قرر مجلس القضاء الأعلى في مصر، يوم أمس، الموافقة على مشروع قانون «مكافحة الإرهاب» مع إبداء بعض الملاحظات الخاصة بالمسائل الإجرائية التي تضمنها القانون. ومن المقرر مباشرة إرسال ذلك الرأي إلى وزارة العدالة الانتقالية، تمهيداً لإحالته على قسم التشريع في مجلس الدولة مجدداً، لإجراء المراجعة القانونية بشأنه على ضوء تلك الملاحظات. في الإطار نفسه، قرر مجلس القضاء تكليف أقدم النواب العامين المساعدين للقيام بمهمات عمل النائب العام، حتى اختيار نائب جديد خلفاً للمستشار هشام بركات الذي اغتيل إثر استهداف موكبه بسيارة مفخخة.
وفيما تعتبر إجراءات الإقرار المذكورة هي الأسرع مقارنة بالبيروقراطية الكبيرة في مصر، فإن نقابة الصحافيين أعلنت رفضها لما وصفته بأنه قيود جديدة في مشروع قانون «مكافحة الإرهاب»، وخاصة المتعلقة بالصحافة وحريتها، قائلة إن في ذلك «مخالفة واضحة لنصوص الدستور المصري» الذي عدل العام الماضي. وطالبت النقابة المسؤولين بأن يعيدوا قراءة نص المادة (33) من مشروع القانون، التي تنص على أنه «يُعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية». فقد رأت أن هذه المادة «تخالف النص الدستوري، وتعيد من جديد عقوبة الحبس، بل تصادر حق الصحافي في الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة وتحصرها في جهة واحدة». ولكن نقابة الصحافيين أعلنت أنها تساند الدولة ومؤسساتها في حربها على الإرهاب، لكنها لا تقبل أن يكون ذلك سبباً لـ«مصادرة الحريات العامة».
وبينما يشتد الجدل القانوني حول هذا الإجراء المرتبط بما يجري من تطورات، بدءاً باغتيال النائب العام هشام بركات مروراً بالهجمات الأخيرة لـ«ولاية سيناء» على الجيش والشرطة، فإن الأوضاع الميدانية في مدن شمال سيناء لم تستقر بعد، حيث تتواصل عمليات الجيش الذي أعلن أنه استطاع في اليومين الماضيين قتل 25 مسلحاً. وقال مصدر أمني إن الجيش شنّ حملات على «بؤر إرهابيين» في الشيخ زويد ورفح، مشيراً إلى أن قوات برية ومروحيات شاركت في الحملة.
في الوقت نفسه، لا يزال المدنيون متضريين من هذه الحرب، إذ قتل ثلاثة أطفال وامرأة في حادثين، الأول انفجار قنبلة والثاني سقوط قذيفة هاون على منزل في الشيخ زويد. كذلك أفاد شهود عيون بمقتل عاملين في شركة كهرباء في جنوب الشيخ زويد وإصابة شخص ثالث، إثر انفجار عبوة بسيارتهم وهي على طريق الجورة. ونقل مراسل «الأخبار» أن القصف العنيف ظل متواصلاً طوال أمس على الشيخ زويد، ودمر بسبب ذلك أحد أهم المساجد في المدينة، فيما اضطر أهالي منطقة أبو طويلة وأحياء أخرى إلى النزوح من بيوتهم فجراً، من دون مساهمة رسمية من الدولة في نقلهم. وذكر أن ثمة أزمة كبيرة في حركة النقل ببن الشيخ زويد والعريش، ما يضطر الناس في وقت إغلاق الحواجز وبدء حظر التجوال إلى المبيت على الطرقات في الصحراء، وسط ارتفاع كبير في سعر «النقلية الواحدة» التي تصل إلى ألف جنيه (120 دولاراً).
أما تنظيم «ولاية سيناء»، فأعلن في تغريدات على موقع «تويتر» استهداف آليتين للجيش المصري بعبوتين ناسفتين، جنوب الشيخ زويد، في حادثين منفصلين، الأول بجوار محطة الغاز، والثاني بجوار كمين السدرة، ما أدى إلى «احتراقهما بالكامل».
كل هذه التطورات تأتي بعد يوم من زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي (السبت) لسيناء، حيث قال من بين ثكنات، إن «كلمة تحت السيطرة لا تكفي... الأمور مستقرة تماماً». وبشأن الحديث عن سيطرة «ولاية سيناء» على الشيخ زويد، أوضح السيسي أن «مساحة سيناء ستة آلاف كلم مربع، بينما رفح والشيخ زويد والعريش لا تمثل خمسة في المئة من مساحتها... حجم القوات الموجودة في سيناء واحد في المئة (من الجيش) والقوات الجوية التي تتدخل تمثل واحداً في المئة أيضاً، لذا فإن الجيش قادر على أن يقدم ألف مرة أكثر مما فعله». وقال السيسي متوجهاً إلى عناصر القوات المسلحة إنه زار سيناء بالزي العسكري تقديراً واحتراماً لهم. وأضاف: «المتشددون حاولوا إقامة ولاية إسلامية، لكن الجيش تصدى لهم وكبّدهم خسائر غير متصورة». وتابع: «ما تتصوروش حجم الخسائر؟.. اللي غير متصور في أهل الشر اللي كانوا قاموا بالعمل ده يوم الأربعاء اللي فات»، مقدّراً عدد قتلى المسلحين بما لا يقل عن 200.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)




«القسام»: لا علاقة لنا بهجمات سيناء

نفت «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، أي علاقة لها بالهجمات التي استهدفت قوات الجيش المصري في شمال سيناء، نهاية الأسبوع الماضي. وقال المتحدث باسم «القسام»، «أبو عبيدة»، إن «جهتنا ومقصدنا هي فلسطين المحتلة، لا غيرها، وأجندتنا داخلها». ووصف «أبو عبيدة» التصريحات الإسرائيلية حول علاقة «القسام» بما يجري في سيناء بأنها «محض أكاذيب وتلفيق».
في الوقت نفسه، استنكرت «حماس»، اتهامات وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، لها بالتورط في الهجمات التي استهدفت سيناء، بعدما قال عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، في لقاء تلفزيوني، «إن هذه الهجمات (سيناء) تضرّ أمننا».
(الأناضول)