أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال مقابلة صحافية أجراها الأسبوع الماضي، عن نيته «تفجير قنبلة» في ختام كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد غد الأربعاء، مؤكداً أنه لن يكشف عن «ماهية هذه القنبلة» إلا في وقتها. اعتقد كثيرون أن عباس سيعلن، كما روج مقربون منه، أن «فلسطين دولة تحت الاحتلال»، أو سيبشر بوقف «التنسيق الأمني» مع العدو، أو سيوقف العمل باتفاقية أوسلو أو بأجزاء منها، وأقل الظن أنه سيطلب قوات حماية دولية للفلسطينيين.لكن بما أن عباس من المؤمنين بقداسة التنسيق مع إسرائيل، فقد أبلغ الوزير الإسرائيلي الأسبق مئير شطريت، الذي التقاه منذ عشرة أيام، ماهية القنبلة التي ينوي تفجيرها وتفاصيل كلمته في الأمم المتحدة، طالباً منه طمأنة الحكومة الإسرائيلية إلى أنه سيعتمد «التصعيد في الخطاب لا التصعيد في القرارات»، وهو ما عاد وأكده الجانب الفلسطيني ليوآف مردخاي (منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية)، خلال اجتماع في مكتب رئيس الحكومة الفلسطينية ضم رامي الحمدالله، ورئيس «الهيئة العامة للشؤون المدنية» حسين الشيخ (المسؤول عن التنسيق المدني مع الإسرائيليين)، في تاريخ 9/9/2015.
محضر الاجتماع المرسل من مكتب الشيخ إلى مكتب أبو مازن في اليوم التالي وحصلت «الأخبار» على نسخة منه (للاطلاع على الوثائق انقر هنا )، أظهر فيه الجانب الإسرائيلي اهتمامه بمعرفة ما ينوي عباس قوله في نيويورك. فأبلغ مردخاي المجتمعين أن هناك متابعة دقيقة لما يصدر في وسائل إعلام فلسطينية حول نية «أبو مازن» الإعلان عن إلغاء اتفاقات أوسلو خلال اجتماعات الأمم المتحدة. لكن الجانب الفلسطيني أكد أن عباس عند موقفه الذي أبلغه لشطريت (تصعيد في الخطاب لا تصعيد في القرارات)، ولكنه «سيعلن أن حكومة نتنياهو لن تعود شريكاً للسلام في حال عدم التزامها بمتطلبات العملية السلمية خلال فترة محدودة».
أيضاً، اقترح الجانب الفلسطيني أن يعلن نتنياهو بعد خطاب عباس «استعداد حكومته للتقدم بخطوات عملية لتحقيق سلام دائم مع الفلسطينيين»، لكن الجنرال مردخاي لم يكن متشجعاً لنقل الاقتراح إلى حكومته، وارتأى أن يعرض ذلك في اجتماع بين «الدكتور صائب (عريقات) والسيد سيلفان شالوم (نائب رئيس حكومة العدو)».
طبقاً للمحضر، فإن عباس كان قد اتفق مع نتنياهو على عقد لقاء ثنائي في الأمم المتحدة، وهو «ما تم الاتفاق عليه بعد المكالمة الهاتفية مع نتنياهو و(الرئيس الإسرائيلي رؤوفين) ريفلين على إثر حادث استشهاد عائلة الدوابشة»، ولكن المفاجأة بالنسبة للفلسطينيين كان ما أبلغهم به «السيد يوآف بأنه قد تم تأجيل اللقاء بطلب أميركي (راجع الموضوع في الأسفل) إلى ما بعد اجتماعات نيويورك».
وبما أن الإسرائيلي لا يهمّه شيء سوى أمنه، فقد أشاد مردخاي بالأجهزة الأمنية الفلسطينية في ظل أن «مناطق السلطة هي الوحيدة التي تشهد استقراراً وهدوءاً في محيط مليء بالمخاطر والإشكالات (الأردن، سوريا، لبنان، مصر وغزة)». وأعلن الجانب الإسرائيلي سماحه بنقل قوات فلسطينية إضافية إلى نابلس، مطالباً «بضرورة الحزم في عملية جمع السلاح في كل مناطق نابلس وليس في مخيم بلاطة (اندلعت اشتباكات السبت الماضي بين عناصر مسلحة من حركة فتح وعناصر من السلطة بعد محاولتها اقتحام المخيم) وحدها لأن لديهم معلومات ساخنة حول نوايا بعض الجهات المساس بالمستوطنين».
أما أبرز ما يثير الاستغراب، فهو ما نقله مردخاي عن تقديم قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء نضال أبو دخان «معلومات وتنسيقاً متقدماً بخصوص الضفة ونشاطاته في دول الجوار ولبنان»، ما دفع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى شكره على هذه المعلومات، لكن مردخاي اشتكى ضعف التنسيق الأمني مع جهاز «الأمن الوقائي»، الذي يرأسه زياد هبّ الريح. كما شدد الجانب الإسرائيلي على ضرورة «الاستمرار في التنسيق الأمني الذي يخدم الجانبين، وحذر من خطورة الانجرار خلف توصيات البعض بوقف التنسيق، لأن من يدعون إلى ذلك هدفهم أن تقوم إسرائيل بتجريد المسؤولين الفلسطينيين من الامتيازات».
مقابل ذلك، عرض الجانب الإسرائيلي تقديم مجموعة من «تسهيلات اقتصادية وحياتية مقابل التزام فلسطيني لمدة سنة بعدم التوجه إلى المؤسسات الدولية»، وهو ما يشكل ضمانة للإسرائيليين بأن عباس لن يرفع أي دعوى ضدهم أمام المحكمة الجنائية الدولية في حال نفذ العدو أو مستوطنوه أي جريمة جديدة بحق الفلسطينيين، وهذا يؤكد أيضاً أن الدعوى التي قال عباس إنه رفعها بعد حرق عائلة الدوابشة منذ أشهر، جمّدت وذهبت أدراج الرياح.
كذلك عرض الجانب الإسرائيلي التوجه إلى اجتماعات الدول المانحة AHLC بوثيقة مطالب موحدة، فيما طالبه الفلسطينيون بضرورة العمل على توسعة المناطق المصنفة A (التي تخضع لسيطرة السلطة) بالإضافة إلى ضرورة وقف الاقتحامات المتكررة من قوات الجيش الإسرائيلي لمناطق السلطة، وضرورة السماح بإدخال السلاح (للأجهزة الأمنية) من الأردن.

