تؤكّد أن لا «أمير» لـ«الشمال» بعد، «ولو كان كذلك لنُعي على هذا الأساس». لكن المصادر أكّدت أنه كان «قيادياً في التنظيم القاعدي»، وأنّه «الأمير العسكري» للمجموعات المقاتلة في طرابلس وليس للتنظيم، كما أنّه «أمير» شادي المولوي، وليس العكس.
«النصرة» زفّت أمس «أبو عمر منصور شهيداً». وبثّ حساب «مراسل القلمون» مقطع فيديو حمل اسم «موعدنا يوم الجنائز»، تضمن مشاهد مصورة من جنازة منصور في طرابلس. وذكر التسجيل أن «أسامة وإخوانه حاولوا أن يتجنّبوا الصراع مع الحكومة اللبنانية حتى أيقنوا أن حكومتهم عبارة عن دمى يحركها عملاء إيران»، قبل أن يحرّض سُنّة لبنان على أن «ينتفضوا قبل أن يحلّ بهم ما حلّ بأهل السنّة في سوريا والعراق واليمن». وفي النبذة، ذُكِر أن منصور «كان يخدم في الجيش قبل أن ينشق عنه ويُبلغ ضابطه أنه ترك الجيش لأنه يخدم أجندات خارجية ضد أهل السنّة»، وأنه «كان يُرسل الرسائل لأكبر الضباط وينصح أهل السنّة منهم أن يتوبوا ويتوعد الروافض».
ابن الأعوام الثمانية والعشرين ترك المؤسسة العسكرية ليفتتح محلاً لبيع الهواتف الخلوية وبطاقات التشريج في باب التبّانة، قبل أن يُغلقه لاحقاً.

ربطته علاقة مميّزة
بـ«أبو مالك التلي» وكان
«أميراً» للمولوي

بعدها، لم يُمارس أي مهنة، ومع اندلاع الأحداث في سوريا، شارك في تأسيس تنظيم «أنصار الشريعة» (كان الموقوف حسام الصباغ أحد أبرز مؤسّسيه) قبل أن يتفرّق أعضاؤه بسبب الخلاف حول أولوية قتال الجيش، ثم «تفرّغ لقتال جبل محسن في جولات الاشتباكات المختلفة»، وتولّى «محور ستاركو» في باب التبانة الذي شهد أقسى المواجهات مع الجيش. انتقل منصور إلى منطقة القصير، في أيلول 2013، على رأس مجموعة مسلّحة، حيث تمرّس على إعداد العبوات الناسفة، قبل أن يعود إلى طرابلس. تنقّل بين لبنان وسوريا مرات عدة، أُوقف في إحداها، أثناء توجهه لإيصال مجموعة مقاتلة إلى سوريا، على حاجز للجيش في منطقة مقنة البقاعية (قضاء بعلبك) برفقة شبّان سوريين وفلسطينيين على متن سيارة محمّلة بالأسلحة. ولكن سرعان ما أُخلي سبيله في وقت لاحق مقابل كفالة مالية قدرها ٣٠٠ ألف ليرة. ينقل عنه رفاقه أنّه «نذر نفسه للجهاد وللدفاع عن أهل السنّة»، وأنّه رفض الالتحاق بالمولوي في مخيّم عين الحلوة وبقي في باب التبّانة، بناءً على أوامر من قيادة «النصرة». وتوضح المصادر أن علاقة مميزة ربطت منصور بأمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلّي، و«أنّه كان على تواصل مباشر معه». أما مجموعته الخاصة، فمؤلفة من ١٥ شاباً، من بينهم شقيقاه جلال وأمير، وإن معظم هؤلاء يتنقلون مرتدين أحزمة ناسفة، وهم شاركوا علناً في تشييعه. أما شقيقه الثالث الذي أوقفته استخبارات الجيش فيُدعى وسيم ولا علاقة له بـ«المنهج الجهادي»، وقد أُخلي سبيله لاحقاً. ولـ«أبو عمر» ثلاثة أولاد هم: عائشة وماريا وعمر، أكبرهم لا يتجاوز أربع سنوات، إضافة إلى ألقاب عدة في المنتديات الإعلامية، منها «أسد الله» و»غريب الديار» و»الشيخ أبو عبدالله».
في طرابلس، يُحكى عن قتل منصور على أنّه «عملية تصفية واغتيال». ويتردد أنّه «استُدرج عبر أحد مشايخ هيئة علماء المسلمين، قبل أن تقطع عليه الطريق إحدى السيارات الأمنية ويعدمه عناصرها فوراً مع أحمد الناظر». ويُعزز أنصار هذه الفرضية ذلك بأنّ «أسامة عسكري، ومن الجنون أن يهاجم دورية مدجّجة بالسلاح بمسدس وقنبلة فقط»، مشيرين إلى أنّه «ربما حصل على أمان ما من جهة ما ليخرج مسلحاً بمسدسه فقط». هذه الرواية الضعيفة نسبياً تنفيها المصادر الأمنية التي تُكرّر أنّ منصور قُتل صدفة خلال تبادل لإطلاق النار بين الدورية التي أوقفت خالد حُبلص ومجهولين بادرا بإطلاق النار.