أربع منصات الكترونية تتوزع بين الطبقتين الأرضية والأولى من المتحف الوطني تدخله في عالم التكنولوجيا. ألعاب، زيارات افتراضية للمتحف، أفلام وثائقية عن لبنان تهدف الى جذب اليافعين الى التراث وتعريفهم إليه على نحو مسلٍّ. وضعت المنصات في المتحف ضمن إطار مشروع «أساسات لمستقبل متين» المموّل من الاتحاد الأوروبي ضمن برنامج التراث الأوروبي المتوسطي 4.وكانت جمعية مرسي كور قد نفذت المشروع في لبنان والأردن بالشراكة مع وزارة الثقافة اللبنانية ـــــ المديرية العامة للآثار. ودام العمل على المشروع الذي يهدف الى تعزيز التراث الثقافي فترة تزيد على سنتين، وكان ختامها المنصات الإلكترونية التي تعمل على اللمس وتبرز عدة أوجه من المتحف ولبنان في آن. وخلال السنتين الماضيتين، عملت جمعية مرسي كور على تحفيز ما يزيد على مئتي شاب وشابة من لبنان من مختلف المناطق لتعريفهم على التراث في مناطقهم، وورشات العمل التي أقاموها تضمنت إخراج أفلام وثائقية قصيرة عن مناطقهم كما يرونها. فأتى فيلم طرابلس مثلاً مسلياً وترفيهياً، وفي الوقت نفسه تثقيفياً عن تراث المدينة وحلوياتها، في حين وقع وثائقي بعلبك في فخ الفولكلور والمشاهد المعروفة.
واستخدمت جمعية مرسي كور المنصات في المتحف لتروج لهذه الوثائقيات الشابة في ملف خاص بها، أما الملفات الباقية فهي مخصصة للمتحف الوطني. وبإمكان الزائر، مثلاً، أن يتعرف على بعض من القطع المعروضة أو المشاركة في الألعاب مثل كتابة الاسم بالفينيقية، أو تحديد الخطأ في الرسومات. ليست كل الألعاب سهلة. والبعض منها يتطلب تركيزاً واسعاً ومعرفة مسبقة، لكنها محفزة لمن يحب التاريخ والقطع الأثرية. ولكن المشكلة فيها هي أنها مؤقتة، أي يجب أن تنتهي الجولة بأقل من دقيقة أو يقفل الحاسوب... ما يزيد من صعوبتها.
بالطبع أربع منصات ليست كافية، وخاصة أنه لا يمكن أن يتعدى عدد المشاركين في اللعبة ثلاثة أشخاص، لكنها بداية. إنها بداية تحديث المتحف وإدخاله في عالم التكنولوجيا. ويجب التذكير بأن عدد الموظفين في المتحف الوطني في بيروت لا يتعدى الشخصين: مديرة المتحف والمسؤول عن المخازن، وكان العاملون فيه قد استقالوا أو تقاعدوا خلال السنين الماضية، وبما أن التوظيف في الدوائر الرسمية بات من المستحيلات إلا بقرار من مجلس الوزراء أو عبر مجلس الخدمة المدنية، فإن الدوائر تدفع الثمن، وأولاها المتحف الوطني. ويدفع هذا الواقع الأليم الجمعيات الى العمل على تحسين المتحف وتطويره لكي لا يتخطاه الزمن المعاصر.