لجأ البعض، ولا سيما في ضواحي بيروت، الى حلول فردية قصيرة النظر لحل مشكلة تكدّس أكوام النفايات أمام منازلهم ومحالهم، إذ قام عدد من الأشخاص في مناطق عدة بحرق هذه النفايات على الرغم من خطورة اللجوء الى هذه الوسيلة، وما تسببه من ضرر مباشر على الصحة والبيئة. في المقابل، اختار عدد آخر من الأشخاص التحرّك الرمزي ودعوة المواطنين إلى تجميع النفايات وإعادتها «عمطرحها الأساسي» الى مجلس الوزراء، إلاّ أن عدد من لبى هذه الدعوة من ناشطي المجتمع المدني لم يتخط العشرات، وهو ما عكس خمولاً في ردود فعل الناس إزاء واحدة من أكبر المشكلات التي تواجههم.
الأثر السلبي لخمول المجتمع المدني هو عميق، ويحتاج الى قراءات معقّدة، إلا أن اللجوء الى حرق النفايات المتراكمة يترك أثراً سلبياً مباشراً على المواطنين يستوجب التحذير منه.
يشرح ناجي قديح، الاختصاصي في كيمياء التلوث والسموم، لـ»الأخبار» أن هذه النفايات التي يتم حرقها هي عبارة عن «كوكتيل عجيب غريب من أنواع مختلفة من النفايات»، ونتيجة غياب عمليات الفرز والتصنيف، لا يمكن توصيفها بالنفايات المنزلية. فقد نجد داخلها أدوية منتهية الصلاحية، وأنواعاً من عبوات المبيدات، ونفايات العيادات الطبية وعيادات طب الأسنان وغيرها من المواد، التي ينتج حرقها، بالطريقة غير المنظمة التي تتم بها خلال هذين اليومين، الى حرق غير كامل لها، لائحة طويلة من الغازات السامة، التي تنبعث في الهواء وتؤدي الى أمراض خطيرة جداً، مثل السرطان وغيره. والأكثر تضرراً من هذه الغازات السامة، بحسب قديح، هم كبار السن، المرأة الحامل، الأطفال الرضع، والمصابون بالأمراض المزمنة... فنحن «نحكم عليهم بالإعدام».
يدعو قديح إلى الامتناع عن اللجوء الى الحرق، وخاصة أن بعض هذه السموم، المنبعثة من الغازات، سيستقر لسنوات في الهواء، ويكفي الإنسان أن يتعرض لواحدة من هذه الملوثات كي يصاب بالضرر.
ترك هذه النفايات في الشارع، مع رش بعض المواد عليها مثل الكلس، هو الإجراء الصحي الوحيد الذي يمكن أن تتخذه الجهات المعنية الى حين إزالتها من الشوارع. إلا أن حجم النفايات يزداد بسرعة أكبر من قدرة البلديات على متابعتها. محمد درغام، رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، يصنف هذه الأزمة القائمة حالياً، بأنها «أقسى من المعركة التي خاضتها البلديات في تموز عام 2006»، سائلاً الحكومة عما إذا قامت بواجباتها تجاه البلديات قبل دعوتها الى تحمل مسؤولياتها في معالجة النفايات، وخاصة أن الحكومة لم تؤمن مكبات لنفايات البلديات كما أشارت سابقاً.
ويعمل الاتحاد اليوم على جمع النفايات ورميها في مشاعات وعقارات صغيرة بشكل مؤقت، حتى يتم إيجاد الحلول المناسبة. إلا أنها لن تستطيع الاستمرار طويلاً، بحسب درغام، فيعطي مثالاً عن سوق الخضر المركزي، القريب من السفارة الكويتية، الذي ينتج وحده 40 طناً من النفايات يومياً.
الى أن يصار إلى حل أزمة النفايات، على المواطنين إما التفرج على شوارعهم وهي تغرق بالنفايات، أو حرقها والتسبب بأضرار خطيرة على صحتهم، وإما تحديد موعد جديد لتجميع النفايات ورميها أمام مجلس الوزراء أو مجلس النواب.