بدأت وقائع لقاء رئيس الحكومة الفلسطينية السابقة في غزة، إسماعيل هنية، مع مجلس إدارة تجمّع النقابات المهنية ورؤساء النقابات التابعة لحركة «حماس» بتلاوة من القرآن الكريم للشيخ يونس الزيتونية، ثمّ استهّل بمداخلة لرئيس «التجمّع» كمال أبو عون، قبل أن يبدأ هنية كلمته التي قال فيها إنّ «الحركة» استطاعت عبر العمل النقابي «أن تخرّج واجهات من خلال هذا الوعاء والخزان، وقدمت النقابات الوزراء والوكلاء والمديرين العامين، وقدمت قادة فكر...
استطعنا في الحركة من خلال هذا الوعاء الكبير الانتقال من رجل الدعوة إلى رجل الدولة، وما قدمه إخواننا على صعيد الحكم الرشيد على مدار 7 سنوات، رغم الاستنكاف (موظفي رام الله) والحصار وقلة الإمكانات حتى لا تغرق هذه السفينة». وأضاف: «الجميع خطّطوا لأن تغرق هذه السفينة ويجري إخراجنا من دائرة الاهتمام الفلسطيني، حتى لا يمكن العودة إلى حكم اسمه حماس... هذا ما يريده صناع القرار في رام الله والمنطقة والبعد الدولي كي يجهضوا هذا المشروع حتى لا يمثل إلهاماً لدول المنطقة...».
وتحدث عن نقاط عديدة بشأن الموظفين والحكومة:
ــ بالنسبة إلى ملف الموظفين وشرعية الموظفين وإدراجهم في السلك الإداري، عملنا كنقابات ومسؤولين في كل المعارك، وأنتم (مسؤولي النقابات) كنتم في قلب المعركة.
ــ من نظرتنا إلى الواقع الحالي، فإن هذا الجسم المكوّن للحكومة عصيّ على الكسر، ومن الصعب لأي جهة أن تكسر هذا المكوّن، ومن الصعب تجاوزه والتفريط فيه كإنجاز للحركة.
ــ نتحدث عن موضوع يتداخل فيه الحق الخاص (الراتب)، والحق العام للحركة (إنجاز تاريخي)، لذا لا يمكن لهذا الملف أن يطوى.
ــ نتحدث هنا ونستند إلى موقف الحركة (الذي) لا يمكن أن يفرط في هذا الملف، وعلى مكوّن لا يمكن لأحد أن يكسره، فيجب التعامل مع الأزمات وتحويلها إلى تحدّ، وتحويلها من محنة إلى منحة.
ــ الحكومة (الوفاق) لها ثلاث مهمات أساسية: 1) إعادة الإعمار ورفع الحصار. 2) توحيد المؤسسات. 3) الإعداد لإجراء الانتخابات.

رام الله لا تعترف بشريك

وواصل هنية هجومه على «التوافق» بالقول:
ــ بعد 6 شهور من تشكيل الحكومة، لم تقم بالمهمة المنوطة بها، وإلى جانب ذلك لم يحدث أي تقدم في الملفات الأخرى.
ــ رام الله لا تريد الاعتراف بشرعية الموظفين، ولن تعترف بالشريك في إدارة الشأن الحكومي.
ــ موقف الحركة واضح ولا يوجد هوامش: موضوع الموظفين أساسي ومركزي، وتعاملنا مع العروض من أطراف فلسطينية في أعلى درجات الحذر.
ــ هناك أطراف فلسطينية طرحت حلاً لقضية الموظفين، وتدخل أحد الأطراف الموجودة.
ــ زار رامي الحمدالله (رئيس الحكومة) غزة (الزيارة الثانية)، وخرج من عندنا وأعطى كل التعهدات، وقال إن قضية الموظفين قضية إنسانية حقوقية إدارية، وسنضع آليات للدمج، والجميع سيكون لهم الحق في إيجاد آليات كل هذا الملف، ولكنه عندما يعود إلى الرئيس أبو مازن (محمود عباس) يختلف الأمر.
ــ موضوع الموظفين خاضع للملف السياسي، وليس تحت سيطرة الحكومة.
ــ في الوقت نفسه لا يريدون لحماس أن يكون لها جسم كبير، سواء على المستوى المدني أو الأمني.

قرار بتجميد ملف الإعمار!


