"النائب ببيته شبعان والعامل ببيته جوعان"، "ما قدرتوا تجيبو رئيس، قدرتوا تشيلوا التراخيص". غيض من فيض الشعارات التي أطلقها ورددها عشرات المعتصمين يوم أمس أمام سرايا بعلبك، احتجاجاً على قرار وزير الداخلية نهاد المشنوق، إيقاف منح تراخيص البناء في منطقة بعلبك - الهرمل، ما انعكس على الواقع المعيشي لشريحة كبيرة من عمال ومتعهدي البناء.
"ما بيرحموا ولا بخلوا رحمة الله تنزل، يعني من جهة بوقّفوا عمليات الضم والفرز ببعلبك ـ الهرمل، ومن جهة ثانية بيمنعوا تراخيص البناء، هيدا اغتيال لفرص عمل مئات العمال ومتعهدي البناء"، تقول زهرا زيدان، الوالدة الستينية التي أبت إلا أن تشارك في الاعتصام إلى جانب زوجها وأولادها العاطلين من العمل منذ عامين تقريباً.
إلى جانبها تحمل أم عباس لافتة كتب عليها "بدنا ناكل بدنا نعيش ما بدنا ندفع بخشيش". دفعت السيدة الخمسينية مبلغ 800 ألف ليرة بدل القيمة التأجيرية لبلدية بعلبك، على أمل أن تحصل على رخصة بناء منزل صغير لابنها، إلا أنها إلى اليوم لم تحصل على ترخيص، "بالوقت اللي بتلاقي في ناس عم تعمر بدون تصاريح وعلى عينك يا دولة ويا بلدية ويا مسؤولين، يعني إذا ما معي ادفع رشوة ما فيني عمّر؟".

كيف يمكن البعض البناء والاعتداء على الأملاك العامة والبلدية، فيما لا يمكننا ذلك في أملاكنا الخاصة؟

سار المعتصمون من نقابة عمال البناء ومشتقاته، ولجنة متعهدي البناء، جنباً إلى جنب مع عائلاتهم من ساحة ناصر في مدينة بعلبك، وحتى ساحة السرايا (مبنى محافظة بعلبك ـ الهرمل)، احتجاجاً على "القرار الذي يهدد معيشتهم".
يؤكد حسين كسر، أحد متعهدي البناء في بعلبك، أن "65% من عمال المنطقة يعملون في مجال البناء ومشتقاته"، مناشداً المشنوق "العودة عن القرار بوقف تصاريح البناء، والسماح للبلديات بمنح التراخيص إلى حين عودة المجلس النيابي للعمل التشريعي". يشير كسر إلى "ضرورة عمل النواب والوزراء على إيجاد حل جذري لهذه المعضلة المتجددة كل عام، والتوقف عن الإجراءات الارتجالية في ظل ظروف غير طبيعية تعيشها المنطقة".
من جهته، يقول رئيس بلدية بعلبك حمد حسن لـ"الأخبار" إن هناك عوامل ضاغطة في منطقة بعلبك ـ الهرمل تقتضي الإسراع في بتّ مسألة تراخيص البناء سريعاً، وذلك "بتطبيق اللامركزية الإدارية وإعادة سلطة منح التراخيص للبلدية نفسها، لأنها الجهة المسؤولة والمخوّلة منح التراخيص بموجب قانون البناء". لا ينكر حسن "وجود تعديات على الأملاك العامة والبلدية من قبل البعض"، الأمر الذي "يستفز" الناس، ويدفعها للتساؤل "كيف يمكن البعض البناء والاعتداء على الأملاك العامة والبلدية، فيما لا يمكننا ذلك في أملاكنا الخاصة؟!"، كاشفاً عن قرار من وزارة المالية يقضي برفع لوائح اسمية بحق المعتدين بغية إحالتهم على القضاء".
تجدر الإشارة إلى أن بلدية بعلبك منحت 400 تصريح بناء مستوفي كامل الرسوم والشروط، في حزيران من عام 2013، على أثر قرار وزير الداخلية مروان شربل منح التراخيص. لكن شربل سرعان ما عاد إلى إلغاء قراره، حيث تمكن ما يقارب 275 من أصحاب تلك التصاريح من الإفادة منها، فيما لم يتمكن حتى اليوم 125 من الإفادة من تصاريحهم التي استحصلوا عليها، أو حتى استعادة رسومها من البلدية، "لعدم وجود نص قانوني يسمح للبلدية بإعادة الأموال من صندوقها"، رغم أن البلدية تعتبر هؤلاء من "أصحاب الحقوق المكتسبة"، وفق ما يؤكد حسن.
من المتوقع، أن يعقد عمال ومتعهدو البناء بالتعاون مع مجلس بلدية بعلبك وفعاليات ومخاتير المدينة، مؤتمراً صحافياً لإعلان رفعهم إلى المشنوق عريضة موقعة من أبناء المنطقة لـ"إيلاء الموضوع الأهمية اللازمة".