لا يخفي رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد غضبه من العدد الأخير لمجلة «الشراع» الذي يحمل صورته على الغلاف مع عنوان يسخر من زيارته الأخيرة للسعودية. «غضب وقرف» بلغا حدهما لدى «أبو حسين»، بعد أشهر من الحملات الممنهجة ضده، التي «يقف خلفها تيار المستقبل». لكنه يستدرك بأنه «أمر طبيعي بين الخصوم السياسيين، ولا سيما عندما يكون نواب الخصوم في البقاع الغربي وغيره لا يخدمون الناس ولا يمثلون نسبة كبيرة منهم، إنما فازوا بالمال والتحريض المذهبي». يشير إلى عشرات الصور في مكتبه الخاص لجامعات ومدارس ودور أيتام شيدها منذ عام 1978 في البقاع والمناطق، ويلفت إلى ما سمعه من رئيس بلدية شمالي بعد افتتاحه فرعاً للجامعة اللبنانية الدولية في عكار أخيراً: «أنت تصدّر لنا العلم وهم يصدّرون لنا الزبالة».
لهذا، فإن ما يصفها بـ «الحرب الشعواء على التجربة المرادية»، تعكس «إحراج المستقبل العاجز عن تلبية أمور الناس وحاجاتهم».
لكن كيف تطورت الحرب؟ قبل نحو ثلاثة أشهر، قصد مراد الرئيس فؤاد السنيورة وطرح عليه إطلاق حوار سني ــــ سني اقتداءً بالمكونات السياسية في الطوائف الأخرى: «فلنتحاور ونصل إلى موقف موحد، واضعين القضايا الخلافية من سلاح المقاومة والأزمة السورية جانباً»، مستنداً إلى مبادرة المستقبل للتحاور مع حزب الله «فلماذا لا يتحاور مع الأفرقاء السنّة؟». بحسب مراد، لم يكلف السنيورة نفسه عناء تقديم مبررات رفض الاقتراح. اكتفى بـ «لا نرغب» فقط.
سمعت من السعوديين: كنا نلتقي طرفاً واحداً والآن منفتحون على الجميع
فسّر رد السنيورة بأنه وجماعته «لا يعترفون بوجود مكونات أخرى على الساحة السنية»، علماً بأن الدعوة لم تكن الأولى. في وقت سابق، أقنع مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان بالدعوة إلى عقد لقاء وطني سني جامع في دار الفتوى، من دون أن يتمكن الأخير من عقده. لاحقاً، نجح مراد وحلفاؤه في تنظيم «قمة سنية» في عائشة بكار بعد أن أحيا اللقاء الوطني قبل أشهر. لكن المشهد ظل ناقصاً. في عائشة بكار أيضاً سبب آخر لحساسية المستقبل من مراد. لا ينسى السنيورة أن رئيس حزب الاتحاد أسهم في حل الأزمة مع المفتي السابق الشيخ محمد رشيد قباني وإنجاز المبادرة المصرية وإقناع أصدقائه السوريين والمصريين بالموافقة على دريان. رغم إدراكه أن المفتي محسوب على الفريق الأزرق «دعمته لكي لا نشق صفوف الطائفة بعد أن كان قباني والرئيس تمام سلام يدعوان لانتخاب مفتيين اثنين».
تحرك ملف الوقف ضد مراد أمام القضاء بعد عودته من زيارة لروسيا بدعوة من نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. بعد موسكو، حطّ في القاهرة التي شهدت تبادلاً لزيارات وفود أمنية وديبلوماسية بين مصر وسوريا بعدما أسهم في إيصال رسائل الود المتبادلة التي أفضت إلى زيارة اللواء علي مملوك للقاهرة. الشعور بـ «المزاحمة على الساحة الإقليمية» اكتمل مطلع الأسبوع الماضي عندما زار السعودية لأداء العمرة في الظاهر. الزيارة أعقبت مناخاً سعودياً مستجدّاً للانفتاح على مختلف الأفرقاء بعد أن كان الاهتمام محصوراً بالمستقبل «فجنّ جنونه». «ساد الظن بأن زيارتي أولى بوادر الانفتاح» قال مراد.
حركتي تحرج «المستقبل»
العاجز عن تلبية أمور الناس وحاجاتهم
خلال العمرة، أدلى بحديث لموقع سعودي جدد فيه مواقفه من اعتبار العدوان السعودي على اليمن «دفاعاً عن النفس، والمملكة جزءاً من العمود الفقري للأمة العربية، وأن تسييس أحداث الحج خطأ كبير». بعد المقابلة، رتب صديق مقيم في السعودية لقاءين له مع مسؤولَيْن رفيعَين، سياسي وأمني. ينقل مراد عن أحد المسؤولين اللذين شكراه على مواقفه قوله: «كنا نلتقي مع طرف واحد، والآن نحن منفتحون على الجميع». وهو يجد في الأداء السعودي المستجد «إعادة تقويم للسياسة السابقة التي لم تعد تجدي نفعاً، خصوصاً في ظل أزمات المستقبل المتلاحقة والتباين السياسي بين أعضائه». تواصله مع السعوديين اقتصر سابقاً على لقاء السفراء في بيروت وعلى لقاء في الرياض مع وزير التعليم العالي السعودي. بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قصد السفير السعودي السابق عبد العزيز الخوجة برفقة المفتي قباني، مناشداً إياه عقد لقاء يجمع الأفرقاء السنّة حماية للطائفة من الانشقاق، لكن طلبه قوبل بـ «التطنيش».
حركته الأخيرة أعادت الى الأذهان تسمية 8 آذار له رئيساً للحكومة، إلا أنه يرى أن الأولوية لانتخابات نيابية وفق قانون النسبية وانتخاب رئيس جمهورية «إذا مش ميشال عون، سليمان فرنجية». لكنه عاتب على الرئيس نبيه بري لحصره طاولة الحوار بـ 18 شخصاً «لا يمثلون ربع الشعب».





مراد والمستقبل أمام القضاء

بدعم من قيادات في المستقبل، شكل الموظفان السابقان في مؤسسات عبد الرحيم مراد، عمر مراد وعمر الصيفي، «هيئة حماية وقف جمعية النهضة الإسلامية الخيرية»، ورفعا دعويين ضده أمام المحكمة الشرعية في جب جنين: الأولى لوقف انتخابات الجمعية التي كانت مقررة في 30 تشرين الأول الفائت لعدم شرعيتها «بعد تقليص عدد أعضاء الهيئة العامة من 280 شخصاً إلى 133 من دون وجه حق». والثانية «محاسبة متولي الوقف» وكف يده وعزله عن وقف «النهضة» ووقف مؤسسات «الغد الأفضل» بسبب «استئثار بأموال الوقف وتحويله إلى مؤسسة عائلية والعبث بأموال الوقفين». يقول مراد: «أنا من أنشأ الوقف لأحميه من البيع واشترطت إجراء انتخابات كل 3 سنوات لكي لا أكون متولياً مدى الحياة». أما عن تقليص عدد الهيئة، فالسبب «تشحيل الأعضاء الذين يتغيبون عن الاجتماعات أو الذين لا يهتمون للعضوية». يشتمّ مراد رائحة مؤامرة زرقاء من وراء الدعويين، مؤكداً أن المستقبل استقطب «العمرين» بعدما استقطب قبلهما أكثر من 10 مقربين منه، أبرزهم الوزير السابق محمد رحال.