من وادي الحجير، الذي حسمت المقاومة على أرضه انتصارها في حرب تمّوز 2006 على الجيش الإسرائيلي الغازي وحولت دبابات الميركافا إلى أشلاء، أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، متحدياً العدو في الذكرى التاسعة للحرب، مطلقاً سلسلة مواقف بالغة الأهمية عن الصراع مع إسرائيل واستغلال الأميركيين لـ«داعش» لتقسيم سوريا والعراق، داعياً إلى مواجهة «تقسيم المقسم» والفدرالية، ومؤكداً الوقوف الكامل إلى جانب العماد ميشال عون في مطالبه.
وشكر نصرالله، في ذكرى الانتصار، «من قاوم وآزر واستشهد وجرح وهجّر، وكل الشرفاء الذين لا يزالون يواصلون طريق العطاء في وجه الصهيونية وكل فكر تكفيري»، مستبدلاً الكلام عن الأمهات وعوائل الشهداء بـ«تقبيل أيديهم»، وأيدي المقاومين. غير أن نصرالله دعا إلى «تثبيت يوم 25 أيار عيداً للمقاومة»، وتثبيت يوم «14 آب يوماً للنصر الإلهي... لأنه اليوم الذي عاد فيه أهلنا الأوفياء إلى قراهم ومدنهم في الجنوب والبقاع والضاحية عند الساعات الأولى لوقف العمليات العسكرية».
وعرض نصرالله لتاريخ وادي الحجير، مشيراً إلى «المؤتمر الذي عقده الإمام الخطيب عبد الحسين شرف الدين» الذي نُقل نهجه ونهج العلماء إلى «الإمام المغيب السيد موسى الصدر ورفيقيه، والمجاهدين في الميادين»، وقال: «لقد تعلمنا المواجهة بكل أنواع الأسلحة من بندقية الصيد، وصولاً إلى صواريخ الكورنيت، سواء كان احتلالاً فرنسياً أو إسرائيلياً... في هذا الوادي، سقط مشروع الاحتلال، وانقلب السحر على الساحر، أرادوا علواً فأذلّهم الله، وأرادوا نصراً فهزمهم».
وأوضح نصرالله أن «حرب تموز بدلت معادلات استراتيجية لدى الأميركي والناتو، ومنها أن سلاح الجو يحسم المعركة، لكن هذا الأمر انتهى»، لافتاً إلى «تسليم الإسرائيلي بانتهاء دور سلاح الجو».
وأكد أن «الحرب البرية فشلت في تموز» وقال: «كل هضبة في أرضنا ستكون حفرة محصنة تدمر دباباتكم وتقتل ضباطكم وجنودكم، ولن تكون هناك استراتيجية ناجحة للجيش الإسرائيلي بعد اليوم في لبنان، وهذا التزام وفعل وعمل دائم»، طارحاً «معادلة استراتيجية وادي الحجير مقابل استراتيجية العدو البرية»، ومؤكّداً «نحن اليوم أقوى عزيمة وأعظم عدة وعديداً».

دعا الى إعادة النظر في إعادة فتح المجلس النيابي من أجل معالجة قضايا اللبنانيين

وتحدّث الأمين العام لحزب الله عن أن «انتصار تموز جرى في ظل انقسام على مستوى السلطة السياسية، إذ كان دولة الرئيس نبيه بري في الصف الأمامي يفاوض كل العالم ويحفظ دماء الشهداء، ونستذكر الرئيس العماد إميل لحود. ولكن إذا كنا منقسمين وانتصرنا، فكيف لو توحدت القوى وتجاوزت خلافاتها ضد إسرائيل والإرهاب».


القتال ضد التقسيم في سوريا

وأعلن نصرالله رفض ما سماه «تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، وهو ما تفعله أميركا وإسرائيل وبعض القوى الإقليمية، وفي مقدمها السعودية»، محذراً من «محاولات إدخال المنطقة وشعوبها في حروب وفتن ودمار». وطالب جميع القوى بـ«اتخاذ موقف حاسم بمنع تقسيم المنطقة».
وقال: «أميركا تستخدم داعش من أجل تقسيم المنطقة، وهي غير جادة في قتاله، وإنما ترسم خرائط جديدة، وتريد توظيفه في سوريا والعراق سياسياً للتخلص من النظام الحالي في سوريا. كما أنها تكذب وتنافق وتمارس خديعة بين ما تقوله وتفعله»، مضيفاً إن «أميركا وأصدقاءها يوظفون الإرهاب لخدمة مشاريعهم وخرائطهم، وإن المشروع الحقيقي الأميركي هو تقسيم العراق وسوريا والسعودية»، وإن «إسرائيل تدّعي حماية الأقليات في المنطقة وتسعى إلى تشكيل تحالف أقليات»، مؤكّداً «مواجهة التقسيم».
وردّ نصرالله على ما يروّج له من اتهامات عن أن حزب الله والرئيس السوري بشار الأسد وحلفاءهما يريدون تقسيم سوريا، مؤكداً أن «قتال الحزب في سوريا من أجل منع تقسيمها، والجيش السوري يقاتل في حلب وحماه ودمشق ودرعا والحسكة ودير الزور وإدلب منعاً للتقسيم».
وحول اليمن، جدد إدانة العدوان الأميركي ـــ السعودي، مؤكداً أنه «قد تسقط مدينة في اليمن، ولكن ما دامت هناك إرادة ورغبة في العيش بكرامة ورفض للاحتلال، فلا يمكن للعدوان أن ينتصر».

