لن يختلف دور تايكون الإعلام الأوسترالي ــ الأميركي روبرت مردوخ (1931 ــ الصورة) في الانتخابات التشريعية البريطانية المرتقبة، عمّا كان عليه في العقود الماضية. فمنذ عام 1979، يدعم مردوخ الحكومات البريطانية والمرشّحين للانتخابات العامّة من خلال امبراطوريّته الإعلامية. ولطالما كان على السياسيين إعلان مواقف تُرضي الرجل الثمانيني ورؤساء تحرير صحفه.
بناءً على هذه القاعدة، وبّخ صاحب شركة «نيوز كورب» العملاقة الصحافيين العاملين في المؤسسات التابعة لها، لأنّهم برأيه «لم يبذلوا مجهوداً كافياً لمنع «حزب العمّال» من الفوز بالانتخابات العامّة»، كما حذّرهم من أنّ مستقبل المؤسسة يعتمد على منع زعيم الحزب إيد ميليباند من التقدّم في السباق. وكشفت صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية اليوم أنّ مردوخ أوضح للمسؤولين لديه، أنّ ولادة حكومة يسيطر عليها «العمّاليون» ستسعى إلى كسر «نيوز كورب»، التي تملك الـ«صن» والـ«تايمز» والـ«صنداي تايمز»، علماً بأنّ الحزب المذكور سبق أن اقترح ألا يُسمح لأي مالك بالتحكّم في أكثر من 34 في المئة من الإعلام في المملكة المتحدة. وهو ما سيدفع «نيوز كورب» إلى الاستغناء عن إحدى مؤسساتها.
ونقلت عن مصدر مطّلع أنّ مردوخ أعطى توجيهاته لرؤساء التحرير لكي يكونوا أكثر «عدوانية» في هجومهم على «حزب العمّال»، وأكثر «إيجابية» في حديثهم عن «إنجازات المحافظين» خلال الفترة التي تسبق يوم الاقتراع المقرّر في السابع من أيّار (مايو) المقبل.
وأعرب مردوخ عن موقفه هذا خلال زيارة قام بها إلى لندن في نهاية شهر شباط (فبراير) الماضي، والتقى خلالها مسؤولين في «حزب المحافظين»، بينهم الكاتب المسؤول السابق في الـ«تايمز» مايكل غوف. لم يخف مردوخ كرهه لميليباند، وقال لرئيس تحرير الـ«صن»، دايفد دينسمور، إنّه يتوقع من الصحيفة أن تكون أكثر حدّة في مهاجمة «العمّال».
وبعد يومين من زيارة أكبر مستثمري العالم في مجال الإعلام إلى الصحيفة، أفردت الأخيرة صفحتين كاملتين للانتخابات. تضمنت الجهة اليسرى عشرة «تعهدّات» قدّمها كاميرون للناخبين. أما الجهة اليمنى، فاحتوت على هجوم على المتحدث باسم الشؤون المالية في «حزب العمّال»، إيد بالز: «خرّبت معاشاتكم التقاعدية، وبعت ذهبكم، وساعدت على تدمير الاقتصاد، والآن سأرفع الضرائب».
إحباط روبرت مردوخ لم يظهر حديثاً، بل سبق أن برز من خلال تغريدة كتب فيها: «محافظو كاميرزن (دايفد كاميرون) يسحقون ميليباند منذ أشهر من دون أي تغيير في استطلاعات الرأي. نحتاج إلى سياسات أكثر طموحاً ليكون لدينا أمل في الفوز».
وفي محاولة لتبرير موقف مردوخ، قال متحدث باسم الـ«صن» للـ«إندبندنت» إنّه «كما جرت العادة، سياستنا في التغطية تتعلّق بكيفية تعاطي الأفرقاء السياسيين مع القضايا التي تهم قرّاءنا. «حزب العمّال» كان ضعيفاً في مسألة العجز في الميزانية، وفي مسألة الهجرة، كما عارض إعطاء البلاد استفتاء على الاتحاد الأوروبي»، مضيفاً: «إذا أرد إيد ميليباند إهمال اهتمامات قرّاء الـ«صن»، نشعر بأنّ من واجبنا عكس هذا القرار».
على الضفة المقابلة، تذمّر «حزب العمّال» من تزايد حدّة العداء في خطاب الـ«صن» تجاهه، إذ أوضح مصدر داخلي قائلا «لقد حُرّفت كل التصريحات التي أدلينا لهم بها».