خطا الرئيسان الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب أردوغان، خطوة مهمة أمس في مسار إعادة تطبيع العلاقات بين بلديهما، الذي كانا قد أطلقاه في شهر حزيران الماضي. وتوصل الرئيسان في اجتماعهما الثالث منذ عودة العلاقات إثر أزمة إسقاط المقاتلة الروسية، والذي دام لنحو ساعة وأربعين دقيقة في إسطنبول، إلى إعلان تقارب في وجهات النظر بشأن الوضع القائم في مدينة حلب السورية، وإلى توقيع البلدين اتفاقاً (جديداً) لبناء خط الأنابيب "تورك ستريم" لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر البحر الأسود، إلى جانب إعلان فتح الأسواق الروسية أمام البضاعة التركية مجدداً.وبكلام واضح ومباشر، قال الرئيس الروسي: "نتشارك مع تركيا تأكيد ضرورة بذل جميع الجهود لإيصال المساعدات الإنسانية إلى حلب"، مستدركاً أنّ "المشكلة هي في تأمين تلك القوافل"، وموضحاً في الوقت نفسه أنه أبلغ نظيره التركي "أن الطرف الأميركي رفض العرض الروسي بانسحاب القوات الحكومية والمعارضة من طريق الكاستيلو لمنع أي احتمال لوقوع هجمات ضد القوافل، فإما أنهم لا يستطيعون، أو أنّ هناك أسباباً أخرى تقف خلف رفضهم". وأعرب عن أمله بأن تشكّل هذه النقطة "جزءاً من نقاشات اللقاء الذي سيجري في سويسرا يوم السبت المقبل" الذي سيكون مخصصاً لمناقشة الوضع في سوريا، وخاصة في حلب، وسيحضره وزيرا الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والأميركي، جون كيري، وسط احتمال أن تشمل المشاركة الإقليمية حضور وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف.
وفي نقطة مهمة ولافتة، أعلن بوتين اتفاقه "مع الرئيس التركي على القيام بكل ما بوسعنا لمساندة مبادرة مبعوث الأمم المتحدة (دي ميستورا) لإخراج المجموعات المسلحة التي لا ترغب في تسليم سلاحها من المدينة (حلب)، بهدف وقف نزف الدم"، مشدّداً كذلك على ضرورة المضي قدماً بالعملية السياسية في سوريا.
بوتين: نعمل لإخراج المجموعات التي لا ترغب في تسليم سلاحها من حلب

وفيما بدا واضحاً تشديد بوتين على أنه لم يعد من وجود للعداء الشخصي بين الرجلين، وذلك عبر شكره لأردوغان على "الاهتمام الذي كرّسه لتطوير العلاقات التركية الروسية"، كان الرئيس التركي قد قال خلال المؤتمر الصحافي المشترك: "قضينا يوماً حافلاً مع الرئيس (بوتين)، وتوّج اللقاء بتوقيع اتفاقيات بين البلدين بحضورنا، وأنا على ثقة تامة بأن مرحلة تطبيع العلاقات بين تركيا وروسيا ستتواصل بسرعة".
وأضاف الرئيس التركي، الذي كان قد ثمّن خلال كلمته ضمن مؤتمر الطاقة "تضامن المشاركين مع بلاده ضد محاولة الانقلاب الفاشلة"، واعتبرها "رسالة لهؤلاء الذين يحجمون حتى اليوم عن دعم تركيا بشكل صريح (لم يسمهم)"، أنه "بخصوص محطة آق قويو للطاقة النووية، فإنّ الجانبين يمتلكان موقفاً واضحاً حول ضرورة استمرار العمل بهذا المشروع وبسرعة في المرحلة المقبلة، وأعتقد أنه سيتم تعويض الوقت الذي خسرناه".
وفي الشأن الإقليمي، شدد أردوغان على أن "التطورات الراهنة في المنطقة مسألة في غاية الأهمية، تمكنّا من تناول القضايا المتعلقة بسوريا بالتفصيل، وتحدثنا عن عملية درع الفرات، وإمكانيات التعاون في هذا السياق، كذلك أجرينا تقويماً بشأن حلب، والاستراتيجيات الممكن وضعها والعمل بها من أجل جلب السلام والاستقرار لسكان المدينة".
وجدير بالذكر، أنّ رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، صرّح، في مقابلة نشرتها وكالة "سبوتنيك" الروسية أمس، بأن تباين وجهات النظر بين الولايات المتحدة وروسيا يزيد الوضع صعوبة في سوريا، مضيفاً أنّ دور بلاده الإقليمي في "المرحلة الحالية، يتمثل في محاولة جمع الولايات المتحدة وروسيا، وإيران وحتى المملكة العربية السعودية، لحل الأزمة السورية وإيقاف الدماء المسالة، ومنع مقتل الناس الأبرياء والضعفاء هناك". وأشار إلى أن غياب الإرادة الأميركية بسبب انشغال واشنطن بالانتخابات الرئاسية، فتح الباب أمام تطورات سلبية بالمنطقة.

"تورك ستريم"

يعدّ اتفاق الدولتين على بناء خط الأنابيب "تورك ستريم" (خطا أنابيب) بحلول عام 2019، مؤشراً مهماً على عودة العلاقات إلى طبيعتها بين الدولتين، خاصة أنّ من المقرر أن تكون قدرة الضخ السنوية لكل خط 15,75 مليار متر مكعب من الغاز، ما يعني ضخ أكثر من 30 مليار متر مكعب. وفقاً للرئيس التنفيذي لـ"غاز بروم"، ألكسي ميلر، فإن الخط الأول سيستخدم لنقل الغاز إلى المستهلكين الأتراك، فيما يصل الخط الثاني إلى أوروبا عبر البحر الأسود.
وكشف عن هذا المشروع الاستراتيجي نهاية 2014 في الوقت الذي جرى فيه التخلي، في خضم الأزمة الأوكرانية، عن مشروع ساوثستريم في البحر الأسود الذي يعرقله الاتحاد الأوروبي.
(الأخبار)