احتضنت نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، على مدى اليومين الماضيين، أعمال المؤتمر التأسيسي للمنظمة العربية للتربية، كاطار رديف لاتحاد المعلمين العرب. فالنقابة انسحبت من الاتحاد الأخير في 25 شباط الماضي، بموافقة 11 عضواً من مجلسها التنفيذي ومعارضة ممثل حزب الله، على خلفية «صدور بيان عن الاتحاد يسيء إلى بعض الدول العربية الشقيقة ويتهمها بالعمالة لأميركا والصهيونية ويشيد بأنظمة عربية أخرى».
وقد جاء في بيان الاتحاد حرفيا حينها: «جددت المنظمات العربية الأعضاء في اتحاد المعلمين العرب وقوفها مع سوريا في تصديها للهجمة العدوانية التي تتعرض لها من التنظيمات الارهابية المسلحة المدعومة أميركياَ وصهيونياً وبتمويل وتجييش من والاهم من الأنظمة العربية العميلة كالسعودية وقطر وكذلك تركيا». وأكد البيان «الوقوف مع سوريا قيادة وجيشاً وشعباً وأرضاً بقيادة بشار الأسد».
بعد الانسحاب، سعت النقابة لتكون عراباً لاتحاد عربي «له سقف نقابي وتربوي منفصل وليس موازياً أو بديلاً لاتحاد المعلمين العرب، ونحن نرحب بأي نقابة تريد أن تعمل تحت هذا السقف من أي بلد عربي بما في ذلك سوريا»، كما يشرح رئيس نقابة المعلمين نعمه محفوض لـ «الأخبار»، «وخصوصاً أن الاتحاد الحالي غير فاعل ولم يحقق طيلة السنوات الأربعين الماضية أي شيء للمعلمين والتربية في لبنان، بل اقتصر نشاطه على دعم الأنظمة العربية فقط وتنظيم بعض الأنشطة السياحية».
النقابة التي عملت لتكون بيروت مقراً مؤقتاً للمنظمة، بدلاً من فلسطين بسبب الاحتلال الصهيوني، كما جاء في المادة 3 من النظام الأساسي، استبعدت روابط التعليم الرسمي الثانوي والأساسي والمهني في لبنان عن المؤتمر التأسيسي تماماً كما فعل اتحاد المعلمين العرب قبل ذلك، من دون أي مبرر منطقي باعتبار أن النظام الأساسي الجديد لم يشترط أن تكون الدول ممثلة بنقابة واحدة فقط، بدليل أن الدول المشاركة تتمثل بنقابتين أو بثلاث نقابات في القطاعين الخاص والعام على حد سواء. يعلّق محفوض: «ليس هناك رغبة في استبعاد أحد وسنعمل في مرحلة لاحقة على ضم هذه الروابط إلى المنظمة». يذكر أنّه جرى حديث في اليومين الأخيرين عن حصول محاولات لإعادة استيعاب روابط التعليم الرسمي في اتحاد المعلمين العرب.

استبعاد روابط التعليم الأساسي عن المؤتمر التأسيسي للمنظمة


وكان استبعاد المنظمات النقابية السورية عن المؤتمر القنبلة التي فجّرت الوضع داخل النقابة. فالموقف أثار حفيظة ثلاث قوى حزبية مكونة للمجلس التنفيذي (حزب الله، حركة أمل وتيار المردة)، إضافة إلى التيار الوطني الحر من خارج المجلس، فأعلنت القوى الأربع مقاطعتها للمؤتمر التأسيسي. أما السبب الأساسي الذي قدمه المقاطعون فهو الاعتراض على عزل سوريا بكل ما يعنيه ذلك من عزل لحلفائها في لبنان، من دون أن يكون لهم أي موقف من استبعاد روابط التعليم الرسمي. ونفوا أن يكون قد تكوّن لديهم تصور نهائي بشأن مصير عملهم داخل النقابة. هل سيستقيلون أم سينشئون نقابة أخرى للمعلمين في القطاع الخاص؟ لا جواب نهائيا حتى الآن، يقول مقرر فرع جبل لبنان في النقابة جورج ضاهر (التيار الوطني الحر)، مشيراً إلى أننا «لم نقرر سلفاً أي شيء وليس لدينا نية في تقسيم النقابة، إلاّ أنّ الأمر متجه نحو التصعيد وسندرس في الأيام المقبلة شكل الخطوات التي ننوي تنفيذها». ويرى ضاهر أن عزل سوريا عن الاتحاد الجديد يعني عزل نصف لبنان الحليف لها، مؤكداً أننا «نتطلع إلى تجميع الطاقات النقابية العربية ولا نقبل الانفصال والتفكك».
من جهته، يلفت المسؤول التربوي المركزي في حركة أمل حسن اللقيس إلى أننا «مع أي عمل عربي يجمع ولا يفرق وضد استبعاد أي دولة عربية، لذلك نرى أنفسنا غير معنيين باتحاد ينشأ على هامش اتحاد موجود ويخرق الوحدة العربية». ويقول: «لن نكون جزءاً من المؤامرة على سوريا وأداة للتوظيف السياسي في العمل النقابي ويكفينا تجزئة وتمزيقا».
عضو المجلس التنفيذي للنقابة شربل حامض (تيار المردة) يشير إلى أننا «رفضنا استثناء سوريا وقاطعنا المؤتمر وسنسعى إلى ايصال صوتنا من دون أن نقسم المعلمين». وقد أوعز التيار إلى معلميه بعدم المشاركة في المؤتمر التربوي الذي تفتتحه النقابة اليوم بعنوان «التعليم الخاص: نظرة رائدة نحو التعليم النوعي».
بناءً على مقارنة أجراها المقاطعون بين الاتحاد والمنظمة، يقولون إن النظامين الأساسي والداخلي المقترحين للمنظمة الجديدة بنيا على غالبية مضمون النظامين الأساسي والداخلي لاتحاد المعلمين العرب مع مجموعة من التعديلات تتمثل بإلغاء تعبير «القومية العربية» و«الأمة العربية» و«الإسلامية» و«اللغة العربية» أينما وجدت في النظامين الأساسي والداخلي للاتحاد.
وكذلك جرى، بحسب ما يقولون، إلغاء بند دعم حركات المقاومة والتحرر ومواصلة النضال للقضاء على الحركة الصهيونية كهدف من أهداف المنظمة والواردة في النظام الأساسي لاتحاد المعلمين العرب، وعدم وضع ضوابط أو حدود للمنظمة في عملية فتح علاقات مع منظمات دولية أو إقليمية، فضلاً عن إلغاء هدف «النضال من أجل حقوق المعلمين...»، والواردة في النظام الأساسي للاتحاد.
هذا يظهر، بحسب المعترضين، نيات المؤسسين المفضوحة، التي تتلخص بالهيمنة على قرار هذه المنظمة وإبعادها عن أي مواقف تدعم حركات المقاومة أو تتبنى شعارات الوحدة العربية، إلى جانب فتح علاقات مع جهات دولية أو إقليمية دون أي ضوابط أو محاذير.
ويرون أن غاية تسجيل هذه المنظمة في جامعة الدول العربية أو في المنظمات الدولية للتربية أو للمعلمين لتغدو المنظمة الرسمية التي تمثل المعلمين العرب في كل المحافل الدولية، وما لذلك من انعكاسات سلبية على الدور الحالي لاتحاد المعلمين العرب، الذي ما زال ولتاريخه يتبنى دعم حركات المقاومة ومعاداة الصهيونية ويرفض أي تطبيع معها ويدعو إلى مواجهة الغزو الثقافي للأمة العربية.