يتصرّف بعض قادة تيار المستقبل كما لو أن النائب سليمان فرنجية سيُنتَخَب رئيساً للجمهورية خلال أيام. يجزمون بأن هذا القرار صدر عن الملك السعودي، عبر ابنه ولي ولي العهد محمد بن سلمان. فكرة تيار المستقبل في البداية كانت قائمة على ضرورة عودة الرئيس سعد الحريري إلى السراي الحكومي، وهو لا يمكن أن يتحقق من دون تسوية مع حزب الله.
بدأ البحث عن أبواب للتسوية التي لا عنوان لها إلا منح رئاسة الجمهورية لفريق 8 آذار وحلفائه. السعودية تضع فيتو على النائب ميشال عون، وقوى 8 آذار لا يرضيها قائد الجيش العماد جان قهوجي، ولا الوزير السابق جان عبيد، كـ»موازن» لوجود الحريري على رأس الحكومة. من بقي من المرشحين الذين يمكن أن يُطمئنوا حزب الله وحلفاءه؟ الإجابة واحدة لا ثانية لها: سليمان فرنجية. بعد مشاورات مع النائب وليد جنبلاط، وغيره من القوى السياسية المحلية، فاتح الحريري ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالامر. تضيف رواية مستقبلية: نقل الأمير السعودي الاقتراح إلى والده الذي منح الحريري «بركته». فبدأ التواصل بين «ابن النظام السعودي» و»صديق رأس النظام السوري». فكرة المستقبل كانت في البداية طمأنة حزب الله في سبيل عودة الحريري إلى الحكم. لكن تطوّر الاحداث أظهر 3 عقبات أمام التسوية: أولاً، طمأنة حزب الله لا تصدر بقرار سعودي لا يأخذ بعين الاعتبار خيارات الحزب وتعهداته؛ ثانياً، العماد ميشال عون لن يقبل بالتراجع عن ترشيحه للرئاسة وفق قاعدة «مسايرة موجة تسوية لم يكن جزءاً منها»؛ وسمير جعجع يرفض المضي بالتسوية التي ستأتي بأعتى خصومه المسيحيين رئيساً، من دون ولو إعلامه بحيثيات ما يجري، قبل الحديث عن استشارته.
الحريري اقترح التسوية
على بن سلمان فنالت «بركة» الملك السعودي


خلال الايام الماضية، جرى التواصل بين حزب الله وعون، وبين الأخير وجعجع. حزب الله لا يعارض ــ بالمبدأ ــ وصول فرنجية إلى قصر بعبدا. هو حليف وثيق له. لكن مرشح الحزب هو عون. أحد موفدي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى الرابية قال لعون قبل أيام، نقلاً عن لسان السيد: «أنت وأنا واحد. ولن نمضي في أي تسوية رئاسية لا توافق عليها. وما دمت أنت مرشحاً، فنحن ندعم ترشيحك». هذا الكلام كان كافياً لطمأنة الجنرال والفريق المحيط به. ويعمل الحزب على تأمين تواصل بين عون وفرنجية، لكنه لم يُفلح في ذلك بعد. وأراد رئيس تيار المردة استغلال انعقاد طاولة الحوار أمس ليكسر الجليد مع عون، لكنه لم يفلح، لأن رئيس تكتل التغيير والإصلاح تغيّب عن الجلسة. وفسّر كثيرون عدم مشاركته في الحوار بأنه لم يكن يرغب في لقاء فرنجية بصورة «عَرَضية».
في المحصلة، الحريري يبدو مصرّاً على «التسوية» التي يرى فيها منافع، تبدأ من عودته إلى رئاسة الحكومة، ولا تنتهي بخلق أزمة داخل فريق 8 آذار. لكن اقتراح الحريري يُنذر بإطالة أمد الفراغ الرئاسي. فإذا لم تتحقّق التسوية على المرشح الرئاسي الأكثر قرباً من الرئيس السوري بشار الأسد، واستمرت السعودية في وضع فيتو على اسم العماد عون، فمن هو المرشح الذي سيتم التوافق عليه في المدى المنظور، وخاصة في ظل ارتفاع حدة الصراع الإقليمي من دون بوادر لحل قريب؟
جلسة «الحوار الوطني» أمس، في عين التينة، لم تخرج عن عادة سابقاتها، باستثناء حرص بعض شخصيات 14 آذار على التودّد إلى فرنجية. وعدا ذلك، استعاد المشاركون النقاشات التي باتت تقليدية. رئيس الحكومة تمام سلام أكّد أن أزمة النفايات في طريقها إلى الحل عبر خيار الترحيل، وأنه سيدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء. النائب إبراهيم كنعان، ممثلاً عون، أكّد استعداد تكتل التغيير والإصلاح لحضور جلسة لمجلس الوزراء محصورة بملف النفايات، معيداً التذكير بـ»مشكلة التعيينات الأمنية والعسكرية، وعدم جواز الاستمرار في مخالفة القوانين عبر التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين». وعندما طُرح على بساط البحث ملف قانون الانتخابات، قال رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة إن قانون الانتخابات النيابية يجب ألا يكون «ذريعة للتجييش من خلال ربطه بمسألة الشراكة». ولفت السنيورة إلى أن اتفاق الطائف نص على إنشاء مجلس للشيوخ تتمثّل فيه الطوائف. وردّ الرئيس نبيه بري على السنيورة مرحّباً باقتراح مجلس للشيوخ، لكنه لفت إلى ضرورة الالتزام بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلس النواب أيضاً. وردّ كنعان بدوره على السنيورة سائلاً عن تكوين السلطة في لبنان، وما إذا كان يتم في مجلس النواب أو في مجلس الشيوخ، من خلال انتخاب رئيس للجمهورية واختيار رئيس للحكومة ومنح الحكومة الثقة. ولفت إلى أنه ما دام تكوين السلطة يتم انطلاقاً من مجلس النواب، فلا بد من مراعاة مبدأ الشراكة فيه، وفي قانون الانتخابات. وقد سبق الجلسة خلوة بين بري وفرنجية، وتلتها أخرى بين برّي وسلام.