اظهر حوار الخميس الماضي بين رئيس تكتل التغيير والاصلاح والامين العام لحزب الله ان لكل منهما هواجس تختلف عن الآخر في ملفات ليست متشابهة، ما برر المدة التي استغرقها الاجتماع، وهو اربع ساعات ونصف ساعة. على ان الرسائل المبطنة التي كان اطلقها الرئيس ميشال عون في الاسبوعين اللذين سبقا اللقاء بيّنت ايضا تلقف السيد حسن نصرالله اياها على نحو استأثرت بجانب مهم من المداولات، بيد انها لم تقلل من اهمية ما قاله وخصوصا بازاء ازمات المنطقة من اليمن الى سوريا، وهو يتحدث عن النظرة الشاملة للحزب حيالها. قال نصرالله لعون ان حزب الله واع الاخطار التي يواجهها وتضع رأسه وعنقه في مهبها، وانه لن يكون هناك سقوط للرئيس السوري بشار الاسد ونظامه، لأن سقوطه يعني سقوط الحزب بالذات، وسقوط محور الممانعة. لاحظ ان الاعمال العسكرية الاخيرة في سوريا بين النظام ومعارضيه لا تعدو كونها الا اشبه بعقارب الساعة تترنح. تميل مرة الى الربح، واخرى الى الخسارة.
وهو ما ابرزته الحرب هناك في السنوات الاخيرة بالتتابع. الا ان الاسد لن يسقط. كذلك لفت محدثه الى استحالة ـ بما ـ لاستعادة السيطرة على سوريا كلها، بيد ان الاخطر من ذلك الايحاء بفكرة الاقاليم في سوريا على غرار العراق. لم يكن في الامكان سوى خلاصة الحزب ان لا خيار له في الحرب السورية، ولا تراجع عنها.
قال: المعركة هناك طويلة ولن تنتهي. وطمأن عون إلى ارادة القتال لدى الحزب.
في الملفات الداخلية التي القت بثقلها على هواجس رئيس تكتل التغيير والاصلاح، اكد الرجلان ان التحالف والتضامن بينهما ليس مثار جدل.

نصرالله: نظام الاسد لن يسقط وسقوطه يعني سقوط الحزب
ومحور الممانعة

وطيد، متكامل، لا تشوبه شائبة.
كان هذا الموقف مناسبة كي يتلقف نصرالله الرسائل المبطنة لعون في الايام المنصرمة، منذ ان سرى الحديث عن احتمال اجتماع الرجلين، كي يخوض الامين العام لحزب الله في ما حملته الرسائل تلك، بلباقة، ويقول لمحاوره ان الحزب لم يقصّر يوما مع حليفه الرئيسي في المحطات الاساسية، سواء ابان تأليف حكومة الرئيس تمام سلام التي شارك فيها كرمى لعون، ووضعه فيتو على توزير اللواء اشرف ريفي في حقيبة الداخلية الى ان سلّم على مضض به وزيرا للعدل بعد اعادة توزيع الحقائب كرمى لعون ايضا، وكذلك الحوار الذي اجراه الجنرال مع تيّار المستقبل على أمل ايصاله الى رئاسة الجمهورية، وهي حال الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، مع تأكيد الحزب ان له ملء الثقة بما يفعله حليفه القوي، وصولا الى مجاراة الحزب اياه لتسهيل تعيين لجنة الرقابة على المصارف في مجلس الوزراء، ومن ثمّ تزكية الجنرال تعيين فؤاد فليفل امينا عاما لمجلس الوزراء.
بإيحاءات لوم انيق، توقف نصرالله عند بعض ما إستشم من رسائل عون تلك، بأنه سيمضي من دون حلفائه الى النهاية، بخيارات مفتوحة، ان لم يجاروه في مواجهة التعيينات العسكرية والامنية وتأجيل تسريح الضباط الكبار المعنيين.
اكد نصرالله لعون كذلك ــــ وهو يتفهم مواقفه ومبرراتها ــــ وقوفه الى جانبه في المطالبة بتعيينات عسكرية وامنية تضع حدا لتأجيل التسريح، على ان لا يفضي الامر الى الفراغ في الادارات العسكرية والامنية.
قال: نحن معك في أي رد فعل تقدم عليه. أنت تبدأ ونحن نلحق بك.
في حصيلة ما تداولاه الآتي:
1 ـ لا يزال عون مرشح حزب الله لرئاسة الجمهورية في المطلق. والحزب يترك له قيادة معركة الرئاسة بالطريقة التي يقررها ويرئتيها، ويقف الى جانبه فيها على نحو قاطع.
2 ـ يتفهم حزب الله موقفه من التعيينات العسكرية والامنية، ويؤيده في المبدأ والاسماء حتى، وكذلك في سبل التوصل الى الهدف المطلوب.
3 ـ يدعم الحزب عون في كل الخيارات التي يريدها كرد فعل على احتمال تأجيل تسريح الضباط الكبار المعنيين، واخصهم قائد الجيش العماد جان قهوجي، الا انه يفضل ربط اي موقف منها بالتنسيق المتبادل والتوقيت الملائم.
افضى فحوى حوار الرجلين الى ان الحد الاقصى المرجح لرد الفعل على تأجيل التسريح، هو الاعتكاف عن حضور جلسات مجلس الوزراء. ما يحمل وزيري حزب الله على الانضمام الى وزيري التيار الوطني الحر، ومن ثمّ الحلفاء الآخرون. ما يؤول حكما الى تجميد جلسات حكومة سلام. على ان الاعتكاف لن يقود الى الاستقالة، ولا الى اطاحة حكومة لا تزال تمثل السقف الدستوري الوحيد في البلاد. لن تفضي جدية تعطيلها بالضرورة الى انفجارها. لن يكون رئيس تكتل التغيير والاصلاح، كذلك، في وارد الخروج من الحكومة، الا انه مستعد كي يفعل كل ما في وسعه بغية افهام الشريك الآخر، اي تيار المستقبل وحلفائه، ان ثمة ازمة حقيقية لا يمكن تجاوزها بالتغاضي والاهمال والتجاهل.