حتى الأمس، كانت تل أبيب تمنّي النفس بالسوق المصرية والأردنية، باعتبارهما رافعة مركزية في خطة تصدير الغاز إلى الخارج، مع عوائد مالية ضخمة جداً، من شأنها أن تنعش الاقتصاد الإسرائيلي المهدد بأزمات بين حين وآخر. لكن الاكتشاف المصري الجديد أنهى الأحلام الإسرائيلية، وأعاد الخطط الاقتصادية إلى نقطة البداية، بل وفق التعليقات في تل أبيب: لم تعد حقول الغاز الإسرائيلية ذات جدوى.
وكانت شركة الطاقة الإيطالية «ENI» قد أعلنت، في اليومين الماضيين، أكبر عملية اكتشاف للغاز الطبيعي أمام الشواطئ المصرية، على مساحة 100 كلم في منطقة الدلتا. وتقدر كميات الغاز بما لا يقل عن 850 مليار متر مكعب.
صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قارنت بين الاكتشاف المصري ومجمع الغاز الذي تم اكتشافه في إسرائيل ــ لفيتان ويحوي نحو 620 مليار متر مكعب، وفي مجمع تمار نحو 310، وفي مجمعي تنين وكريش نحو 72 مليار متر مكعب فقط ــ، ولفتت الصحيفة إلى أن هذا الاكتشاف يمكن أن يمس فرص تطوير مجمع «لفيتان» الإسرائيلي الذي كان يفترض اعتماده على مصر كزبون مركزي لتمويل تطويره.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد بررت المسارعة إلى المصادقة على مخطط الغاز بأسباب اقتصادية وجيوسياسية، من ضمنها الحاجة إلى تصدير الغاز إلى مصر. وصادق «المجلس الوزاري المصغر» على المخطط انطلاقاً من تحديد وزارة الخارجية أن هذا الأمر سيساهم في الحفاظ على المصالح الإسرائيلية في المنطقة.
بناءً على ذلك، ارتفعت المخاوف في إسرائيل من أن يضرّ هذا الاكتشاف باحتمال تطوير حقل «لفيتان» الذي يستند إلى مصر كزبون أساسي، لأنه لن تكون هناك حاجة أبداً كي تستورد القاهرة الغاز من أي دولة أخرى.
في هذا الإطار، قرر رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، ألا يطرح الاتفاق بين إسرائيل وشركات الغاز الخاصة بتسعيرة الغاز المستخرج من الحقول البحرية الإسرائيلية على الكنيست غداً الأربعاء. واتخذ نتنياهو هذا القرار بعد إعلان وزير الاقتصاد أرييه درعي أنه لن يوقّع على الاتفاق، بل سيتريث إلى حين تعيين مدير جديد لهيئة منع الاحتكار في المرافق.
من جهة أخرى، رأى وزير الطاقة يوفال شطاينتس أن اكتشاف حقول الغاز الضخمة في مصر هو «مؤشر مؤلم». فبينما «تضيّع إسرائيل الوقت في المصادقة النهائية على مخطط الغاز، وتمنع المزيد من عمليات البحث، فإن العالم يتغير أمام أعيننا، وكل ذلك يؤثر في خيارات التصدير».
وشدد شطاينتس على أن الاكتشاف المصري يجب أن يسرّع التصديق على الخطة التي تطرحها الحكومة. لكن أعضاءً آخرين في الكنيست رأوا أن اكتشاف حقل الغاز المصري يسحب السجادة من تحت الخطة الحالية.
في المقابل، رأت عضو الكنيست شيلي يحيموفيتش أن حقيقة أن مصر لن تشتري الغاز من إسرائيل الآن تتطلب النظر في تغيير تلك الخطة.
أما رئيس لجنة الاقتصاد في الكنيست، ايتان كابل، فرأى أنه في حال كانت التقارير صحيحة، فإن كل الادعاءات التي كانت هشة من البداية، بخصوص الاعتبارات الأمنية والعلاقات الخارجية، التي بسببها قامت الحكومة بكل شيء من أجل الالتفاف على المسؤول عن القيود التجارية، قد تكون مجرد خدعة.
في غضون ذلك، قدّر الدكتور عوديد عيران، من معهد «أبحاث الأمن القومي»، للصحيفة الاقتصادية «ذا ماركر»، أن الاكتشاف المصري هو «تأبين» لحقل «لفيتان» الإسرائيلي المزمع بدء العمل فيه.
كذلك تركت المعلومات عن اكتشاف حقل الغاز المصري تداعيات على البورصة الإسرائيلية، فقد انتهى يوم التداول في سوق المال الإسرائيلية بخسائر بلغت ستة مليارات شيكل، لشركات الغاز والنفط الإسرائيلية، بسبب انخفاض أسعار الأسهم.