حدث توزيع أموال على المناصب العليا ما أثار غضب الموظفين

تحدث رئيس الحكومة السابقة، وحالياً هو نائب رئيس المكتب السياسي في «حماس»، عن ملف الإعمار، وعن الدور القطري المركزي فيه والمقترحات التي قدّمت إلى الدوحة:
ــ دخول قطر إلى ملف الإعمار في غزة، خاصة بعد وصول السفير القطري الذي كان ممنوعاً دخوله إلى غزة من خلال المعبر (رفح) أو معبر إيريز.
ــ عرضنا على الإخوة في قطر متابعة ملف الإعمار، ولا يوجد دولة استعدّت لإعمار غزة، كما يوجد قرار لتجميد الملف، فالدول لم تف بتعهداتها، ويُنتظر شيئان:
1ــ ثورة أصحاب المنازل المدمرة في وجه «حماس».
2ــ عمل إقليمي لاستعادة غزة.
ولكنه لم يكمل المشوار (السفير القطري)... نحن إيجابيون ولسنا عدميين، وبحاجة إلى أن نتعايش في ظل برامج مختلفة.
أرسلنا للقطريين مقترحات: تأسيس صندوق إعمار غزة، وقطر دولة غنية تحب فلسطين، وتريد أن يكون لها دور في المنطقة، ولها علاقات إيجابية مع غزة و«حماس».
ــ أو وضع المال في اللجنة القطرية.
ــ اتخذ القطريين قراراً بألا يعطوا السلطة أي مبلغ من المليار (دولار التي منحت للإعمار)، ثم حصلت السلطة على 200 مليون وبقي 800 مليون.
ــ تم استئناف المشاريع القطرية، في الطرق ومستشفى ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهما.
ــ نتجه إلى التفاوض (مع الاحتلال) بصورة غير مباشرة في عدد من الملفات، منها الميناء. وهناك صار حراك من جهة الأتراك، إذ عرض الرئيس التركي (رجب طيب) أردوغان الموضوع على الأوروبيين. هناك موافقة على الميناء من الأوروبيين، بل إنه أحد الحلول الآمنة أن يكون ميناء على أرض غزة. حتى إن صحيفة أميركية صرّحت بأن مشكلة غزة تحلّ بوجود ميناء، والأميركان لم يكونوا ضد الميناء، بل الرفض كان من السلطة والمصريين. المصريون يريدون أن يبقى مفتاح غزة بأيديهم عبر معبر رفح، والسلطة ترفض أيضاً، إذاً المشكلة فلسطينية والمشكلة إقليمية.
ــ الأوروبيون ضغطوا على السلطة و«أبو مازن»، وهناك أطراف عربية بدأت تتدخل في الأزمة المالية. لقد جاءت رام الله لتقطع الطريق على الإعمار، وتصبح الورقة سياسية تفاوضية، ونحن نتفاوض بالبندقية والسيف لننتزع الحقوق.
ــ بالنسبة إلى رامي الحمدالله لا يوجد لزيارته أجندة، وجاء إلى غزة إرضاءً له من «أبو مازن»، لأنه لم يأخذ معه الحمدالله إلى مؤتمر القاهرة للإعمار، وأخذ محمد مصطفى (وزير الاقتصاد الفلسطيني)، فطلب منه النزول إلى غزة.
ــ لقد دار نقاش طويل على تشكيل لجنة من عندنا ومن عند الحكومة لدراسة قضية الموظفين وقضية المعابر، وقد جلست هذه اللجنة ثلاث أو أربع جلسات، وهي مكونة من محمد عوض (وزير الخارجية والتخطيط في «حكومة غزة»)، وغازي حمد (وكيل وزارة الخارجية في «حكومة حماس»)، وزياد الظاظا (عضو المكتب السياسي لحركة حماس)، ومن الطرف الآخر زياد أبو عمرو (نائب رئيس الوزراء الفلسطيني)، ومأمون أبو شهلا (وزير العمل)، ومفيد الحساينة (وزير الأشغال العامة والإسكان).
ــ بعد التفاهمات، عرضت الجلسة على اجتماع قيادة الحركة، ووضعوا بعض الملاحظات والتشديد في بعض الأمور، وهناك بعض الأمور أجازوها.
ــ بالنسبة إلى آلية معالجة الموظفين، فإنها تستند إلى الشراكة، وإدارة قانونية بالتوافق، والمهنية.
ــ بالنسبة إلى قضية المعابر، وجدت صيغة إيجابية لمعالجة أن يكون عمل المعابر مشتركاً.
ــ الدكتور أبو عمرو أخذ الأوراق وذهب بها إلى «أبو مازن»، وكان هناك موقف إيجابي لدى الأخير من التفاهمات، ومستوى الحديث تفاؤلي، وتم أخذ موافقة الحركة بصورة إيجابية، والدكتور زياد قال إنه سيتم حل المشكلات، ثم قلنا وقالوا إننا أمام انفراجة.
ــ تم اقتراح إضافة الوزير أبو شهلا لنناقش معه التفاهمات، وجاء الدكتور غازي إلينا بالاقتراح شفوياً، فقلت له نحن حركة لها احترام واعتبار، ونحن من يؤمن زيارة رامي الحمدالله، وفي الآخر لا يعترفون بالموظفين!
ــ بعد التشاور مع الأخ أبو شكري، اتصل الأخ أبو شكري الساعة 1 بعد منتصف الليل ليقول لي نقبل العودة إلى المفاوضات، ولكن بشرط أن يعطوا الوزير أبو شهلا تفويضاً مكتوباً بالتفاوض، وأن يلتزم بكل ما يتوصلون إليه، وأخونا أبو حامد، ممثل ملف النقابات في الحركة، كان على خط ساخن معنا جنباً إلى جنب.
ــ الإخوة الكرام: قرار الحركة واضح؛ لا تفريط في حق الموظفين بأي شكل من الأشكال. واجبنا أن نبذل ما في وسعنا لحل مشكلة الموظفين.
ــ نعيش أزمة مالية لأسباب: الشعوب انشغلت بنفسها ــ القبضة الأمنية التي تلاحق المتبرعين ــ الضغط الدولي على المتبرعين ــ مراقبة البنوك.
ولحل أزمة الموظفين اجتهدنا قدر الإمكان ووفرنا تبرّعاً من الحركة 20% ثم 15% ثم 12% ثم 10% ثم 7% ثم 5% ثم 3% ثم 2% ثم 0، والحركة (حماس) لا تعطي الحكومة منذ خمس شهور!

