قبل الاجتماع، كانت الاتصالات تستبعد ترشيح طربية، أقلّه في العلن، وتحصر الخيارات بين التجديد للرئيس الحالي فرانسوا باسيل، رئيس مجلس الادارة ــ المدير العام لبنك بيبلوس، وبين إجراء الانتخابات في حال استمر ترشيح سليم صفير، رئيس مجلس الادارة ــ المدير العام لبنك بيروت. لكن العمل الجدّي كان يجري لتأمين تأييد عدد كاف من المصرفيين لترشيح مدير التخطيط المالي والاستراتيجي في بنك عوده فريدي باز، وذلك في إطار المساعي لتحصين دور الجمعية «التقني» في المرحلة المقبلة، ولا سيما في ضوء التحديات الماثلة التي تواجهها المصارف، على حدّ تعبير أحد المصرفيين.
هل حُسمت الرئاسة لمصلحة طربية؟ الإجابة ليست محسومة كلياً، إذ إن المطلعين يرددون أن الكلمة النهائية ستكون للجمعية العمومية المقرر عقدها في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، وبالتالي لا يزال الوقت متاحاً لإجراء المزيد من الاتصالات. ويقول أعضاء في مجلس إدارة الجمعية إن ترشيح باز الى رئاسة الجمعية كان أمراً مطلوباً في ظل الأوضاع الحساسة التي يمرّ فيها القطاع المصرفي، ولا سيما لجهة الضغوط الأميركية من أجل زيادة الامتثال، فيما يمرّ لبنان بأزمة كبيرة تأتي من ضمن أزمة جيوسياسية تمرّ فيها المنطقة بكاملها... وبالتالي فإن كل هذا الوضع يستدعي خياراً غير ذلك الذي درجت عليه جمعية مصارف لبنان خلال العقدين الاخيرين.
هكذا، ظهر اسم فريدي باز. وبحسب المعطيات المستقاة من عدد من أعضاء مجلس إدارة الجمعية، فإن باز لم يمانع الترشّح لرئاسة الجمعية، لكنه اشترط أن يحصل الأمر بالتوافق. وبالفعل، بدأت الاتصالات للحصول على التوافق المطلوب، وقد تبنّى هذا الخيار ستة أعضاء في مجلس إدارة الجمعية يمثّلون، في غالبيتهم، المصارف الصغيرة والمتوسطة، إذ توافقوا على الاقتراع لمصلحة باز أو الاقتراع بورقة بيضاء في حال استمرار المعركة بين صفير وباسيل.

لم تؤدّ الاتصالات الهاتفية ببعض المرجعيات السياسية إلى التوافق في داخل قاعة الاجتماع

في الاجتماع المنعقد أول من أمس، اعترض بعض المصرفيين على ترشيح باز لأنهم يفضلون أن يكون رئيس الجمعية من بين رؤساء مجالس إدارات المصارف أو من نواب رؤساء مجلس الإدارات. أبدى ريمون عودة، رئيس مجلس إدارة بنك عودة، استعداده لتعيين باز في موقع نائب الرئيس لتذليل هذه العقبة، إلا أن ذلك لم يكن كافياً على ما يبدو، إذ تبين أن هناك رفضاً لترشيح باز نفسه، منهم من قالها صراحة، ومنهم من قالها «صامتاً» من دون أي تعليق. لم تنفع المحادثات الجانبية في معالجة الامر، ولم تؤدّ الاتصالات الهاتفية ببعض المرجعيات السياسية إلى التوافق في داخل قاعة الاجتماع. في ذروة هذه المحاولات، فجّر فرانسوا باسيل مفاجأته الهادفة الى وضع حدّ نهائي لها، إذ أعلن إصراره على ترشيح نفسه للرئاسة، معتبراً أن السعي للتوافق على مرشح غيره بمثابة إهانة شخصية له (يقصد أن هناك اتفاقاً سابقاً يقضي بإعادة انتخابه لفترة سنتين إضافيتين في رئاسة الجمعية)، وأعلن أنه لن يتنازل عن ترشيحه إلا لمصلحة طربية حصراً. في ظل هذا الموقف التصعيدي، سارع صفير الى إعلان سحب ترشيحه، فيما سارع المصرفيون المشاركون في الاجتماع المذكور الى تهنئة طربية، في إشارة الى أنهم يفضّلون التوافق عليه بدلاً من خوض الانتخابات بين عدد من المرشحين.
يعتقد متابعون أن ترشيح طربيه لم يصبح حاسماً بعد، لأن هناك ضغوطاً تمارس من أجل «الخيار التقني». غير أن مصادر مطلعة تشير إلى أن الخيار التقني أمر ضروري، لكنه يجب ألا يكون محصوراً بموقع الرئاسة، إذا لم يجر التوافق على باز، فمن المتاح أن يجري تعزيز موقع الأمانة العامة لمجلس إدارة جمعية المصارف من أجل تمكينها من زيادة فاعليتها. هناك الكثير من الوقت قبل أن يأتي 28 حزيران موعد الانتخابات في الجمعية.