حضور روسيا القوي في كل الاتصالات المتعلقة بالأزمة السورية، لم يفرض أي تعديل على برنامج عمل قواتها الموجودة في سوريا. وأمس، باشر سلاح الجو الروسي ضرب مقار للمجموعات المسلحة في جنوبي البلاد، لأجل مساعدة الجيش على استعادة السيطرة على مناطق كثيرة في محافظات درعا والسويداء والقنيطرة. وجاءت الخطوة الروسية لاغية لكل التحليلات والتكهنات حول قرار بتحييد الجنوب السوري من الغارات، لأنه مسرح أساسي لجماعات «الجيش الحر»، ولأنّ موسكو اتفقت مع إسرائيل على عدم الاقتراب من مجالها الجوي والأمني.
الضربات الروسية مساء أول من أمس، وأمس الأربعاء، أكّدت أن «التحالف الرباعي» ماضٍ في تأكيد أنّ كل من يحمل السلاح هو عدوّ للدولة السورية، وأنّ تعزيز قدرة هذا الجيش ومساندته إلى أقصى حدود يقتضيان ضرب كلّ من يواجهه.
في الأسبوع الماضي، تواصلت «العروض» الروسية لفصائل سورية مسلّحة للتعاون بهدف ضرب «داعش»، إلى جانبها صرّح سابقاً وزير الخارجية سيرغي لافروف بأنّ موسكو لم تستهدف الجنوب لكون «الجيش الحر» يتمركز في قُراه ومدنه. لكن الروس الذين استطلع بعض خبرائهم العسكريين مناطق عدة في هذه البقعة الحيوية من الأرض السورية، يعلمون جيداً أنّ فيها خليطاً كبيراً من المسلحين، يبدأ من تنظيم «داعش» ولا ينتهي بتنظيم «القاعدة» بفرعه السوري، أي «جبهة النصرة». وعلمت «الأخبار» أنّ الروس أبلغوا، أول من أمس، حلفاءهم الميدانيين في الجنوب أنّ صواريخهم الجوية ستشمل هذه المنطقة أيضاً، ليعلن أول من أمس، نقلاً عن «ناشطين» معارضين، عن غارة روسية في ريف القنيطرة قرب هضبة الجولان المحتل. الغارة التي بقيت «يتيمة»، ولم تعلن نتيجتها أو حقيقة الجهة المستهدِفة، لحقتها أمس الأربعاء سلسلة غارات نوعية استهدفت مقار وتجمعات للمسلحين في نقاط عدة، أهمّها في تل الحارة وتل عنتر وتل العلاقية في ريف درعا، بعض ظهر أمس. وأكد مصدر معني في الجبهة الجنوبية، لـ«الأخبار»، أن الغارات «أصابت أهدافها بدقة عالية»، في ظلّ وضع بعض قادة المسلحين معظم مناطقهم خارج حسابات «السوخوي» في الفترة الحالية.

من المتوقّع
أن يعيد الجيش في «القريب العاجل» تحريك عدة جبهات

ويبدو أنّ هذا التطوّر النوعي سيسعّر الجبهة الجنوبية، ويعيد للجيش السوري جزءاً كبيراً من زمام المبادرة بعد إفشاله «غزوات» مدينة درعا الخمس، وإعادة سيطرته على كل النقاط والمناطق التي سيطر عليها المسلحون أخيراً في ريف القنيطرة، إضافة إلى تقدّمه الطفيف في مدينة الشيخ مسكين الاستراتيجية.
ومن المتوقّع، حسب مصدر ميداني سوري، أن يعيد الجيش السوري في «القريب العاجل» تحريك عدة جبهات في الجنوب. ويأتي ذلك منذ آخر معركة كبرى أطلقها الجيش، بمساندة حلفائه، في شباط الماضي، في مثلث درعا ــ القنيطرة ــ ريف دمشق، بهدف قطع الطرق بين ريف درعا الشمالي الغربي وريف دمشق، وبين الاول ومحافظة القنيطرة، ليشكّل ذلك حزاماً آمناً للعاصمة ووقف أي تمدّد للمسلحين.

تقدم على طريق أثريا ــ خناصر

في سياق آخر، لم تؤثّر الظروف الجوية في عمليات الجيش السوري لإعادة فتح طريق حلب (أثريا ــ خناصر)، حيث تمكن من استعادة نقاط مهمة من تنظيم «داعش»، إذ شنّ هجوماً واسعاً على طول طريق أثريا، حيث نجح في السيطرة على كامل نقاطه المتوزعة على طول طريق أثريا ــ السعن وصولاً إلى بلدة الشيخ هلال ومحيط مركز الدفاع الوطني، لتصبح الاشتباكات متركزة على الطريق بين أثريا وخناصر. وقال مصدر ميداني لـ«الأخبار» إنّه «رغم الظروف الجوية الماطرة، لم تتوقف عمليات التقدم للجيش مصحوبة بتغطية مدفعية مكثفة وبغارات لسلاح الجو الروسي والسوري». وأشار المصدر إلى أنّ «عمليات التمشيط للجيش مستمرة على طريق السعن أثريا، وصولاً إلى الشيخ هلال، لتأمين مرور التعزيزات العسكرية واستكمال العمل باتجاه خناصر، بالتزامن مع عملية مرتقبة من محور خناصر باتجاه أثريا».
ومن جهة أخرى، شنّت فصائل مسلحة هجوماً عنيفاً على نقاط الجيش في بلدة سكيك، جنوبي إدلب، حيث أفضت المعارك إلى تقدّم المسلحين إلى داخل البلدة، وانسحاب الجيش من عدة مواقع له الى نقاط خلفية، تحت غطاء ناري من القوات المتمركزة في تلة سكيك. ثم نفّذ الجيش هجوماً مضاداً لاستعادة النقاط التي انسحب منها، حيث ما زالت الاشتباكات مستمرة حتى وقت متأخر من المساء. كذلك تصدى الجيش لهجوم على نقاطه المتمركزة في محيط مورك (ريف حماه الشمالي) من محور تل الصياد ولطمين، من دون أن يتمكن المسلحون من تحقيق أي تقدم.
وأعلن «فيلق الشام» مقتل أحد قادته العسكريين، المدعو علاء عبد المعطي، خلال الاشتباكات على جبهة سكيك.
(الأخبار)