صدر القرار فجراً، تم كتم الصوت المستقل الوحيد في المملكة الخليفية للمرة الثانية خلال 4 سنوات من الثورة. جاء ذلك بعد أيام قليلة فقط من تهديد السلطات باتخاذ إجراءات قانونية ضد صحيفة «الوسط» البحرينية، بحجة «مخالفتها القانون وتكرار نشر وبث ما يثير الفرقة في المجتمع ويؤثر على علاقات مملكة البحرين بالدول الأخرى».
بات الملك حمد بن عيسى آل خليفة منزعجاً من المساحة التي تركها لـ «الوسط» التي باتت تزعج حلفاءه السعوديين بتغطيتها لحرب اليمن و«داعش» النسخة الوهابية. لذا، صدرت الأوامر لـ «هيئة شؤون الإعلام» بتنفيذ الاغلاق بعد منتصف ليل الخميس، في مخالفة لقانون الصحافة (2002)، المتمثل في عدم جواز مصادرة الصحف أو تعطيلها أو الغاء ترخيصها إلا بحكم القضاء.
وكانت «الوسط» قد أوقفت للمرة الأولى في (9 أيار 2011)، ليختفي الصوت الذي لطالما مثل المعارضة في المشهد البحريني في السنوات الأخيرة، بخاصة بعد اغلاق صحيفة «الوقت» اليسارية، منافستها الوحيدة على الساحة الاعلامية في الجزيرة الصغيرة.
خلال الأعوام الماضية، واجهت «الوسط» ماكينة القمع الخليفي، والحصة الأكبر من الاستهداف، ما جعل «منظمة صحافيين بلا حدود» تدرج البحرين ضمن المناطق الخطرة على الصحافيين. أقيمت على عجل محاكمات لاعلاميي «الوسط»، رافقتها ضغوط واقالات متلاحقة بحق العشرات منهم، واعتقالات وتنكيل في محاولة يائسة لتكميم الأفواه بالخوف، آخرها الجريمة الكبرى التي تمثلت في مقتل الناشر وأحد مؤسسي الصحيفة، كريم فخرواي، على يد قوات الأمن. يومها ظهرت الوحشية ضد الكلمة على جسده، الذي انتشرت عليه آثار التعذيب.
ولفهم المشهد الصحافي في البحريني، نستعيد خريطة الصحف التي تصدر هناك، وعددها 4 هي: «الأيام» مملوكة لمستشار الملك الإعلامي نبيل الحمر، و«البلاد» التي تتبع علي بن خليفة بن رئيس الوزراء الحالي، و«الوطن» محسوبة على الديوان الملكي، فيما تمثل «أخبار الخليج» صوت رئيس الوزراء خليفة بن سلمان. بذلك تبقى «الوسط» صوتاً منفرداً في الميدان المكارثي الذي يظلل المشهد الاعلامي البحريني المسيطر عليه بالكامل.
الصحافي حسين خلف، انتقد قرار الايقاف، مغرداً: «صباح أول بدون ‫»الوسط‬» هو صباح عودة لما قبل ميثاق العمل الوطني، قرار الوقف هو قرار بالعودة إلى زمن يسوده قانون أمن الدولة وأسوأ بكثير».