لا يمكن كسر عون

وفي الوضع الداخلي اللبناني، دعا نصرالله إلى أن «ينتهي التفكير على أساس الطائفة ــــ القائدة، إذ لا طائفة يمكنها القيام بهذا الدور، فهذه العقلية يجب أن تخرج من العقول، وإلا استمررنا في الأزمات»، مضيفاً إن «اللبنانيين اليوم متساوون في الخوف والغبن، ولا حل إلا بالدولة لأنها الضمانة الحقيقية. ولذا، لا يمكننا إلا أن نكون دولة شراكة حقيقية تعطي الثقة للجميع، وليس فدرالية أو أي شكل آخر، إذ إن الدولة لا تطعن ولا تغدر ولا تستبعد ولا تهين أي طرف».
وتابع إن «لبنان يواجه أزمات حقيقية في ظل غياب رئيس للجمهورية وحكومة تجتمع ولا تقرر»، داعياً إلى «إيجاد الحلول لكل أزماتنا، فهناك شريحة كبرى من المسيحيين تشعر بالعزل والاستبعاد والغبن، وصولاً إلى حديث البعض عن كسر وعزل العماد ميشال عون».

دعا إلى أن ينتهي التفكير على أساس الطائفة ــــ القائدة، إذ لا طائفة يمكنها القيام بهذا الدور

وجدد نصرالله دعوته قوى 14 آذار إلى «الحوار مع عون، بدلاً من الاستفزاز»، رافضاً «كسر أو عزل أي حليف لنا، وخصوصاً أولئك الذين وقفوا معنا في حرب تموز ووضعوا مصيرهم مع مصيرنا».
وخاطب القوى السياسية في لبنان، قائلاً: «هذا الموضوع أخلاقي وليس سياسياً فقط تجاه حلفائنا. لا يمكنكم أن تكسروا العماد ميشال عون أو تعزلوه، وهو ممر إلزامي لانتخابات الرئاسة، ونحن ملتزمون هذا الموقف». وردّ على «المراهنين على أن ايران يمكن أن تضغط على حلفائها في لبنان، قائلاً إن «من يقتنع بذلك واهم»، متطرقاً إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني لبيروت قبل أيام.
وتوجّه السيد نصرالله إلى «من يستكبر ويفكر بالكسر والعزل»، سائلاً إياهم عن «الضمانات بأن يبقى الشارع للتيار الوطني الحر وحده، ألا يوجد حلفاء له؟»، مؤكّداً «وقوف حزب الله إلى جانب حلفائه»، وأن «الخيارات مفتوحة».
وأضاف إن حزب الله «لن يغض النظر عن الداخل اللبناني، رغم مشاغلنا في الجنوب وسوريا»، جازماً بأن «الحوار هو الطريق الموصل إلى الشراكة، فالشراكة توصل إلى بناء الدولة، ونحن نحتاج إلى مبادرات».
وختم كلامه بتوجيه «نداء إلى القيادات المسيحية الوطنية في لبنان»، دعاها فيه إلى «إعادة النظر في إعادة فتح المجلس النيابي من أجل معالجة قضايا اللبنانيين وفتح الحوار وإيجاد حل من أجل لبنان».




الحريري: اخترعوا الكذبة وصدقوها

ردّ الرئيس سعد الحريري على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في «مهرجان النصر»، بسلسلة تغريدات عبر موقع «تويتر»، قال فيها: «كنا نتمنى أن ينتهي الاحتفال بذكرى حرب تمّوز عند الكلام الذي يقول إن كل اللبنانيين شركاء في الخوف والغبن وإن الدولة هي الضمانة والحل». وأضاف «هناك إصرار على رمي الأمور في الاتجاه الخاطئ وتحميل تيار المستقبل مسؤولية أزمة يشارك حزب الله في إنتاجها. إنهم يخترعون مقولة أن هناك جهة تريد عزل العماد عون وكسره. فبركوا الكذبة وصدقوها وجعلوا منها باباً مشرّعاً للتحريض على تيار المستقبل». وتابع الحريري: «الشراكة الحقيقية لا تستوي مع الخروج على الإجماع الوطني والإصرار على زج لبنان في الحروب الأهلية المحيطة، والشراكة الحقيقية لا تستوي مع صب الزيت على نار التحريض ضد فريق أساسي في المعادلة الوطنية».