الإيراد الداخلي: من 7 إلى 40 مليوناً

أخبرنا الإخوة في الدائرة المالية (داخل حماس) أنّ ما يجمع 7 ملايين شيكل شهرياً (1 دولار = 3.8 شيكل)، فوضعنا خطة لتنمية الموارد، ووضعوا خطة للعمل على زيادة الموارد إلى 13 مليوناً و25 مليوناً و30 مليون شيكل، ثم 36 مليوناً، ثم صار 40 مليون شيكل. هناك زيادة في الإيرادات الداخلية، ونسعى لنصل إلى الأمان بتوفير 60% من الراتب، والكلام مطمئن والفاتورة في ازدياد، ويوجد طموح لنصل إلى أكثر.

نشتغل على حيتان غزة: «الفئات العليا يصبرون»

ــ نحنا بدنا (نريد) نتكلم عن جمع الضرائب، بدنا نوازن بين ضابطين: أولاً ألا نثقل على كاهل الناس الغلابة، وإنو نشتغل على الناس الحيتان في البلد، نأخذ من أغنيائهم ونعطي للفقراء. والضابط الثاني أن الحكومة تلتزم لأبناء البلد، إنتا بدك تعطي الحكومة، الحكومة بتعطيكم أمن وطرق، إنتا لما بتعطي 40% بتكون بتغطي شريحة كبيرة، أما الفئات العليا فهؤلاء يصبرون.

نمرّ بأزمة مالية كبيرة والحركة فعلت ما في وسعها ولن يتركنا الله


وهنا ركز هنية على قضية أثارت جدلاً كبيراً وتخص المناصب العليا، إذ إن أحد «الإخوة» من الكتائب (يقصد كتائب القسام)، قال إن ثمة وضعاً اجتماعياً خاصاً بالوكلاء والنواب والقضاة والمديرين العامين، فحصّلوا لهم مبلغاً من المال لتوزيعه عليهم، وهذا المبلغ تم جمعه من الكتائب كي يوزع على الوكلاء والنواب والوزراء، ولكنني (هنية) رفضت أن يكون توزيع الأموال على الحكومة عبر المناطق (التقسيم الحركي في غزة)، وحذرت من ذلك، ورغم هذا فإن هناك من اجتهد وأعطى الوكلاء (المناصب العليا)، ما أثار غضب الموظفين.
وأكد أنه عندما رأى احتقان الأجواء بسبب تلك القصة، طالب بوقف ذلك الإجراء (تبرع القسام) سواء من داخل الحكومة أو خارجها (طريقة التوزيع)، وشدد على ذلك، ولكنه أشار إلى علمه بوجود حالة تكافل بنسبة (10%) داخل «المناطق»، وهي تنتج ما قدره نحو 300 ألف دولار شهرياً، فيما «إخواننا في الخارج» يجمعون 10%، وقد تسلمت (هنية) من الضفة مليون ونصف مليون دولار «سلمتها للدائرة المالية في الحركة»، مضيفاً: «الكل أصبح يجتهد في جمع المبالغ، كذلك أخذنا نصف مليون للموظفين... نحن إلى جانب الموظفين ونعرف ظروفهم ونعمل على مساعدتهم وأيضاً على تخفيف البطالة، لدينا 35 ألفاً ونعمل على توظيف 10 آلاف، أي إننا نتكلم عن 40 ألف موظف تم إدراجهم في ظل حكومة حماس».
أما في ردّه على المداخلات، فلفت أبو العبد إلى أنّ الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، رمضان شلح، قيّم عمل «حماس» خلال سبع سنوات في الحكومة، ووجد أنها «استفادت كثيراً وعملت علاقات وتوسعت وتطورت وخاضت ثلاث حروب»... لذا فإن «أي انتخابات مقبلة في النقابات تحتاج إلى دراسة جدية: إمّا نخوضها منفردين أو قائمة أو تحالف مع حماس».

