في الوقت الذي تُسَعِّر فيه موجة الحرّ الأزمات الأخرى، كازدياد التقنين الكهربائي في معظم المناطق حتى 14 ساعة، ومنها مدينة بيروت وضواحيها بفعل ارتفاع حاجة المواطنين إلى التيار ورداءة الشبكات أمام الظروف المناخية القاسية، لا تقدم السلطة السياسية «المأزومة» سوى مزيد من العجز، ما يهدّد الحكومة الحالية، المعطلة أصلاً، بالانفراط.
وعلى رغم أجواء التشاؤم التي تتردّد على ألسنة معظم الوزراء والنواب والمعنيين، إلا أن هؤلاء يكرّرون أن الحكومة اليوم تشكّل «جهاز التنفس الاصطناعي» لجسد البلاد الغارق في غيبوبة، والنظام السياسي الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، وبالتالي فإن الجميع يدركون ضرورة الحفاظ عليها في الحدّ الأدنى، ريثما يظهر البديل في واحات الصراعات والتسويات التي بدأت تختمر في الإقليم.
الرئيس تمام سلام الذي قدّم جلسة الخميس إلى الأربعاء، بسبب رحلته إلى السويس للمشاركة في احتفال افتتاح القناة الجديدة ولاستباق جلسة الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة، والذي سحب فتيل التوتر من مسألة آلية عمل الحكومة في الجلسة الأخيرة مكرّراً تأكيده على التوافق، «لا يعتبر جلسة الحكومة غداً محطة أو جلسة مفصلية» بحسب مقرّبين منه، على الرغم من استعار الخلاف في ملفّ التعيينات الأمنية. وهذا لا يعني أن شيئاً ما على سبيل التفاهم قد جرى التوصّل إليه حول ملفّ التعيينات، وخصوصاً مسألة التمديد لرئيس أركان الجيش العميد وليد سلمان أو إمكان تعيين بديل منه، إلا أن مصادر رئاسة الحكومة تؤكّد تفهّم مختلف القوى ضرورة الحفاظ على الاشتباك تحت سقف الحفاظ على الحكومة، ولو بالصيغة الحالية «أي شبه حكومة تصريف أعمال».

مصادر المستقبل: نبذل
مساعي اللحظات الأخيرة وهناك صيغ تُطرح لحل عقدة التعيينات

وحرص سلام على إبقاء أجواء جلسة الغد ضمن حدود «المقبول»، يتوازى مع ما أشارت إليه مصادر وزارية في تيار المستقبل عن «مساعٍ جدية، وصيغ تبحث مع الأطراف السياسية المختلفة، يعمل عليها تيار المستقبل وغيره للتوصل إلى حل لأزمة التعيينات». إلا أن المصادر وصفت هذه الجهود بأنها «مساعي اللحظات الأخيرة»، مشيرةً إلى أن «الجديد في الأمر أن أحداً لم يرفض البحث فيها».
ومع تأكيد المصادر على السعي للحلحلة، تحتفظ الأخيرة بشيء من التشاؤم في حال فشل المساعي، «لأننا قادمون على دربكة في الشارع، وتعطيل العمل الحكومي وتأجيل التسريح للقيادات الأمنية».
مصادر وزارية في قوى 8 آذار أكّدت لـ«الأخبار» أن «سيناريو التمديد لرئيس أركان الجيش لا يزال السيناريو الوحيد، في ظلّ غياب أي مبادرة توافقية جدية». وتقول المصادر إن «غياب المبادرات الجدية يعطي التصعيد وخيارات المواجهة وتعطيل الحكومة زخماً أكبر». ويتوافق كلام مصادر 8 آذار مع ما أشارت إليه مصادر وزارية في التيار الوطني الحر من أن «الردّ على التمديد سيكون على طاولة الحكومة، وكذلك في الشارع»، وخصوصاً بعد تكرار الرئيس نبيه برّي موقفه برفض الفراغ في القيادات الأمنية، مع تفضيله مبدأ التعيين طبعاً.
وبدا لافتاً أمس، إشارة رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل إلى أن «التعيينات التي تحتاج الى مجلس وزراء يجب عرضها عليه، والتعيينات التي لا تحتاج إلى مجلس وهي من صلاحية قائد الجيش، فمن حقه أن يأخذها». فيما تقول مصادر وزارية في فريق رئيس الحكومة إن «وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي يفضّلان أن لا تطرح أسماء في الجلسة ويتمّ الخلاف حولها، بل أن يحمل وزير الدفاع سمير مقبل اسماً توافقياً يتم تعيينه حتى لا يضطر الاشتراكيون إلى المفاضلة بين الضباط الدروز، لحسابات تعني الحزب الاشتراكي في داخل بيئته».
وبينما يطغى خيار التمديد لسلمان في ظلّ عدم التوصّل إلى حل بديل بالتعيين، وصلت إلى أكثر من جهة سياسية إشارات عن محاولات طرح مقبل التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، في الوقت ذاته مع التمديد لسلمان كما جرى في المرة الماضية، علماً بأن حجّة الاعتراض على التمديد لقهوجي جاهزة بأن موعد التمديد أو التعيين لم يحن بعد، وليس وارداً الحديث عن الأمر الآن في الوقت الذي لم تنته فيه ولاية قهوجي التي تمتد إلى أيلول المقبل.

مصادر في 8 آذار: سيناريو
التمديد لرئيس الأركان مستمر في غياب أي مبادرة توافقية جدية

وبعيداً عن أزمة التعيينات، تبدو الأجور في القطاع العام وسندات «اليوروبوند» محطة خلافية أخرى على طاولة مجلس الوزراء. لكن مصادر وزارية أكدت لـ«الأخبار» أن وزير المال علي حسن خليل لا ينوي طرح الأمر في جلسة الغد لـ«تخفيف الأزمات في جلسة واحدة بعد طرحها في الجلسة الماضية، لكن الأمور لن تنتظر كثيراً ويجب اجتراح حلول سريعة وإلا دخلنا في أزمة رواتب أيضاً».
ومن أزمة التعيينات والأموال، إلى أزمة النفايات، لا يزال التخبّط نفسه. فالوزير وائل أبو فاعور حذّر أمس في مؤتمر صحافي من أن «البلاد متّجهة نحو أزمة نفايات مديدة»، وأن «حلول ترحيل النفايات إلى الخارج تتطلّب وقتاً»، وحذّر من أن «المكبّات العشوائية التي تمّ استحداثها بدأت تبلغ حدها الأقصى، وخصوصاً المكب المستحدث في محيط المطار الذي يُشكّل ضرراً على المناطق السكنية المجاورة وخطراً على حركة الطيران».
بدوره، حذّر وزير البيئة محمد المشنوق في اتصال مع «الأخبار» من «خطر الحرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة والنفايات التي ترمى بشكل عشوائي»، داعياً البلديات إلى «تفعيل دورها»، من دون أن يشير إلى حلول قريبة في أزمة النفايات، مكرّراً الحديث عن خطورة الأزمة. إلا أن مصادر في وزارة البيئة أكدت لـ«الأخبار» أن «اليوم وغداً من المرجح أن تتضح الصورة الكاملة لناحية حل أزمة النفايات والعروض التي قد تقدمها الشركات لترحيل النفايات إلى الخارج، بما فيها الكلفة والجمع والفرز الأولي والتوضيب للترحيل». وعلمت «الأخبار» أن وفداً من شركة فرنسية جال أمس على بعض الأماكن، ومنها شركة سوكلين للاطلاع على الظروف وآليات العمل بغية إعداد دراسة كاملة والتقدم بعرض للدولة اللبنانية.