أول من امس، كانت الخطوة الأولى. أعلنت وزارة الصحة من «دار» تعاونية موظفي الدولة عن «البشرى السارّة» للمصابين بأمراض سرطانية ومستعصية. فمنذ الأول من الشهر الجاري، بات بإمكان هؤلاء، المنتسبين للتعاونية، الحصول على أدويتهم «ببلاش». هذا ما قاله وزير الصحة العامة، وائل أبو فاعور، معلناً بدء «تطبيق تغطية الـ100% على أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية، بعد التجاوب السريع للتعاونية مع الطلب الذي كانت قد تقدمت به الوزارة في هذا الصدد».هذا القرار، الذي دخل حيز التنفيذ، سيعفي المرضى من «الأعباء المالية الإضافية، وخصوصاً أنّ الفرق (نسبة الـ5% العائدة للتعاونية) الذي كان عليه أن يدفعه يوازي دخله الشهري أحياناً، نظراً لغلاء أسعار تلك الأدوية»، يتابع أبو فاعور. وهي «فروق» تتخطى في بعض الأحيان «ألفاً أو ألفي دولار»، على ما يؤكد المدير العام للتعاونية، يحيى خميس.
كان تجاوباً «سريعاً»، بعكس الحال مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الواقف عند مفعول الجلسة الـ«فوق العادة»، أواخر أيار الماضي، التي جرى خلالها «التوافق على زيادة مساهمة الضمان لأدوية أمراض السرطان والتصلّب اللويحي والضغط الرئوي والتليّف الرئوي من 95 إلى 100%».
التهليل الذي رافق جلسة أيار الماضي وقف هناك، فالصندوق الوطني، بحسب أبو فاعور، «انقلب على الأمر في ليلة ليلاء، برغم التصويت عليه، وأنكروه قبل طلوع الضو».
يعود أبو فاعور في روايته للعلاقة مع الصندوق من المطلب الأساس الذي كانت قد طرحته وزارة الصحة على الضمان، والذي يقضي بـ«تطبيق تعرفة الـ100% على أدوية الأمراض المستعصية والسرطانية التي يتخطى سعرها 650 ألف ليرة لبنانية»، منطلقاً من «وفر» تحقّق للصندوق من «الحسومات» المتلاحقة على فاتورة الدواء. هذا الوفر الذي تقدّره وزارة الصحة ما بين «54 إلى 60 مليون دولار»، مطلوب منها «10 إلى 12 مليون دولار لتأمين التغطية الشاملة للأدوية التي يتخطى سعرها 650 ألف ليرة»، يتابع أبو فاعور. يومذاك، «اتفقنا على تقسيم الأمر إلى مراحل، على أن تبدأ المرحلة الأولى بأدوية أربعة أمراض مستعصية لتتبعها في وقتٍ لاحق البقية». فما الذي حصل؟ يقول أبو فاعور: «استحالت الأمور نقاش أرقام».
نقاش الأرقام، بحسب أبو فاعور، في جزء منه «صحيح»، تقول مصادر الصندوق. ولكنه نقاش من بندين: البند الأوّل الذي يغفله وزير الصحّة، والمتعّلق بذمة الدولة «الفضفاضة». وهؤلاء أيضاً يتحدثون عن حكاية لهم مع الدولة التي بدأت «قبل ثلاث سنوات، مع تراكم مستحقات الصندوق لدى الأخيرة، التي تبلغ حتى اليوم ألفا و200 مليار ليرة لبنانية لصندوق المرض والأمومة لم يُدفع منها سوى 10% أي بحدود 120 ملياراً». وهذا يجب حسابه أيضاً من ضمن «المطالب». أما البند الثاني، فهو المتعلّق بالإتفاق على أدوية الأمراض الأربعة الذي لم يُوافق عليه بعد. وهنا، تلفت المصادر إلى أن «هناك معارضة من بعض المندوبين في مجلس الإدارة، وهي معارضة تتعلق بالتكلفة المالية، وبحسب دراسة، تكلّف هذه التغطية 5 مليارات ليرة لبنانية زيادة». وهي ستضاف بالتالي الى ما في ذمة الدولة طبعاً. انطلاقاً من هنا «أتت المعارضة، وهي للأسف تأتي من مندوبي الدولة، ولهذا لم نوافق على القرار بعد». ويرى هذا المصدر أن «لهذه المعارضة مبرر منطقي، إذ تكبّد الصندوق مبالغ إضافية ولا نستطيع حذو حذو آخرين يستطيعون أن يغرفوا من خزينة الدولة (قد ما بدهن)».
في عودة إلى القرار، يشير إلى أنّه في المرحلة الأولى «أخذنا القرار بموافقة 14 مندوباُ، في ظل معارضة اثنين». كان ذلك منذ ثلاثة أشهر «عندما اجتمع مجلس الإدارة بهذا الخصوص لمّا كان الحضور 16 و17 مندوبا» أما اليوم، فنواجه تحدياً من نوع أننا لكي نوافق على القرار نحتاج لأصوات 14 مندوباً «وما عم يركب معنا إلا 15 لحضور جلسات مجلس الإدارة، فهناك من توفى ومن تقاعد.. ومن يعارض، ولمّا يكون هيدا العدد وهناك 2 معارضين، رح يسقط القرار». وسقوطه يعني «نكسة لنا وللذين وُعدوا».
يأمل هذا الأخير أن «يأتي الوقت المناسب الذي يصوّت على هذا القرار، الذي من المفترض أن يستتبع بقرار من مجلس الوزراء لكي يصبح نافذاً»... وإلّا «فليجرّب وزير الوصاية، وزير العمل سجعان القزي الدعوة لجلسة خاصة وسنحضر فيها، ومتل ما خجلوا بالمرّة الماضية بركي بيخجلوا هالمرّة»!