اشتكت إسرائيل
ضعف التنسيق الأمني مع جهاز «الأمن الوقائي»

وأظهر الاجتماع حرصاً إسرائيلياً على تقديم تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين في سياق سياسة العدو المتعلقة بالسلام الاقتصادي مقابل الحفاظ على الهدوء في الضفة. ومن هذه التسهيلات «مجموعة من المشاريع التي تم إنجازها أو التي هي في مرحلة الإنجاز، والتي يرغب الجانب الإسرائيلي في أن تكون ضمن العرض المشترك في نيويورك ومنها موافقة الإسرائيليين على تشغيل خدمة الـ 3G لشركات الاتصالات في الضفة الغربية، وكذلك العمل على الموافقة على تشغيل الـ2G في غزة»، بالإضافة إلى تفعيل محطة الغاز في جنين، وتوقيع مذكرة تفاهم مشتركة حول إيصال الغاز الصناعي من خلال أنبوب إلى قطاع غزة، وبناء مدينة جديدة في الضفة (روابي)، وإبداء موافقتهم على إنشاء مدينتين جديدتين في شمالي الضفة، ما يعني إغراق المواطن الفلسطيني بالديون والقروض، وإشغاله عن العمل المقاوم.
أيضاً، أعلن الإسرائيليون جهوزيتهم لترخيص مناطق صناعية جديدة في الخليل وقلقيلية، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع لمياه الصرف الصحي ومحطة تكرير في منطقة وادي النار، وتنفيذ توسعة شاملة في جسر الكرامة، وفصل المواطنين عن البضائع ومواد البناء، وتأكيد إحراز تقدم في مذكرة تفاهم مشتركة «MOU» حول ديون الكهرباء. وطالب الفلسطينيون بمنح السلطة هامشاً أكبر للعمل في المناطق المصنفة C (تحت سيطرة الاحتلال بالكامل)، وB (خدماتياً تحت سيطرة السلطة وأمنياً تحت سيطرة الإسرائيلي)، لما لذلك من «تأثير إيجابي على الاقتصاد الفلسطيني، حيث إن التنمية الاقتصادية تكتمل بالعمل في مناطق C»، وكذلك عودة العمل في توسعة المخططات الهيكلية للمناطق الفلسطينية، التي «توقف العمل بها بعد حادثة مقتل المستوطنين في الخليل، وكذلك الأراضي الزراعية في الأغوار»، بالإضافة إلى عودة العمل في ملف جمع شمل العائلات والأرقام الوطنية (ما ترفضه إسرائيل حتى الآن) والبدء الفوري بالعمل في حقل البترول في رنتيس (غربي رام الله)».
هكذا، تظهر الوثائق المسربة من مكاتب رجال السلطة أنه لو كان بإمكان «أبو مازن»، تقديم تقرير يومي عن عدد دقات قلبه وعن كمية الهواء الذي يتنشقه للإسرائيلي لما قصّر في ذلك، فيما يملأون الإعلام بالضجيج حول ما يريدون فعله من أجل شعبهم.




إعادة 4 جنود إسرائيليين بسلاحهم

سلمت الشرطة الفلسطينية، أمس، أربعة من أفراد جيش العدو، دخلوا الضفة المحتلة «عن طريق الخطأ». وقالت الإذاعة الإسرائيلية (الرسمية) إن «الشرطة الفلسطينية أعادت لإسرائيل 4 من أفراد الجيش، دخلوا بلدة حلحول (جنوبي الضفة المحتلة)، عن طريق الخطأ». وأضافت الإذاعة إن «الجنود كانوا يحملون سلاحهم الشخصي».
وعادة، يرجع الأمن الفلسطيني التابع لرام الله الإسرائيليين الذين يدخلون مناطق السلطة في الضفة، ولا تتيح اتفاقات التسوية، مثل أوسلو، إمكانية اعتقال السلطة أي شخص يحمل الجنسية الإسرائيلية، حتى في حال ارتكابه مخالفة جنائية أو أمنية.
(الأناضول)