طلبت النيابة العامة التمييزية (عبر الهاتف) الزميل محمد زبيب للمثول امام القاضي عماد قبلان، عند العاشرة من قبل ظهر الاثنين في 21 ايلول الجاري، وحاولت ليلا ان تقدّم موعد مثوله الى ما قبل ظهر اليوم، الا انه اعتذر لارتباطه بمواعيد مسبقة.لم يُفهم سبب استدعاء الزميل زبيب، الا ان القاضي قبلان ابلغ «الأخبار»، في اتصال معه، انه لم يُستدعَ كـشاهد ولا كـمدعّى عليه. هذا يعني انه سيمثل كـ»مشتبه به»، وفق مرجع قانوني. .

وكان الزميل زبيب قد نشر على صفحته على «الفايسبوك» صورة شيك بقيمة مليار و436 مليون و400 الف ليرة صادر من بنك المدينة في عام 2002 الى (وزير الداخلية والبلديات) نهاد المشنوق.
الوزير المشنوق نفسه اقرّ بصحّة الشيك المنشور، ولكنه هدد على صفحته على «الفايسبوك» بانه «سوف يتخذ الاجراءات و التدابير القضائية اللازمة، ولا سيما ملاحقة كل من أقدم أو شارك أو تدخل في خرق السرية المصرفية المصونة قانونا». وقالت زوجته ليلى المشنوق على صفحتها امس «أقمنا دعوة جزائية بحق المدعو الصحافي محمد زبيب، ليس فقط لخرقه السرية المصرفية، بل بتهمة القدح والذم والتشهير».
مصادر قانونية عدة تؤكد ان المواد القانونية المتعلّقة بالسرية المصرفية «تجرّم المديرين والاجراء والموظفين وكل من يطلع بحكم موجبه على المعلومات المصرفية»، مشيرة الى انه «لا امكانية لمحاكمة صحافي نشر وثيقة يملكها بحكم مهنته». واوضح مصدر قانوني مطّلع ان الشخص المعني في هذه القضية (الوزير المشنوق) هو موظف عام، وبالتالي يسقط اتهامه بـ»الذم» فور ثبوت صحة الوثيقة ويبرّأ المدعى عليه وفق المادة 387 من قانون العقوبات اللبناني».
الزميل محمد زبيب هو رئيس قسم المجتمع والاقتصاد في «الاخبار»، وما كتبه ونشره في مجال هذه القضية يندرج في سياق عمله الصحافي، ويتعلق بواحد من اكبر ملفات الفساد في لبنان. وقد سبق لـ»الاخبار» ان نشرت (العدد ٢١٦٢ الخميس ٢٨ تشرين الثاني ٢٠١٣) لائحة تضم 437 اسما لاشخاص تقاضوا أكثر من 644.5 مليون دولار من الأموال المشتبه في اختلاسها من بنك المدينة، وورد اسم الوزير نهاد المشنوق وغيره من العاملين في الحقل العام ضمن هذه اللائحة. والمعروف ان القضاء يتولى ملف التحقيقات في قضية بنك المدينة منذ اكثر من 10 سنوات، ولم يعلن أي نتيجة حتى الآن. ما يجعل من واجب الصحافة ملاحقة هذا الملف والسعي الى كشف الحقائق والضغط من اجل تطبيق القوانين ومحاسبة المسؤولين.
استدعاء الزميل زبيب في هذه القضية لا يُمكن فهمه الا بوصفه جزءا من رد السلطة على الحركة الاحتجاجية المتنامية في الشارع، وبالتالي لا يمكن اخراجه من هذا السياق، فضلا عن ان القضية تتصل اصلا بحرية الصحافة والتعبير والحق بفضح الفساد والتشهير بالفساد على خلفية فضيحة بنك المدينة في مختلف تشعباتها.
اثار الاستدعاء وملابساته ردود فعل واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي، ودعت مجموعة من الصحافيين والناشطين الى وقفة احتجاجية عند التاسعة والنصف من قبل ظهر الاثنين امام قصر العدل رفضا للاستدعاء ودفاعا عن حق التشهير بالفساد وحرية التعبير.
نأمل أن تمثّل هذه القضية عاملا ايجابيا لحث القضاء على انهاء التحقيقات في ملف المدينة، فيدان من يجب أن يدان، ويبرأ من يجب أن يبرأ على لائحة الأسماء.
(الاخبار)