أزمة مالية في الحركة

في مداخلة لرئيس نقابة موظفي «حماس» في غزة، محمد صيام، قال: «نريد التحرك في موضوع خصومات البنوك على المرابحات، وعدم خصمها من خلال توفير مبلغ مالي من الحركة للبنك».
ردّ «أبو العبد»: «البنك له 12 مليون دولار والحركة تمر بأزمة مالية، والبنك أمام تخوف حقيقي، وأصحاب الودائع أمام تخوّف. وفي حال لم تخصم المرابحات فستصبح قصة كبيرة. ونحن نمر بأزمة مالية كبيرة، ولكن لن يتركنا الله، وهو تكفّل بالشام وأهله»، ويبدو أنه يقصد البنك الإسلامي الوطني التابع للحركة، وقد قدم مرابحات (قروضاً) للموظفين.

«عاصفة الحزم»

في مداخلة للدكتور أسامة جمعة (رئيس نقابة العلاج الطبيعي)، لفت إلى أنّ «حركة حماس أخذت ثلاثة أيام حتى تصدر قراراً محايداً لا يضرّ بمصالحها وعلاقاتها مع الآخرين، مثل السعودية واليمن وإيران، وقالت هي مع وحدة اليمن ضد أي عدوان على الشعب اليمني الشقيق. ونحن نصمت في هذا الموضوع ولم نقل مع الضربة أو ضدها»، فيما لم يعقّب أبو العبد على الأمر وفق المحضر، واكتفى بالقول بعد عدة مداخلات: القراءات في الإقليم تبشّر بانفراجات، خاصة في الاتصال الذي جرى بين الملك سلمان ورئيس المكتب السياسي خالد مشعل. والحقيقة أنه كانت علاقتنا طيبة مع الملك الراحل عبدالله، وهو رجل عروبي، والشيخ (أحمد) ياسين أثنى عليه كثيراً، ولكن بعد أحداث 2007 واتفاقية مكة، قام أبو مازن بزيارة الملك عبدالله 29 مرة، وفي كل مرة يتحدث عن «حماس» ويؤلّب الملك، لذلك قطع العلاقات مع الحركة. حتى إن الدكتور القرضاوي تدخل، ولكن الملك (عبدالله) رفض مقابلة «حماس». اليوم نأمل انفراج العلاقات وعودتها من جديدة مع السعودية.
ــ في مصر هناك عداء مع «حماس»، ولكن بدأت وتيرته تقلّ. واليوم «حماس» اعتمدت سياسة الصبر الجميل...

«المحامين»: خذوا العبر من «فتح»

في مداخلة لأديب الربعي، وهو ممثل «نقابة المحامين»، قال إنّ «حماس كان لها في نقابة المحامين عام 2002 ـ 2004 مقعد واحد، وفي 2004 ـ 2006 مقعدان، و2006 ـ 2008 أربعة مقاعد. في الحكومة لم يكن لنا مقاعد، توجّه إخواننا الموظفون للحكومة... وقانون نقابة المحامين لا يسمح لهم بالانتخابات ما داموا موظفين حكوميين. ومن يحق (له) الانتخاب 5 إخوة فقط، ونحن عطلنا الانتخابات في 2008 و2009 وفي 2009 و2012، وفي 2012 و2013 أيضاً عطلنا الانتخابات».
وأضاف: «بالنسبة إلى عام 2015 ضمنّا 90 «بلوك»، وتحالفنا مع (حركة) الجهاد (الإسلامي)، وقدّرنا أن يكون 90 إلى 96 «بلوك»، وأكدوا لنا أنه سيكون لنا 130 «بلوك»... كنا نتوقع أن نفوز بثلاثة أو بمقعدين، لاحظنا وجوداً كبيراً من قيادات فتح وأبنائها في انتخابات المحامين، وعلينا استخلاص النتائج والعبر من هذه الانتخابات».

■ للاستماع على الملف الصوتي لأجزاء من اللقاء أنقر هنا