لعلّ أكثر الموقوفين طرافة بين من مَثَلوا أمام هيئة المحكمة العسكرية، أمس، شابٌ عشريني يحاكم بجرم رمي طوّافة عسكرية بالحجارة. الموقوف ردّ على التهمة الغريبة مدافعاً عن نفسه بالقول: «كنت عم أعمل باي للمروحية. لوّحتلا بس ما رشقتا بالحجارة»، لتضجّ القاعة بالضحك. ولا يقل الموقوف طلال عيسى طرافة. فعندما سأله رئيس المحكمة: لماذا أطلقت الرصاص في الهواء عندما ظهر أمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني على قناة «الجزيرة»، أجاب مستغرباً: «لم أكن أعلم أنّه الجولاني...
ظننته اللواء أشرف ريفي. هكذا أخبروني فصعدت إلى السطح وأطلقت الرصاص ابتهاجاً لأن اللواء ريفي ابن منطقتنا، أما الجولاني فيذبح أهلنا في سوريا». بالبرودة نفسها برّر عيسى، الموقوف لمشاركته في أحداث طرابلس، كذبه في إفادته الأولية بشأن كيفية حصوله على سلاحه الحربي، فقال: «الكلاشنيكوف للمرحوم أخي، بس قلت إني جبتو من عميد حمود لأنو الشباب الموقوفين فوق هيك قالولي قول وجيب عميد حمود كرمال نضهر بتسوية». وإذ أنكر الموقوف معرفته بكل من شادي المولوي وأسامة منصور وزياد علّوكي ومعظم أبطال أحداث طرابلس، خاطب رئيس المحكمة قائلاً: «إسأل العميد عامر الحسن والعقيد عدرا بيعرفوني وبيعرفو إني ولا مرة قوّصت عالجيش. أنا بساعدن»!
بعده، تعاقب عدد من المدعى عليهم بجرائم مختلفة، بينهم مفتش أول ممتاز في الأمن العام استجوب بجرم استخدام ختم الأمن العام مقابل ١٠٠ دولار على كل بطاقة، ليصل الدور الى الموقوفين البارزين زياد الأطرش وأحمد الأطرش الملقب بـ «نسر عرسال». لم يكن «النسر» قد دخل القاعة بعد، فيما مَثَل شريكه زياد أمام العميد خليل ابراهيم الذي سأل العسكر: «وينو نسر عرسال؟ جيبوه لنتعرّف عليه». دقائق قليلة مرّت قبل أن يدخل شابٌ طويل بندبة بالغة في وجهه، ناجمة عن إصابة قوية. كان يضع يده على عينه. ولما سأله ابراهيم عن السبب، ردّ بأنّ عينه تؤلمه نتيجة إصابة. استفسر رئيس المحكمة عن توقيتها، فردّ الموقوف: «إنها إصابة حرب تعرّضت لها أثناء الاشتباكات». سأله مجدداً: «مع مين كنت عم تقاتل.. النصرة أو داعش؟» فأجاب الأطرش: «لا مع هول ولا هول.. ما خصّني بحدا». و«لماذا لقّبوك بنسر عرسال… بتحب الطّيارات؟»، طرح العميد سؤالاً جديداً، فأجاب: «هيك كان لقبي قبل الأحداث. هيك حاطط اسمي عالفايسبوك، وما دخلها بشغلي». سأله إن كان يعرف زياد الواقف بجانبه، فأجاب: «بعرفو.. خيو لسامي الأطرش كنّا نشتغل سوا».
وقد استلم أحمد الأطرش منطقة الجرود خلفاً لعمر الأطرش المشتبه فيه بتفجيري الرويس وبئر العبد، والذي قُتل اثر استهدافه بصاروخ أثناء قيادته سيارة مفخخة في جرود عرسال في تشرين الأول عام ٢٠١٣. أما الموقوف زياد الأطرش فيُحاكم بتهمة الانتماء إلى تنظيم «جبهة النصرة» بهدف تنفيذ أعمال إرهابية، وتفجير السيارة المفخخة في بلدة النبي عثمان، ما أدى إلى استشهاد مواطنين وجرح آخرين، إضافة إلى الاتجار بالأسلحة ونقل سيارات الإرهابيين من وادي حميد إلى عرسال لإصلاحها وإعادتها. وقد أُرجئت محاكمتهما إلى 22 كانون الثاني المقبل لتخلف ثلاثة متهمين في القضية نفسها عن الحضور، وبعدما استمهلت وكيلة المدعى عليهما ندى شمص لتقديم مذكرة الدفع الشكلي.
كذلك مثل أمام المحكمة الشيخ عبدالكريم النشّار، الذي أوقف في محلة أبي سمراء في أيار الماضي وضُبطت بحوزته أسلحة. وردّ النشّار على سؤال المحكمة عن محاميه بالقول: «لا محاميَ لدي، وليست لدي القدرة المالية على توكيل محام». فأرجأ العميد ابراهيم الجلسة إلى 13 تشرين الثاني ريثما يُعيَّن محامٍ.